الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        كذب أصحاب الأيكة المرسلين [176]

                                                                                                                                                                                                                                        وقرأ أبو جعفر ونافع (أصحاب ليكة المرسلين) وكذا قرأ في "صاد"، وأجمع القراء على الخفض في التي في سورة "الحجر" والتي في سورة "ق" فيجب أن يرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه إذ كان المعنى واحدا، فأما ما حكاه أبو عبيدة من أن ليكة هي اسم القرية التي كانوا فيها وأن .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 190 ] الأيكة اسم البلد كله فشيء لا يثبت ولا يعرف من قاله، وإنما قيل: وهذا لا تثبت به حجة حتى يعرف من قاله فيثبت علمه، ولو عرف من قاله لكان فيه نظر لأن أهل العلم جميعا من أهل التفسير والعلم بكلام العرب على خلافه. روى عبد الله بن وهب عن جرير بن حازم عن قتادة قال: أرسل شعيب صلى الله عليه وسلم إلى أمتين أي قومه أهل مدين وإلى أصحاب الأيكة قال: والأيكة غيضة من شجر ملتف، وروى سعيد عن قتادة قال: كان أصحاب الأيكة أهل غيضة وشجر، وكانت عامة شجرهم الدوم، وهو شجر المقل، وروى جويبر عن الضحاك قال: خرج أصحاب الأيكة يعني حين أصابهم الحر فانضموا إلى الغيضة والشجر فأرسل الله عليهم سحابة فاستظلوا تحتها، فلما تتاموا تحتها أحرقوا، ولو لم يكن في هذا إلا ما روي عن ابن عباس قال: تحتها الشجر. ولا نعلم بين أهل اللغة اختلافا أن الأيكة الشجر الملتف. فأما احتجاج بعض من احتج لقراءة من قرأ في هذين الموضعين بالفتح بأنه في السواد ليكة فلا حجة له فيه، والقول فيه إن أصله الأيكة ثم خففت الهمزة فألقيت حركتها على اللام وسقطت واستغنيت عن ألف الوصل لأن اللام قد تحركت فلا يجوز على هذا إلا الخفض كما تقول: مررت بالأحمر على تحقيق الهمزة ثم تخففها فتقول: مررت بلحمر. فإن شئت كتبته في الخط كما كتبته أولا، وإن شئت كتبته بالحذف، ولم يجز إلا بالخفض فكذا لا يجوز في الأيكة إلا الخفض. قال سيبويه : واعلم أن كل ما لا ينصرف إذا دخلته الألف واللام أو أضيف انصرف إذا دخلته، ولا نعلم أحدا خالف سيبويه في هذا .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية