[ ص: 207 ] الباب الخامس
في سنن الصلاة
nindex.php?page=treesubj&link=21369والسنة في اللغة لها ثلاثة معان : السيرة ، وصورة الوجه ، وتمر
بالمدينة ، والسنن الطريقة ويقال : بالفتح في السين والنون وضمهما وضم السين فقط .
nindex.php?page=treesubj&link=21369والسنة في الشرع لها خمسة معان : ما يلفى شرعه من النبي - عليه السلام - من غير القرآن فيقال هذا ثابت بالكتاب والسنة قولا كانت السنة أو فعلا ، وعلى فعله دون قوله ، وعلى فعله الذي هو واجب عليه نحو الوتر وقيام الليل ، وعلى ما تأكد من المندوبات مطلقا ، وعلى ما يقتضي تركه سجود السهو في الصلاة عند بعض المالكية نحو صاحب الجلاب وجماعة معه ، والكلام هاهنا على القسمين الأخيرين في الصلاة مجملا ومفصلا ، فنقول : سنن الصلاة اثنتان وعشرون سنة .
السنة الأولى والثانية :
nindex.php?page=treesubj&link=1567الجهر فيما يجهر فيه وهو الأوليان من المغرب والعشاء ، وجملة الصبح ، والوتر ، والجمعة ، والعيدان ، والاستسقاء ،
nindex.php?page=treesubj&link=1568والسر فيما يسر فيه وهو ما عدا ذلك . قال في الكتاب والجهر : أن يسمع نفسه وفوق
[ ص: 208 ] ذلك قليلا ، والمرأة دون الرجل في ذلك ، قال صاحب الطراز : السر ما لا يسمع بأذن أصلا ، والجهر ضده وأقله إسماع من يلي المصلي إذا أنصت إليه .
nindex.php?page=treesubj&link=1567والإمام يرفع صوته ما أمكنه ; ليسمع الجماعة ، والمنفرد بين ذلك لما في الموطأ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348573خرج - عليه السلام - على الناس وهم يصلون ، وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال : إن المصلي يناجي ربه فلينظر ما يناجيه به ، ولا يجهر بعضكم على بعض في القراءة ، وفي البيان لا يجوز أن يفرط المسبوق في الجمعة إذا كان بجنبه مثله لئلا يخلط عليه ، ولا أن
nindex.php?page=treesubj&link=1567يرفع صوته في النافلة إذا كان بجنبه من يصلي ،
nindex.php?page=treesubj&link=1567والمرأة تأتي بأقل مراتب الجهر ; لأن صوتها عورة .
فائدة :
قال صاحب الطراز : كان - عليه السلام - يجهر في صلاته بالنهار فكان المنافقون يجدون بذلك وسيلة فيصفرون ويكثرون اللغط ، فشرع
nindex.php?page=treesubj&link=1568الإسرار حسما لمادتهم .
السنة الثالثة والرابعة
nindex.php?page=treesubj&link=1566سورة مع أم القرآن والقيام لها في الركعتين الأوليين والمنفردتين ، قال في الكتاب : إن تركها صحت صلاته وهو مذهب الجمهور ; لقوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348574لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ، قال
المازري : وأوجب
عمر - رضي الله عنه - زيادة على الفاتحة ، وحده غيره بثلاث آيات ، وقيل ما تيسر ، وخرج
اللخمي قولا بالوجوب ، وفيه نظر ، وروي عن
مالك أنها فضيلة لا توجب سجودا والأفضل الاقتصار على صورة العمل ، ويجوز
[ ص: 209 ] nindex.php?page=treesubj&link=1566الجمع بين سور ; لقول
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود - رضي الله عنه - لقد عرفت النظائر التي كان - عليه السلام - يقرن بينها ، وذكر عشرين سورة ويمكن حمله على النوافل ، وإذا قرأ سورة قرأ ما بعدها اتباعا لترتيب المصحف ، فلو قرأ ما قبلها جاز ولو
nindex.php?page=treesubj&link=1566اقتصر على بعض سورة ، قال صاحب الطراز : قال
مالك : لا يفعل فإن فعل أجزأه وهو المشهور ، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي لا بأس بذلك . حجة المشهور : أنه الغالب من فعله - عليه السلام - وفعل الصحابة - رضوان الله عليهم - بعده وفي
أبي داود nindex.php?page=hadith&LINKID=10348575أنه - عليه السلام - صلى الصبح بمكة فاستفتح سورة المؤمنون حتى جاء ذكر موسى وهارون وعيسى عليهم السلام أخذته - عليه السلام - سعلة فركع ، وفي الموطأ أن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - قرأ في ركعتي الصبح بالبقرة ، قال في الكتاب : ولا
nindex.php?page=treesubj&link=1566يقضي ما نسيه من ركعة في ركعة أخرى ، وقال ( ح ) : يقرأ في الأوليين من الظهر فإذا نسي قرأ في الأخريين . لنا أنها لو قضيت لقضيت الأركان بطريق الأولى وليس يباين حجتنا على عدم قراءتها في الركعتين الأخيرتين ، خلافا ( ش ) ما في الصحيحين أنه - عليه السلام - كان
nindex.php?page=treesubj&link=1566يقرأ في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب ، وسورة ويسمعنا الآية أحيانا ، وكان يطول في الركعة الأولى من الظهر ، ويقصر الثانية وكذلك في الصبح ، ويقرأ في الركعتين الأخيرتين بفاتحة الكتاب . احتج ( ش ) بما في
مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348576كنا نحزر قيامه الركعتين الأوليين من الظهر قدر ( الم تنزيل ) : [ ص: 102 ] السجدة ، وحزرنا قيامه في الأخيرتين قدر النصف من ذلك ، وحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من العصر على قدر قيامه في الأخيرتين من الظهر ، وفي الأخيرتين من العصر على النصف من ذلك ، وفي الموطأ : أن
عبد الله بن عمر كان إذا صلى وحده يقرأ في الأربع في كل ركعة بأم القرآن وسورة ، وكان يقرأ أحيانا بالسورتين والثلاث في الركعة الواحدة من الفريضة .
والجواب عن الأول : أن ما ذكرناه أرجح ; لأنه مبين ، وما ذكرتموه حزر ، وعن الثاني أنه محمول على النافلة بدليل ذكر الفريضة بعده ، ولأنه يعارض بعمل
المدينة .
السنة الخامسة
nindex.php?page=treesubj&link=1569التكبير ما عدا تكبيرة الإحرام ، قال
اللخمي : وقيل هو فضيلة ، وقال صاحب المقدمات : وقيل التكبيرة الواحدة سنة وقد تقدم البحث في معناه في تكبيرة الإحرام في الأركان ،
nindex.php?page=treesubj&link=1569وهو عندنا مشروع في كل خفض ورفع ، خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=16673لعمر بن عبد العزيز وجماعته لما أطبق عليه المسلمون في سائر الأمصار ، ولأن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة صلى وكبر للرفع والخفض ، وقال : إني لأشبهكم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم . قال
المازري : وقد رأى بعض المتأخرين أن مقتضى الروايات وجوبه لقوله في تاركه : إن لم يسجد وطال بطلت صلاته ، وقال بوجوبه
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابن حنبل . لنا حديث الأعرابي المسيء لصلاته ، قال في الكتاب : يكبر للركوع والسجود إذا شرع فيه ، ولا يكبر بعد التشهد حتى يستوي قائما ووافقه ( ح ) ، وخالفه ( ش ) . لنا ما في
أبي داود أنه - عليه السلام - كان إذا قام من الركعتين
[ ص: 211 ] كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ، كما يكبر عند افتتاح الصلاة ، ولأن التكبير شرع في الصلاة متصلا بما ينتقل منه وإليه فلا يخرج من ركن إلا ذاكرا ، ولا يدخل في ركن إلا ذاكرا ، وكذلك لا يدخل في الصلاة إلا ذاكرا بتكبيرة الإحرام ، ولا يخرج منها إلا ذاكرا بالتسليم ، والجلوس ليس بركن لصحة الصلاة بدونه إجماعا فكان التكبير بعده للقيام فيكون في أوله كقيام أول الصلاة ، ولأن الصلاة فرضت مثنى مثنى ، ثم زيد في صلاة الحضر كما في الموطأ فقد كان التشهد قبل بغير تكبير فتكون التكبيرة للزيادة في ابتدائها أول القيام .
السنة السادسة والسابعة :
nindex.php?page=treesubj&link=1554الجلسة الوسطى والمقدار الزائد بعد جلوسه الواجب للسلام ، دليل عدم وجوبها أنه - عليه السلام - لما تركها سجد قبل السلام ، قال في الكتاب : الجلوس كله سواء يفضي بأليتيه إلى الأرض وينصب رجله اليمنى وظاهر إبهامها مما يلي الأرض ويثني رجله اليسرى ، وقال ( ح ) : يفرش اليسرى فيقعد عليها وينصب اليمنى ويوجه أصابعه للقبلة ، ووافقه ( ش ) إلا في الجلسة الأخيرة فقال : يخرج رجله من الجانب الأيمن ، ويفضي بأليته إلى الأرض ، وقول ( ح ) في
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عنه - عليه السلام - وقول ( ش ) في
أبي داود عنه - عليه السلام - ويترجح قول
مالك بالعمل فقد نقله في الموطأ عن جماعة من الصحابة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : هو السنة . فرعان :
[ ص: 212 ] الأول : سنة الجلوس أن يرفع يديه على فخذيه فإن لم يفعل ، ففي النوادر عن بعض أصحابنا يعيد الصلاة لما في
أبي داود عنه - عليه السلام - أنه قال : اليدان تسجدان كما يسجد الوجه فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه ، وإذا رفع فليرفعهما ، قال صاحب الطراز : والأصح عدم الإعادة ; لأنها تبع .
الثاني : قال صاحب الطراز : المعروف من المذهب قبض اليمنى إلا المسبحة يبسطها وهو قول الجمهور ، وقال في المبسوط : لا يبسطها وهو في
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عنه - عليه السلام - والأول في الموطأ عنه - عليه السلام - وفي السبابة ثلاثة أقوال فروي عنه أنه كان يحركها من تحت البرنس ، وقال
ابن القاسم : تمد من غير تحريك وكان
يحيى بن عمر يحركها عند الشهادة فقط فالسكون إشارة إلى الوحدانية والتحريك في
مسلم عنه - عليه السلام - وهو مقمعة للشيطان بمعنى أنه يذكر الصلاة ، وأحوالها فلا يوقعه الشيطان في سهو ويكون جنبها الأيسر إلى جنب الخنصر إلى أسفل ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إلا أنه قال : أول ما يضع كفه على صدرها ، ثم يقلبها بعد ذلك ، ثم يقبض الخنصر والبنصر والوسطى ويبسط السبابة والإبهام وهو في
أبي داود ، وقال أيضا : يبسط الوسطى معهما وهو في
أبي داود ، وقال أيضا : يقبض الجميع إلا المسبحة وهو قول
مالك الذي رواه عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في صفة صلاته - عليه السلام - وإذا قبض الإبهام جعله تحت الثلاثة ، قال
مالك : وكله واسع .
السنة الثامنة والتاسعة
nindex.php?page=treesubj&link=1550_1552التشهدان ، قال
المازري : روي عن
مالك و ( ش ) وجوب الأخير ، وعن
أحمد وجوبهما ووافق المشهور ( ح ) لنا قوله - عليه السلام -
[ ص: 213 ] للأعرابي :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348577ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ، ثم اجلس حتى تطمئن جالسا ، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها فإذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك ، ولم يذكر التشهد . وفي الصحاح
أنه - عليه السلام - ترك الجلسة الوسطى فسجد قبل السلام ، وفي
الترمذي أنه سبح به فلم يرجع وهذا شأن السنن ونقيس الأخير على الأول ، حجة وجوبهما فعله - عليه السلام - وقوله في
أبي داود :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348579إذا جلس أحدكم فليقل : التحيات لله ، والأمر للوجوب .
وجوابه : أنه محمول على الندب جمعا بين الأدلة ، واختار
مالك فيه تشهد
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ففي الموطأ كان يقول على المنبر للناس : قولوا التحيات لله الزاكيات لله الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، وفي بعض روايات الموطأ لم يذكر وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن
محمدا عبد الله ورسوله . واختار ( ش ) رواية
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عنه - عليه السلام - وهي التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته . وساق التشهد مرجحا له بقول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس كان - عليه السلام - يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن ، ولأنه - عليه السلام - توفي
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس صغير
[ ص: 214 ] فيكون آخر الأمر منه - عليه السلام - فيكون أرجح ; لأن فيه زيادة المباركات ، والسلام فيه منكر وهو أكثر سلام القرآن ، واختار ( ح ) رواية
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود عنه - عليه السلام -
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348580أنه كان يعلمهم التشهد : التحيات لله والصلوات والطيبات لله السلام عليك أيها النبي . وساق التشهد مرجحا له بقول
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود - رضي الله عنه - أخذ النبي - عليه السلام - بيدي فعلمني التشهد ، وقال عليه السلام :
أخذ جبريل - عليه السلام - بيدي فعلمني التشهد وهذا يقتضي العناية ، والضبط حتى أن الحنفية اليوم يرونه في معنى : أخذ بيدي ، أخذ في جملة الروايات إلى
جبريل - عليه السلام - فإن كلهم فعل ذلك كما فعله - عليه السلام - مع
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، ولأنه بزيادة الواو وهي التشهد بالتعدد كما حصل الترجيح في ربنا ولك الحمد بالواو على إسقاطها ، وكذلك في قولنا في رد التحية وعليكم السلام أرجح من عليكم السلام ، ترجيحنا أن
عمر - رضي الله عنه - كان يقوله على المنبر من غير نكير فجرى مجرى التواتر والإجماع ; لأن فيه زيادة الزاكيات والتسليم بالتعريف أبلغ لإفادة العموم .
فوائد :
التحيات جمع تحية ، والتحية السلام لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=86وإذا حييتم بتحية ) والتحية الملك لقوله :
[ ص: 215 ] من كل ما نال الفتى قد نلته إلا التحية
أي : الملك والتحية البقاء ، وقيل هو المراد بالبيت والملك هو المشهور ، وأصله : أن الملك كان يحبى فيقال له : أبيت اللعن ، ولا يقال لغيره ذلك ، والزاكيات ، قال
ابن حبيب : صالح الأعمال ومنه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=14قد أفلح من تزكى ) والطيبات الأقوال الحسنة كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=10إليه يصعد الكلم الطيب ) وقد تقدم معنى الطيب في التيمم ، وقال ابن عبدوس : الأعمال الصالحة ; لأنها تطيب العبد كما قال تعالى : ( الطيبات للطيبين ) والصلوات إن جعلنا الألف واللام فيها للعهد كانت الصلوات الخمس ، والجنس شملت سائر الصلوات الشرعيات هذا إذا اعتبرنا الحقيقة الشرعية وهو الظاهر ، وإن اعتبرنا اللغوية وهي : الدعاء كانت للعموم في سائر الدعوات ، واللام في قولنا : لله للاختصاص أي هذه الأمور مختصة بالله إلى الإخلاص ، فهي عبادات منا للرب سبحانه وتعالى بأن لا يعبد بهذه الأمور إلا الله ، كما نعبد في الفاتحة بقولنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إياك نعبد وإياك نستعين ) أي : لا نعبد إلا إياه ، ولا نستعين إلا به . وقولنا السلام عليك إن جعلنا السلام اسما لله تعالى فيكون معناه : الله عليك حفيظ أو راض ، وقيل هو مصدر تقدير الكلام سلم الله عليك سلاما ، ثم نقلناه من الدعاء إلى الخبر
[ ص: 216 ] كما قال تعالى حكاية عن
إبراهيم عليه السلام : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=25فقالوا سلاما قال سلام ) . فسلامه أبلغ من سلامهم لأجل النقل ، وكذلك قال في " الحمد لله " في أول الفاتحة وتقرير جميع ذلك في علم النحو . وقيل جمع سلامة فيكون دعاء بالسلامة من الشرور كلها والرحمة ، قال الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=13711أبو الحسن الأشعري : هي إرادة الإحسان فتكون صفة ذاتية قديمة واجبة الوجود يعضده قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما ) أي : تعلقت إرادتك وعلمك بسائر الموجودات ، وقال
القاضي أبو بكر : هي الإحسان كله يعضده قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=156ورحمتي وسعت كل شيء ) أي : الجنة ; لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=156فسأكتبها للذين يتقون ) فتكون رحمة الله عنده محدثة ليست صفة ذاتية ، والرحمة اللغوية هي رقة الطبع تستحيل عليه تعالى فيتعين العدول إلى أحد هذين المجازين اللازمين للحقيقة عادة ، وعلى التقريرين فهو دعاء له عليه السلام .
فرع :
قال في الكتاب : لا
nindex.php?page=treesubj&link=1550_1552يتبسمل أول التشهد وإن كان روي ذلك في الموطأ عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - وعلى الأول فقهاء الأمصار ; لأن رواية
عمر [ ص: 217 ] nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس - رضوان الله عليهم - ليس فيها بسملة ، ولا في خبر ثابت . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ينكرها ، وفي الحديث :
ليكن أول قولكم التحيات لله .
[ ص: 207 ] الْبَابُ الْخَامِسُ
فِي سُنَنِ الصَّلَاةِ
nindex.php?page=treesubj&link=21369وَالسُّنَّةُ فِي اللُّغَةِ لَهَا ثَلَاثَةُ مَعَانٍ : السِّيرَةُ ، وَصُورَةُ الْوَجْهِ ، وَتَمْرٌ
بِالْمَدِينَةِ ، وَالسُّنَنُ الطَّرِيقَةُ وَيُقَالُ : بِالْفَتْحِ فِي السِّينِ وَالنُّونِ وَضَمِّهِمَا وَضَمِّ السِّينِ فَقَطْ .
nindex.php?page=treesubj&link=21369وَالسُّنَّةُ فِي الشَّرْعِ لَهَا خَمْسَةُ مَعَانٍ : مَا يُلْفَى شَرْعُهُ مِنَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ فَيُقَالُ هَذَا ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَوْلًا كَانَتِ السُّنَّةُ أَوْ فِعْلًا ، وَعَلَى فِعْلِهِ دُونَ قَوْلِهِ ، وَعَلَى فِعْلِهِ الَّذِي هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ نَحْوَ الْوِتْرِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ ، وَعَلَى مَا تَأَكَّدَ مِنَ الْمَنْدُوبَاتِ مُطْلَقًا ، وَعَلَى مَا يَقْتَضِي تَرْكُهُ سُجُودَ السَّهْوِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ نَحْوَ صَاحِبِ الْجُلَّابِ وَجَمَاعَةٍ مَعَهُ ، وَالْكَلَامُ هَاهُنَا عَلَى الْقِسْمَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ فِي الصَّلَاةِ مُجْمَلًا وَمُفَصَّلًا ، فَنَقُولُ : سُنَنُ الصَّلَاةِ اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ سُنَّةً .
السُّنَّةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=1567الْجَهْرُ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ وَهُوَ الْأُولَيَانِ مِنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ ، وَجُمْلَةُ الصُّبْحِ ، وَالْوِتْرُ ، وَالْجُمُعَةُ ، وَالْعِيدَانِ ، وَالِاسْتِسْقَاءُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=1568وَالسِّرُّ فِيمَا يُسِرُّ فِيهِ وَهُوَ مَا عَدَا ذَلِكَ . قَالَ فِي الْكِتَابِ وَالْجَهْرُ : أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَفَوْقَ
[ ص: 208 ] ذَلِكَ قَلِيلًا ، وَالْمَرْأَةُ دُونَ الرَّجُلِ فِي ذَلِكَ ، قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ : السِّرُّ مَا لَا يُسْمَعُ بِأُذُنٍ أَصْلًا ، وَالْجَهْرُ ضِدُّهُ وَأَقَلُّهُ إِسْمَاعُ مَنْ يَلِي الْمُصَلِّيَ إِذَا أَنْصَتَ إِلَيْهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=1567وَالْإِمَامُ يَرْفَعُ صَوْتَهُ مَا أَمْكَنَهُ ; لِيُسْمِعَ الْجَمَاعَةَ ، وَالْمُنْفَرِدُ بَيْنَ ذَلِكَ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348573خَرَجَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى النَّاسِ وَهُمْ يُصَلُّونَ ، وَقَدْ عَلَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ : إِنَّ الْمُصَلِّيَ يُنَاجِي رَبَّهُ فَلْيَنْظُرْ مَا يُنَاجِيهِ بِهِ ، وَلَا يَجْهَرُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ ، وَفِي الْبَيَانِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفَرِّطَ الْمَسْبُوقُ فِي الْجُمُعَةِ إِذَا كَانَ بِجَنْبِهِ مِثْلُهُ لِئَلَّا يَخْلِطَ عَلَيْهِ ، وَلَا أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=1567يَرْفَعَ صَوْتَهُ فِي النَّافِلَةِ إِذَا كَانَ بِجَنْبِهِ مَنْ يُصَلِّي ،
nindex.php?page=treesubj&link=1567وَالْمَرْأَةُ تَأْتِي بِأَقَلِّ مَرَاتِبِ الْجَهْرِ ; لِأَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ .
فَائِدَةٌ :
قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ : كَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَجْهَرُ فِي صَلَاتِهِ بِالنَّهَارِ فَكَانَ الْمُنَافِقُونَ يَجِدُونَ بِذَلِكَ وَسِيلَةً فَيُصَفِّرُونَ وَيُكْثِرُونَ اللَّغَطَ ، فَشُرِعَ
nindex.php?page=treesubj&link=1568الْإِسْرَارُ حَسْمًا لِمَادَّتِهِمْ .
السُّنَّةُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ
nindex.php?page=treesubj&link=1566سُورَةٌ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَالْقِيَامُ لَهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَالْمُنْفَرِدَتَيْنِ ، قَالَ فِي الْكِتَابِ : إِنْ تَرْكَهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ ; لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348574لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ، قَالَ
الْمَازِرِيُّ : وَأَوْجَبَ
عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - زِيَادَةً عَلَى الْفَاتِحَةِ ، وَحَدَّهُ غَيْرُهُ بِثَلَاثِ آيَاتٍ ، وَقِيلَ مَا تَيَسَّرَ ، وَخَرَّجَ
اللَّخْمِيُّ قَوْلًا بِالْوُجُوبِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ، وَرُوِيَ عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهَا فَضِيلَةٌ لَا تُوجِبُ سُجُودًا وَالْأَفْضَلُ الِاقْتِصَارُ عَلَى صُورَةِ الْعَمَلِ ، وَيَجُوزُ
[ ص: 209 ] nindex.php?page=treesubj&link=1566الْجَمْعُ بَيْنَ سُوَرٍ ; لِقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَقَدْ عَرَفْتُ النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَقْرِنُ بَيْنَهَا ، وَذَكَرَ عِشْرِينَ سُورَةً وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى النَّوَافِلِ ، وَإِذَا قَرَأَ سُورَةً قَرَأَ مَا بَعْدَهَا اتِّبَاعًا لِتَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ ، فَلَوْ قَرَأَ مَا قَبْلَهَا جَازَ وَلَوِ
nindex.php?page=treesubj&link=1566اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِ سُورَةٍ ، قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ : قَالَ
مَالِكٌ : لَا يَفْعَلُ فَإِنْ فَعَلَ أَجْزَأَهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ ، وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=15472الْوَاقِدِيُّ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ . حُجَّةُ الْمَشْهُورِ : أَنَّهُ الْغَالِبُ مِنْ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَفِعْلِ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - بَعْدَهُ وَفِي
أَبِي دَاوُدَ nindex.php?page=hadith&LINKID=10348575أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - صَلَّى الصُّبْحَ بِمَكَّةَ فَاسْتَفْتَحَ سُورَةَ الْمُؤْمِنُونَ حَتَّى جَاءَ ذِكْرُ مُوسَى وَهَارُونَ وَعِيسَى عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَخَذَتْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سَعْلَةٌ فَرَكَعَ ، وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَرَأَ فِي رَكْعَتَيِ الصُّبْحِ بِالْبَقَرَةِ ، قَالَ فِي الْكِتَابِ : وَلَا
nindex.php?page=treesubj&link=1566يَقْضِي مَا نَسِيَهُ مِنْ رَكْعَةٍ فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى ، وَقَالَ ( ح ) : يَقْرَأُ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ فَإِذَا نَسِيَ قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ . لَنَا أَنَّهَا لَوْ قُضِيَتْ لَقُضِيَتِ الْأَرْكَانُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلَيْسَ يُبَايِنُ حُجَّتُنَا عَلَى عَدَمِ قِرَاءَتِهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ ، خِلَافًا ( ش ) مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=1566يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ، وَسُورَةٍ وَيُسْمِعُنَا الْآيَةَ أَحْيَانًا ، وَكَانَ يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنَ الظُّهْرِ ، وَيُقَصِّرُ الثَّانِيَةَ وَكَذَلِكَ فِي الصُّبْحِ ، وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ . احْتَجَّ ( ش ) بِمَا فِي
مُسْلِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348576كُنَّا نَحْزِرُ قِيَامَهُ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ قَدْرَ ( الم تَنْزِيلُ ) : [ ص: 102 ] السَّجْدَةِ ، وَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ قَدْرَ النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ ، وَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنَ الْعَصْرِ عَلَى قَدْرِ قِيَامِهِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ ، وَفِي الْأَخِيرَتَيْنِ مِنَ الْعَصْرِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ ، وَفِي الْمُوَطَّأِ : أَنَّ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ يَقْرَأُ فِي الْأَرْبَعِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ ، وَكَانَ يَقْرَأُ أَحْيَانًا بِالسُّورَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ مِنَ الْفَرِيضَةِ .
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ : أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ أَرْجَحُ ; لِأَنَّهُ مُبَيَّنٌ ، وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ حَزْرٌ ، وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّافِلَةِ بِدَلِيلِ ذِكْرِ الْفَرِيضَةِ بَعْدَهُ ، وَلِأَنَّهُ يُعَارَضُ بِعَمَلِ
الْمَدِينَةِ .
السُّنَّةُ الْخَامِسَةُ
nindex.php?page=treesubj&link=1569التَّكْبِيرُ مَا عَدَا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ ، قَالَ
اللَّخْمِيُّ : وَقِيلَ هُوَ فَضِيلَةٌ ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ : وَقِيلَ التَّكْبِيرَةُ الْوَاحِدَةُ سُنَّةً وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي مَعْنَاهُ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فِي الْأَرْكَانِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=1569وَهُوَ عِنْدَنَا مَشْرُوعٌ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ ، خِلَافًا
nindex.php?page=showalam&ids=16673لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَجَمَاعَتِهِ لِمَا أَطْبَقَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ ، وَلِأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبَا هُرَيْرَةَ صَلَّى وَكَبَّرَ لِلرَّفْعِ وَالْخَفْضِ ، وَقَالَ : إِنِّي لَأَشْبَهُكُمْ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ
الْمَازِرِيُّ : وَقَدْ رَأَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ وُجُوبُهُ لِقَوْلِهِ فِي تَارِكِهِ : إِنْ لَمْ يَسْجُدْ وَطَالَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ، وَقَالَ بِوُجُوبِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابْنُ حَنْبَلٍ . لَنَا حَدِيثُ الْأَعْرَابِيِّ الْمُسِيءِ لِصَلَاتِهِ ، قَالَ فِي الْكِتَابِ : يُكَبِّرُ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إِذَا شَرَعَ فِيهِ ، وَلَا يُكَبِّرُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا وَوَافَقَهُ ( ح ) ، وَخَالَفَهُ ( ش ) . لَنَا مَا فِي
أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ
[ ص: 211 ] كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ ، كَمَا يُكَبِّرُ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ ، وَلِأَنَّ التَّكْبِيرَ شُرِعَ فِي الصَّلَاةِ مُتَّصِلًا بِمَا يَنْتَقِلُ مِنَهُ وَإِلَيْهِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْ رُكْنٍ إِلَّا ذَاكِرًا ، وَلَا يَدْخُلُ فِي رُكْنٍ إِلَّا ذَاكِرًا ، وَكَذَلِكَ لَا يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا ذَاكِرًا بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا إِلَّا ذَاكِرًا بِالتَّسْلِيمِ ، وَالْجُلُوسُ لَيْسَ بِرُكْنٍ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ بِدُونِهِ إِجْمَاعًا فَكَانَ التَّكْبِيرُ بَعْدَهُ لِلْقِيَامِ فَيَكُونُ فِي أَوَّلِهِ كَقِيَامِ أَوَّلِ الصَّلَاةِ ، وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ فُرِضَتْ مَثْنَى مَثْنَى ، ثُمَّ زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ كَمَا فِي الْمُوَطَّأِ فَقَدْ كَانَ التَّشَهُّدُ قَبْلُ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ فَتَكُونُ التَّكْبِيرَةُ لِلزِّيَادَةِ فِي ابْتِدَائِهَا أَوَّلَ الْقِيَامِ .
السُّنَّةُ السَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=1554الْجِلْسَةُ الْوُسْطَى وَالْمِقْدَارُ الزَّائِدُ بَعْدَ جُلُوسِهِ الْوَاجِبِ لِلسَّلَامِ ، دَلِيلُ عَدَمِ وُجُوبِهَا أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا تَرَكَهَا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ ، قَالَ فِي الْكِتَابِ : الْجُلُوسُ كُلُّهُ سَوَاءٌ يُفْضِي بِأَلْيَتِيِهِ إِلَى الْأَرْضِ وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَظَاهِرُ إِبْهَامِهَا مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ وَيَثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى ، وَقَالَ ( ح ) : يَفْرِشُ الْيُسْرَى فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى وَيُوَجِّهُ أَصَابِعَهُ لِلْقِبْلَةِ ، وَوَافَقَهُ ( ش ) إِلَّا فِي الْجِلْسَةِ الْأَخِيرَةِ فَقَالَ : يُخْرِجُ رِجْلَهُ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ ، وَيُفْضِي بِأَلْيَتِهِ إِلَى الْأَرْضِ ، وَقَوْلُ ( ح ) فِي
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَوْلُ ( ش ) فِي
أَبِي دَاوُدَ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَيَتَرَجَّحُ قَوْلُ
مَالِكٍ بِالْعَمَلِ فَقَدْ نَقَلَهُ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ : هُوَ السُّنَّةُ . فَرْعَانِ :
[ ص: 212 ] الْأَوَّلُ : سُنَّةُ الْجُلُوسِ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ، فَفِي النَّوَادِرِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ لِمَا فِي
أَبِي دَاوُدَ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ : الْيَدَانِ تَسْجُدَانِ كَمَا يَسْجُدُ الْوَجْهُ فَإِذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ وَجْهَهُ فَلْيَضَعْ يَدَيْهِ ، وَإِذَا رَفَعَ فَلْيَرْفَعْهُمَا ، قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ : وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْإِعَادَةِ ; لِأَنَّهَا تَبَعٌ .
الثَّانِي : قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ : الْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ قَبْضُ الْيُمْنَى إِلَّا الْمُسَبِّحَةِ يَبْسُطُهَا وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ ، وَقَالَ فِي الْمَبْسُوطِ : لَا يَبْسُطُهَا وَهُوَ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَالْأَوَّلُ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَفِي السَّبَّابَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُحَرِّكُهَا مِنْ تَحْتِ الْبُرْنُسِ ، وَقَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : تُمَدُّ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ وَكَانَ
يَحْيَى بْنُ عُمَرَ يُحَرِّكُهَا عِنْدَ الشَّهَادَةِ فَقَطْ فَالسُّكُونُ إِشَارَةٌ إِلَى الْوَحْدَانِيَّةِ وَالتَّحْرِيكُ فِي
مُسْلِمٍ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَهُوَ مَقْمَعَةٌ لِلشَّيْطَانِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَذْكُرُ الصَّلَاةَ ، وَأَحْوَالَهَا فَلَا يُوقِعُهُ الشَّيْطَانُ فِي سَهْوٍ وَيَكُونُ جَنْبُهَا الْأَيْسَرُ إِلَى جَنْبِ الْخِنْصَرِ إِلَى أَسْفَلَ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : أَوَّلُ مَا يَضَعُ كَفَّهُ عَلَى صَدْرِهَا ، ثُمَّ يُقَلِّبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَقْبِضُ الْخِنْصَرَ وَالْبِنْصَرَ وَالْوُسْطَى وَيَبْسُطُ السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ وَهُوَ فِي
أَبِي دَاوُدَ ، وَقَالَ أَيْضًا : يَبْسُطُ الْوُسْطَى مَعَهُمَا وَهُوَ فِي
أَبِي دَاوُدَ ، وَقَالَ أَيْضًا : يَقْبِضُ الْجَمِيعَ إِلَّا الْمُسَبِّحَةَ وَهُوَ قَوْلُ
مَالِكٍ الَّذِي رَوَاهُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ فِي صِفَةِ صَلَاتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَإِذَا قَبَضَ الْإِبْهَامَ جَعَلَهُ تَحْتَ الثَّلَاثَةِ ، قَالَ
مَالِكٌ : وَكُلُّهُ وَاسِعٌ .
السُّنَّةُ الثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ
nindex.php?page=treesubj&link=1550_1552التَّشَهُّدَانِ ، قَالَ
الْمَازِرِيُّ : رُوِيَ عَنْ
مَالِكٍ وَ ( ش ) وُجُوبُ الْأَخِيرِ ، وَعَنْ
أَحْمَدَ وُجُوبُهُمَا وَوَافَقَ الْمَشْهُورَ ( ح ) لَنَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -
[ ص: 213 ] لِلْأَعْرَابِيِّ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348577ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ، ثُمَّ اجْلِسْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا فَإِذَا فَعَلْتَ هَذَا فَقَدَ تَمَّتْ صَلَاتُكَ ، وَلَمْ يَذْكُرِ التَّشَهُّدَ . وَفِي الصِّحَاحِ
أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تَرَكَ الْجِلْسَةَ الْوُسْطَى فَسَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ ، وَفِي
التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ سَبَّحَ بِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ وَهَذَا شَأْنُ السُّنَنِ وَنَقِيسُ الْأَخِيرَ عَلَى الْأَوَّلِ ، حُجَّةُ وُجُوبِهِمَا فِعْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَوْلُهُ فِي
أَبِي دَاوُدَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348579إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ : التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ ، وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ .
وَجَوَابُهُ : أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ ، وَاخْتَارَ
مَالِكٌ فِيهِ تَشَهُّدَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَفِي الْمُوَطَّأِ كَانَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ لِلنَّاسِ : قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُوَطَّأِ لَمْ يَذْكُرْ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ . وَاخْتَارَ ( ش ) رِوَايَةَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَهِيَ التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ سَلَامٌ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ . وَسَاقَ التَّشَهُّدَ مُرَجِّحًا لَهُ بِقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ ، وَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تُوُفِّيَ
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ صَغِيرٌ
[ ص: 214 ] فَيَكُونُ آخِرَ الْأَمْرِ مِنَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَيَكُونُ أَرْجَحَ ; لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ الْمُبَارَكَاتِ ، وَالسَّلَامَ فِيهِ مُنَكَّرٌ وَهُوَ أَكْثَرُ سَلَامِ الْقُرْآنِ ، وَاخْتَارَ ( ح ) رِوَايَةَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348580أَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمُ التَّشَهُّدَ : التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ . وَسَاقَ التَّشَهُّدَ مُرَجِّحًا لَهُ بِقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَخَذَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِيَدِي فَعَلَّمَنِي التَّشَهُّدَ ، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
أَخَذَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِيَدِي فَعَلَّمَنِي التَّشَهُّدَ وَهَذَا يَقْتَضِي الْعِنَايَةَ ، وَالضَّبْطَ حَتَّى أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ الْيَوْمَ يَرَوْنَهُ فِي مَعْنَى : أَخَذَ بِيَدِي ، أَخَذَ فِي جُمْلَةِ الرِّوَايَاتِ إِلَى
جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَإِنَّ كُلَّهُمْ فَعَلَ ذَلِكَ كَمَا فَعَلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَلِأَنَّهُ بِزِيَادَةِ الْوَاوِ وَهِيَ التَّشَهُّدُ بِالتَّعَدُّدِ كَمَا حَصَلَ التَّرْجِيحُ فِي رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ بِالْوَاوِ عَلَى إِسْقَاطِهَا ، وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِنَا فِي رَدِّ التَّحِيَّةِ وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ أَرْجَحُ مِنْ عَلَيْكُمُ السَّلَامُ ، تَرْجِيحُنَا أَنَّ
عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقُولُهُ عَلَى الْمِنْبَرِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَجَرَى مَجْرَى التَّوَاتُرِ وَالْإِجْمَاعِ ; لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ الزَّاكِيَاتُ وَالتَّسْلِيمُ بِالتَّعْرِيفِ أَبْلَغُ لِإِفَادَةِ الْعُمُومِ .
فَوَائِدُ :
التَّحِيَّاتُ جَمْعُ تَحِيَّةٍ ، وَالتَّحِيَّةُ السَّلَامُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=86وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ ) وَالتَّحِيَّةُ الْمُلْكُ لِقَوْلِهِ :
[ ص: 215 ] مِنْ كُلِّ مَا نَالَ الْفَتَى قَدْ نِلْتُهُ إِلَّا التَّحِيَّةَ
أَيِ : الْمُلْكُ وَالتَّحِيَّةُ الْبَقَاءُ ، وَقِيلَ هُوَ الْمُرَادُ بِالْبَيْتِ وَالْمُلْكُ هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَأَصْلُهُ : أَنَّ الْمَلِكَ كَانَ يُحْبَى فَيُقَالُ لَهُ : أَبَيْتَ اللَّعْنَ ، وَلَا يُقَالُ لِغَيْرِهِ ذَلِكَ ، وَالزَّاكِيَاتُ ، قَالَ
ابْنُ حَبِيبٍ : صَالِحُ الْأَعْمَالِ وَمِنَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=14قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ) وَالطَّيِّبَاتُ الْأَقْوَالُ الْحَسَنَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=10إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ) وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى الطَّيِّبِ فِي التَّيَمُّمِ ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ : الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ ; لِأَنَّهَا تُطَيِّبُ الْعَبْدَ كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( الطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ ) وَالصَّلَوَاتُ إِنْ جَعَلْنَا الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِيهَا لِلْعَهْدِ كَانَتِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ ، وَالْجِنْسِ شَمَلَتْ سَائِرَ الصَّلَوَاتِ الشَّرْعِيَّاتِ هَذَا إِذَا اعْتَبَرْنَا الْحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ وَهُوَ الظَّاهِرُ ، وَإِنِ اعْتَبَرْنَا اللُّغَوِيَّةَ وَهِيَ : الدُّعَاءُ كَانَتْ لِلْعُمُومِ فِي سَائِرِ الدَّعَوَاتِ ، وَاللَّامُ فِي قَوْلِنَا : لِلَّهِ لِلِاخْتِصَاصِ أَيْ هَذِهِ الْأُمُورِ مُخْتَصَّةٌ بِاللَّهِ إِلَى الْإِخْلَاصِ ، فَهِيَ عِبَادَاتٌ مِنَّا لِلرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِأَنْ لَا يُعْبَدَ بِهَذِهِ الْأُمُورِ إِلَّا اللَّهُ ، كَمَا نَعْبُدُ فِي الْفَاتِحَةِ بِقَوْلِنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) أَيْ : لَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ ، وَلَا نَسْتَعِينُ إِلَّا بِهِ . وَقَوْلُنَا السَّلَامُ عَلَيْكَ إِنْ جَعَلْنَا السَّلَامَ اسْمًا لِلَّهِ تَعَالَى فَيَكُونُ مَعْنَاهُ : اللَّهُ عَلَيْكَ حَفِيظٌ أَوْ رَاضٍ ، وَقِيلَ هُوَ مَصْدَرُ تَقْدِيرِ الْكَلَامِ سَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ سَلَامًا ، ثُمَّ نَقَلْنَاهُ مِنَ الدُّعَاءِ إِلَى الْخَبَرِ
[ ص: 216 ] كَمَا قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=25فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ ) . فَسَلَامُهُ أَبْلَغُ مِنْ سَلَامِهِمْ لِأَجْلِ النَّقْلِ ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي " الْحَمْدُ لِلَّهِ " فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ وَتَقْرِيرُ جَمِيعِ ذَلِكَ فِي عِلْمِ النَّحْوِ . وَقِيلَ جَمْعُ سَلَامَةٍ فَيَكُونُ دُعَاءً بِالسَّلَامَةِ مِنَ الشُّرُورِ كُلِّهَا وَالرَّحْمَةِ ، قَالَ الشَّيْخُ
nindex.php?page=showalam&ids=13711أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ : هِيَ إِرَادَةُ الْإِحْسَانِ فَتَكُونُ صِفَةً ذَاتِيَّةً قَدِيمَةً وَاجِبَةَ الْوُجُودِ يُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا ) أَيْ : تَعَلَّقَتْ إِرَادَتُكَ وَعِلْمُكَ بِسَائِرِ الْمَوْجُودَاتِ ، وَقَالَ
الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ : هِيَ الْإِحْسَانُ كُلُّهُ يُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=156وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) أَيِ : الْجَنَّةُ ; لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=156فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ) فَتَكُونُ رَحْمَةُ اللَّهِ عِنْدَهُ مُحْدَثَةً لَيْسَتْ صِفَةً ذَاتِيَّةً ، وَالرَّحْمَةُ اللُّغَوِيَّةُ هِيَ رِقَّةُ الطَّبْعِ تَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ تَعَالَى فَيَتَعَيَّنُ الْعُدُولُ إِلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْمَجَازَيْنِ اللَّازِمَيْنِ لِلْحَقِيقَةِ عَادَةً ، وَعَلَى التَّقْرِيرَيْنِ فَهُوَ دُعَاءٌ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
فَرْعٌ :
قَالَ فِي الْكِتَابِ : لَا
nindex.php?page=treesubj&link=1550_1552يَتَبَسْمَلُ أَوَّلَ التَّشَهُّدِ وَإِنْ كَانَ رُوِيَ ذَلِكَ فِي الْمُوَطَّأِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَعَلَى الْأَوَّلِ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ ; لِأَنَّ رِوَايَةَ
عُمَرَ [ ص: 217 ] nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - لَيْسَ فِيهَا بَسْمَلَةٌ ، وَلَا فِي خَبَرٍ ثَابِتٍ . وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ يُنْكِرُهَا ، وَفِي الْحَدِيثِ :
لِيَكُنْ أَوَّلَ قَوْلِكُمُ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ .