الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملا

                                                                                                          حدثني يحيى عن مالك عن عبد ربه بن سعيد بن قيس عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال سئل عبد الله بن عباس وأبو هريرة عن المرأة الحامل يتوفى عنها زوجها فقال ابن عباس آخر الأجلين وقال أبو هريرة إذا ولدت فقد حلت فدخل أبو سلمة بن عبد الرحمن على أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك فقالت أم سلمة ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بنصف شهر فخطبها رجلان أحدهما شاب والآخر كهل فحطت إلى الشاب فقال الشيخ لم تحلي بعد وكان أهلها غيبا ورجا إذا جاء أهلها أن يؤثروه بها فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قد حللت فانكحي من شئت [ ص: 333 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 333 ] 30 - باب عدة المتوفى عنها زوجها

                                                                                                          1250 1237 - ( مالك ، عن عبد ربه بن سعيد بن قيس ) بن عمرو الأنصاري ، أخي يحيى ، مات سنة تسع وثلاثين ومائة وقيل بعدها ، له في الموطأ ثلاثة أحاديث مرفوعة هذا ثالثها ( عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ) بن عوف ( أنه قال : سئل ) بالبناء للمجهول ، وفي البخاري أن السائل رجل ، قال الحافظ : لم أقف على اسمه . ( عبد الله بن عباس وأبو هريرة ) وكان هو وأبو سلمة عند ابن عباس كما في الصحيحين ( عن المرأة الحامل يتوفى عنها زوجها ) وللبخاري عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة : جاء رجل إلى ابن عباس وأبو هريرة عنده فقال : أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة ( فقال ابن عباس : آخر الأجلين ) عدتها ، وبالنصب ، أي تتربص آخر الأجلين أربعة أشهر وعشرا إن ولدت قبلها ، فإن مضت ولم تلد تربصت حتى تلد ، جمعا بين آيتي البقرة والطلاق ( وقال أبو هريرة : إذا ولدت فقد حلت ) تخصيصا لآية البقرة بآية الطلاق ( فدخل أبو سلمة بن عبد الرحمن ) مع كريب أو وحده لإفتائه بالحل ، معارضا لابن عباس ( على أم سلمة ) هند بنت أبي أمية ( زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فسألها عن ذلك ، فقالت أم سلمة : ولدت سبيعة ) بضم السين المهملة وفتح الموحدة وإسكان التحتية فعين مهملة فهاء تأنيث ، ابنة الحارث ( الأسلمية ) الصحابية ( بعد وفاة زوجها ) سعد بن خولة في حجة الوداع ، كما في مسلم وغيره عن سبيعة : أنها كانت تحت سعد بن خولة ، وهو من بني عامر بن لؤي ، وكان ممن شهد بدرا ، فتوفي عنها في حجة الوداع ( بنصف شهر ) وللبخاري عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أم سلمة : فوضعت بعد موته بأربعين ليلة . وفي مسلم عن الزهري عن عبيد الله عن سبيعة : فلم تنشب أن وضعت . وفي مصنف عبد الرزاق عن عروة : بسبع ليال . وعن إبراهيم التيمي : بسبع عشرة ليلة أو قال بعشرين ليلة . وعن عكرمة : بخمس وأربعين ليلة . وعن معمر قال : يقول بعضهم : مكثت [ ص: 334 ] سبع عشرة ليلة ، ومنهم من يقول : أربعين ليلة . وعند أحمد عن سبيعة : فلم أمكث إلا شهرا حتى وضعت . وفي النسائي : عشرين ليلة . وروي غير ذلك مما يتعذر فيه الجمع لاتحاد القصة ، ولعل ذلك السر في إبهام من أبهم المدة .

                                                                                                          ( فخطبها رجلان أحدهما شاب ) هو أبو البشر ، بفتحتين ، ابن الحارث العبدري ، من بني عبد الدار ، كما أفاده ابن وضاح ( والآخر كهل ) هو أبو السنابل ، بفتح السين المهملة والنون فألف فموحدة مكسورة فلام ، ابن بعكك ، بموحدة ثم مهملة ثم كافين وزن جعفر كما سمي في الصحيحين وغيرهما ، ابن الحارث القرشي العبدري ، اسمه حبة ، بموحدة ، وقيل : نون ، وقيل عمرو ، وقيل عامر ، وقيل غير ذلك . ( فحطت ) بفتح الحاء والطاء المهملتين ، أي مالت ونزلت بقلبها ( إلى الشاب ) على عادة النساء ( فقال الشيخ ) أبو السنابل ، المعبر عنه أولا بكهل ( لم تحلي بعد ) بضم الدال ( وكان أهلها غيبا ) بفتحتين ، جمع غائب كخادم وخدم ( ورجا إذا جاء أهلها أن يؤثروه بها ) يقدمونه على غيره . وفي البخاري ومسلم : فلما تعدت من نفاسها تجملت للخطاب ، فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك فقال : مالي أراك متجملة ! لعلك ترجين النكاح ؟ إنك والله ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشر ، وتعدت بفتح العين المهملة وشد الدال ، أي خرجت ( فجاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) فسألته عن ذلك ( فقال : قد حللت فانكحي من شئت ) زاد في رواية الأسود عن أبي السنابل : ولو رغم أنف أبي السنابل . رواه أبو القاسم البغوي .

                                                                                                          قال ابن سعد : أسلم أبو السنابل يوم الفتح ، وكان شاعرا وبقي زمانا بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - . وذكر ابن البرقي أنه تزوج سبيعة بعد ذلك وأولدها سنابل بن أبي السنابل ، لكن نقل الترمذي عن البخاري أنه قال : لا نعلم أن أبا السنابل عاش بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - . وهذا الحديث رواه النسائي من طريق ابن القاسم عن مالك به ، وتابعه شعبة عن عبد ربه قال : سمعت أبا سلمة ، فذكره عند أصحاب السنن




                                                                                                          الخدمات العلمية