الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفصل الثاني : في ترتيب الفوائت .

                                                                                                                وفي الجواهر هو واجب لما في مسلم : أن عمر بن الخطاب يوم الخندق جعل يسب كفار قريش ، وقال : يا رسول الله ، ما كدت أن أصلي العصر حتى كادت الشمس أن تغرب ، فقال النبي - عليه السلام - : " فوالله ما صليتها " ، فنزلنا إلى بطحان ، فتوضأ النبي - عليه السلام - وتوضأنا ، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العصر بعدما غربت الشمس ، وصلى بعدها المغرب ، وقياسا على ترتيب الأركان ; لأنه ترتيب متعلق [ ص: 383 ] بالصلاة ; فإن علم أعيان الصلوات ولم يشك صلاها ، وإن شك أوقع من الصلوات أعدادا تحيط بعدد تلك الشكوك .

                                                                                                                فروع ستة :

                                                                                                                الأول في الجواهر : لو نسي صلاة من خمس لا يدري عينها ، صلى خمسا ، وقاله ( ح ) و ( ش ) ، وقال المزني : القياس عندي أن تجزيه أربع ركعات ينوي بها ما عليه يجهر في الأوليين ; لأن الغالب على الصلوات الجهر ، ويجلس بعد الثالثة ; لاحتمال أن تكون المغرب ، وإن كانت الصبح فقد صلاها ، وزاد لأجل الشك ركعتين ; فلا يضره كمن صلى الصبح أربعا سهوا ، وجوابه : منع الصحة بكثرة السهو على تقدير كونها الصبح ، سلمناه لكن الساهي يعتقد أنه في الصبح ، وهذا يعتقد الزيادة عليها ، وكذلك زيادة الجلوس بعد الثالثة على تقدير كونها أربعة مفسد أيضا ، وكذلك زيادة الرابعة على تقدير كونها ثلاثية .

                                                                                                                الثاني قال في الجواهر : لو نسي ظهرا وعصرا لا يدري أيتهما قبل صاحبتها ، فالمشهور يصلي ظهرا بين عصرين ، أو عصرا بين ظهرين ; وقيل : يصلي ظهرا للسبت ثم عصرا للأحد ، ثم عصرا للسبت ، ثم ظهرا للأحد ; مراعاة أعيان الأيام ، فلو علم أن إحداهما سفرية وشك في تقديمها ، فالذي رجع إليه ابن القاسم : أن يصلي ستا ظهرا حضريا ، ثم يعيده سفريا ، ثم عصرا حضريا ، ثم يعيده سفريا ، قال : وضابط هذا الباب أن يضرب المنسيات في أقل منها بواحدة ، ويزيد على المتحصل واحدة ، ويصلي الجميع على حسبما تقدم ، فإن شك في السفر أعاد كل صلاة يصليها سفرية ، فلو ذكر صبحا وظهرا [ ص: 384 ] وعصرا صلى سبعا مبتدئا من الصبح إلى العصر ثم الصبح ، فإن شك في السفر أعاد كل رباعية بعد فعلها سفرية ، فتبلغ إحدى عشرة ، وعلى هذا القانون وعلى غير المشهور في مراعاة الأيام يضاعف العدد الذي ينتهي إليه الحساب .

                                                                                                                الثالث في الجواهر : لو علم عين الصلاة وجهل يومها ، صلاها غير ملتفت إلى تعيين الأيام ; لأن التقرب بالصلاة لا باليوم ، قال سند : هذا إذا شك في جملة الأيام ، أما إن شك في يومين ، قال سحنون : الحكم واحد ، وقال ابن حبيب : يصليها مرتين ليومين نظرا لاعتبار الأيام ، قال : ومقتضى مذهبه لو انحصرت له جمعة معينة صلى سبعا ، وإنما سقط في عموم الجهل لكثرة المشقة ، وفي الجواهر : لو شك في كونها سفرية صلاها سفرية ، ثم حضرية .

                                                                                                                الرابع في الجواهر : لو نسي صلاة وثانيتها ، ولا يدري ما هما ؟ صلى الخمس على ترتيبها وأعاد ما بدأ به ; ولو كانت ثالثها فستا أيضا ; لكن يصلي كل صلاة وثالثها ، ثم ثالثة الثالثة كذلك حتى يكمل ستا ، وكمالها بإعادة الأولى ، ولو كانت رابعتها أعقب كل صلاة برابعتها ، أو خامستها ، أعقب كل صلاة بخامستها ، ولو كانت سادستها أو حادية عشرها أو سادسة عشرها ; فإنها عين الأولى فليصل ظهرين وعصرين ، ومغربين وعشاءين وصبحين .

                                                                                                                الخامس في الجلاب : إذا نسي صلاتين مرتبتين من يوم وليلة لا يدري الليل قبل النهار أو النهار قبل الليل ؟ صلى ست صلوات مبتدئا بالظهر استحبابا ; لأنها أول صلاة بدأ بها جبريل - عليه السلام - ، وأي صلاة بدأ بها أعادها ، قال أبو الطاهر : وقيل : يبدأ بالصبح لأنها أول النهار ، ومنشأ الخلاف : هل هي من النهار فتكون أوله أو لا فتكون الظهر أول النهار ؟ فإن كن ثلاثا قضى سبعا ، أو أربعا قضى ثماني ، أو خمسا قضى تسعا على الشرط المتقدم . قال [ ص: 385 ] سند : وهذا محمول على المتجاورات ، أما لو كانت الصلاتان مفترقتين ففي كتاب ابن سحنون : يصلي سبع صلوات يبدأ بصلاتي الليل ، ثم بصلاتي النهار ; ولا يبدأ بصلوات النهار لئلا يصلي ثماني ، قال سند : فلو كن ثلاثا وبدأ بالمغرب صلى سبعا ، ولو بدأ بالصبح صلى ثماني ; لأنه إذا أكمل بالعشاء احتمل أن تكون هي الأولى فيعيد الظهر والعصر ، وإن بدأ بالظهر صلى سبع صلوات ; لأنه إذا أكمل بالصبح فقد تكون هي الأولى وبعدها صلاتان من الأربع ; فيعيد الأربع وإن بدأ بالعصر صلى ثماني ، أو بالعشاء صلى تسعا . السادس : قال سند : لو نسي صلاتين لا يدري أهما من يوم أو يومين ؟ صلى عشر صلوات ليومين إلا أن يتيقن أنهما متغايران فيصلي سبعا ; لأنه إذا بدأ بصلاة يوم يجوز أن تكون الخامسة الأولى وما بعدها إلى ما يضاهيها من الخمس ، ويجوز أن تكون هي الثانية .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية