الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        النقص الخامس : رداءة النوع ، الماشية إن اتحد نوعها بأن كانت إبله كلها أرحبية أو مهرية ، أو كانت غنمه كلها ضأنا أو معزا - أخذ الفرض منها ، وذكر في التهذيب ثلاثة أوجه في أنه هل يجوز أخذ ثنية من المعز باعتبار القيمة عن أربعين ضأنا ، أو جذعة من الضأن عن أربعين معزا ؟ أصحها الجواز ؛ لاتفاق الجنس كالمهرية مع الأرحبية . والثاني : المنع كالبقر عن الغنم . والثالث : لا يؤخذ المعز عن الضأن ، ويجوز العكس ، كما يؤخذ في الإبل المهرية عن المجيدية ، ولا عكس ، وكلام إمام الحرمين قريب من هذا الثالث ، فإنه قال : لو ملك أربعين من الضأن الوسط ، فأخرج ثنية من المعز الشريفة تساوي جذعة من الضأن التي يملكها - فهذا محتمل ، والظاهر إجزاؤها . أما إذا اختلف النوع [ ص: 169 ] كالمهرية والأرحبية من الإبل ، والعراب والجواميس من البقر ، والضأن والمعز من الغنم ، فيضم البعض إلى البعض في إكمال النصاب لاتحاد الجنس ، وفي كيفية أخذ الزكاة قولان ، أحدهما : يؤخذ من الأغلب ، فإن استويا ، فكاجتماع الحقاق وبنات اللبون في مائتين ، فيؤخذ الأغبط للمساكين على المذهب ، وعلى وجه : الخيرة للمالك .

                                                                                                                                                                        والقول الثاني وهو الأظهر : يؤخذ من كل نوع بقسطه ، وليس معناه أن يؤخذ من هذا شقص ومن هذا شقص ، فإنه لا يجزئ بالاتفاق ، ولكن المراد النظر إلى الأصناف وباعتبار القيمة ، فإذا اعتبرت القيمة والتقسيط فمن أي نوع كان المأخوذ جاز . كذا قاله الجمهور .

                                                                                                                                                                        وقال ابن الصباغ : ينبغي أن يكون المأخوذ من أعلى الأنواع ، كما لو انقسمت إلى صحاح ومراض ، ويجاب عما قال بأنه ورد النهي عن المريضة والمعيبة ، فلم نأخذ إلا ما وجدنا صحيحة ، بخلاف ما نحن فيه . وحكي قول ثالث أنه إذا اختلف الأنواع أخذ من الوسط ، ولا يجيء هذا في نوعين فقط ، ولا في ثلاثة متساوية . وحكي وجه أنه يؤخذ الأجود ، فخرج من نصه في اجتماع الحقاق وبنات اللبون . وحكي عن أبي إسحاق أن القولين فيما إذا لم تحتمل الإبل أخذ واجب كل نوع وحده ، فإن احتمل أخذ بلا خلاف ، بأن ملك مائتين مائة أرحبية ، ومائة مهرية ، فيؤخذ حقتان من هذه وحقتان من هذه .

                                                                                                                                                                        والمشهور في المذهب : طرد الخلاف مطلقا ، ونوضح القولين الأولين بمثالين .

                                                                                                                                                                        أحدهما : له خمس وعشرون من الإبل ، عشرة مهرية ، وعشرة أرحبية ، وخمسة مجيدية ، فعلى القول الأول يؤخذ بنت مخاض أرحبية ، أو مهرية بقيمة نصف أرحبية ونصف مهرية ؛ لأن هذين النوعين أغلب . وعلى الثاني : يؤخذ بنت مخاض من أي الأنواع أعطى بقيمة خمسي مهرية وخمسي أرحبية وخمس مجيدية . فإذا كانت قيمة بنت مخاض مهرية عشرة ، وقيمة بنت مخاض أرحبية خمسة ، وبنت مخاض مجيدية دينارين ونصف - أخذ بنت مخاض من أي أنواعها شاء قيمتها ستة ونصف .

                                                                                                                                                                        الثاني : له ثلاثون من المعز ، وعشر من [ ص: 170 ] الضأن ، فعلى القول الأول : يأخذ ثنية من المعز كما لو كانت كلها معزا ، وعكسه ، لو كان الضأن ثلاثين أخذنا جذعة من الضأن . وعلى القول الثاني : يخرج ضائنة أو عنزا بقيمة ثلاثة أرباع عنز وربع ضائنة في الصورة الأولى ، وبقيمة ثلاثة أرباع ضائنة وربع ماعزة في الصورة الثانية ، ولا يجئ قول اعتبار الوسط هنا . وعلى وجه اعتبار الأشرف يؤخذ من أشرفها .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية