الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            مسألة : في قوله تعالى : ( خلق الله السماوات ) هل السماوات مفعول به أو مفعول مطلق ؟

            الجواب : هو مفعول مطلق ، ومن أعربه مفعولا به فقد غلطه المحققون منهم ابن الحاجب في أماليه ، وابن هشام في مغنيه ، ووجهوه بأمور منها أن المفعول به ما كان موجودا قبل الفعل الذي عمل فيه ، ثم أوقع الفاعل به فعلا ، والمفعول المطلق ما كان الفعل العامل به هو فعل إيجاده ، قال ابن هشام : والذي غر النحويين في هذا أنهم يمثلون الفعل المطلق بأفعال العباد ، وهم إنما يجري على أيديهم إنشاء الأفعال لا [ ص: 365 ] الذوات ، فتوهموا أن المفعول المطلق لا يكون إلا حدثا ، ولو مثلوا بأفعال الله تعالى لظهر لهم أنه لا يختص بذلك ; لأنه سبحانه موجد للأفعال وللذوات جميعا قال : وكذا البحث في : أنشأت كتابا ، وعمل فلان خيرا ، وآمنوا وعملوا الصالحات ، هذا ما ذكره ابن هشام ، وقد رأيت للشيخ تقي الدين السبكي في هذه المسألة بخصوصها تأليفين نفيسين : أحدهما مطول سماه : التهدي إلى معنى التعدي أتى فيه بنفائس وغرائب ، ثم لخصه في كتاب أخصر منه سماه : بيان المحتمل في تعديه عمل ، قال فيه في توجيه ما ذكرناه : المفعول به هو محل الفعل ، ومن ضرورة قولنا : مفعول به ؛ أن يكون المفعول غيره ، فزيدا في : ضربت زيدا مفعول به ; لأنه في محل الفعل ، وأما المفعول الذي أوجده الفاعل فالضرب وهو المفعول المطلق ، وكذا نحو : خلق الله السماوات ، وعملت صالحا ، السماوات والصالح هو نفس المفعول لا محل الفعل ، والمفعول غيره فهو مطلق بمعنى أن ما سواه من المفاعيل مقيد ، وهو نفس المفعول المطلق أي المجرد عن القيود ، وهو الصادر عن الفاعل وهو نفس فعله قال : وإنما سرى الغلط من ظن أن المفعول المطلق شرطه أن يكون مصدرا وليس كذلك ، فليس كل مفعول مطلق مصدرا ، هذا كلام السبكي .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية