وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير ، عن
سلمة بن عبد يسوع ، عن أبيه ، عن جده ، قال
يونس - وكان نصرانيا فأسلم - :
إن nindex.php?page=treesubj&link=29392_30940رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل نجران : بسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، من محمد النبي رسول الله إلى أسقف نجران وأهل نجران ( سلم أنتم ) إني أحمد إليكم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، أما بعد فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد ، وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد ، فإن أبيتم فالجزية ، فإن [ ص: 302 ] أبيتم فقد آذنتكم بحرب ، والسلام .
فلما أتى الأسقف الكتاب وقرأه قطع به ، وذعر منه ذعرا شديدا ، فبعث إلى رجل من أهل عمان ، يقال له : شرحبيل بن وداعة ، وكان من همذان ولم يكن أحد يدعى إلى معضلة قبله ، فدفع الأسقف كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شرحبيل فقرأه ، فقال الأسقف : ما رأيك يا أبا مريم ؟
فقال شرحبيل : قد علمت ما وعد الله إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوة ، فما نأمن أن يكون هذا هو ذاك الرجل ؟ ، ليس لي في النبوة رأي ، لو كان أمرا من الدنيا أشرت عليك فيه برأي وجهدت لك .
فقال : تنح فاجلس ، فتنحى فجلس ناحية . فبعث الأسقف إلى رجل من أهل نجران يقال له : عبد الله بن شرحبيل وهو فتى من ذي أصبح من حمير ، فأقرأه الكتاب وسأله عن الرأي ، فقال مثل قول شرحبيل ، فقال له الأسقف : نح فاجلس ، فجلس ناحية . فبعث الأسقف إلى رجل من أهل نجران ، يقال له : جبار بن فيض من بني الحارث بن كعب ، فأقرأه الكتاب وسأله عن الرأي فيه ، فقال مثل قول شرحبيل [ ص: 303 ] وعبد الله ، فأمره الأسقف فتنحى ناحية . فلما اجتمع الرأي منهم على تلك المقالة جميعا أمر الأسقف بالناقوس فضرب به ، ورفعت المسوح بالصوامع ، وكذلك كانوا يفعلون إذا فزعوا بالنهار ، وإذا كان فزعهم بالليل ضرب بالناقوس ، ورفعت النيران في الصوامع ، فاجتمع أهل الوادي أعلاه وأسفله ، وطوله مسيرة يوم للراكب السريع ، وفيه ثلاث وسبعون قرية وعشرون ومائة ألف مقاتل ، فقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألهم عن الرأي فيه ، فاجتمع رأي أهل الرأي أن يبعثوا شرحبيل بن وداعة الهمذاني ، وعبد الله بن شرحبيل ، وجبار بن فيض ، فيأتوا بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فانطلق الوفد حتى إذا كانوا بالمدينة ، وضعوا ثياب السفر عنهم ، ولبسوا حللا لهم يجرونها من حبرة وخواتيم الذهب ، ثم انطلقوا حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسلموا عليه فلم يرد عليهم السلام ، وتصدوا لكلامه نهارا طويلا ، فلم يكلمهم وعليهم تلك الحلل والخواتيم الذهب ، فانطلقوا يتبعون nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان ، nindex.php?page=showalam&ids=38وعبد الرحمن بن عوف ، وكانا معرفة لهم ، كانا يبعثان العير إلى نجران في الجاهلية ، فيشتري لهما من برها وثمرها ، فوجدوهما في ناس من المهاجرين والأنصار في مجلس ، فقالوا : يا عثمان ، ويا عبد الرحمن ، إن نبيكم كتب إلينا بكتاب ، فأقبلنا مجيبين له ، فأتيناه فسلمنا عليه فلم يرد سلامنا ، فتصدينا لكلامه نهارا طويلا فأعيانا أن يكلمنا ، فما الرأي منكما ، أنعود أم نرجع إليه ؟
فقالا nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي بن أبي طالب - وهو في القوم - : ما ترى يا أبا الحسن في هؤلاء القوم ؟
[ ص: 304 ] فقال علي رضي الله عنه لعثمان وعبد الرحمن رضي الله عنهما : أرى أن يضعوا حللهم هذه وخواتيمهم ويلبسوا ثياب سفرهم ثم يعودون إليه .
ففعل وفد نجران ذلك ، ووضعوا حللهم وخواتيمهم ، ثم عادوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلموا فرد سلامهم ، ثم قال : والذي بعثني بالحق نبيا لقد أتوني في المرة الأولى وإن إبليس لمعهم ، ثم سألهم وسألوه فلم تزل به وبهم المسألة حتى قالوا له : ما تقول في عيسى ؟ فإنا نحب أن نعلم ما تقول فيه ، فأنزل الله عز وجل : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=59إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=60الحق من ربك فلا تكن من الممترين nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين
فأبوا أن يقروا بذلك ، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما أخبرهم الخبر أقبل مشتملا على الحسن والحسين في خميل له ، وفاطمة تمشي عند ظهره إلى الملاعنة ، وله يومئذ عدة نسوة ، فقال شرحبيل لصاحبيه : يا عبد الله بن شرحبيل ، ويا جبار بن فيض ، قد علمتما أن الوادي إذا اجتمع أعلاه وأسفله لم يردوا ولم يصدروا إلا عن رأيي ، وإني والله أرى أمرا مقبلا ، والله لئن كان هذا الرجل ملكا مبعوثا فكنا أول العرب طعنا في عينه ورد عليه أمره ، لا يذهب لنا من صدره ولا من صدور قومه حتى يصيبنا بجائحة ، وإنا لأدنى العرب منهم جوارا ، ولئن كان هذا الرجل نبيا مرسلا فلاعناه [ ص: 305 ] لا يبقى على وجه الأرض منا شعرة ولا ظفر إلا هلك ، فقال له صاحباه : فما الرأي يا أبا مريم ؟ فقد وضعتك الأمور على ذراع فهات رأيك ، فقال : رأيي أن أحكمه ، فإني أرى الرجل لا يحكم شططا أبدا ، فقالا له : أنت وذاك . فلقي شرحبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إني رأيت خيرا من ملاعنتك ، فقال : وما هو ؟ قال شرحبيل : حكمتك اليوم إلى الليل وليلتك إلى الصباح ، فمهما حكمت فينا فهو جائز ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لعل وراءك أحدا يثرب عليك ؟ فقال له شرحبيل : سل صاحبي ، فسألهما فقالا : ما ترد الموارد ولا تصدر إلا عن رأي شرحبيل . فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلاعنهم ، حتى إذا كان الغد أتوه فكتب لهم كتاب صلح وموادعة ، فقبضوا كتابهم وانصرفوا إلى نجران . فتلقاهم الأسقف ، ووجوه نجران على مسير ليلة من نجران ، ومع الأسقف أخ له من أمه ، وهو ابن عمه من النسب يقال له أبو علقمة ، فدفع الوفد كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأسقف ، فبينما هو يقرؤه وأبو علقمة معه وهما يسيران إذ كبت بأبي علقمة ناقته ، فتعس ، غير أنه لا يكني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له الأسقف عند ذلك : قد والله تعست نبيا مرسلا ، فقال له أبو علقمة : لا جرم والله لا أحل عنها عقدا حتى آتيه ، فضرب وجه ناقته نحو المدينة ، وثنى الأسقف ناقته عليه ، فقال له : افهم عني ، إنما قلت هذا ليبلغ عني العرب مخافة أن يروا أنا أخذتنا حمقة ، أو نجعنا لهذا الرجل بما لم ينجع به العرب ، ونحن أعزهم وأجمعهم دارا . فقال له أبو علقمة : والله لا أقبلك بعد ما خرج من رأسك أبدا ، ثم ضرب ناقته وهو يقول :
[ ص: 306 ]
إليك تعدو قلقا وضينها معترضا في بطنها جنينها
مخالفا دين النصارى دينها
حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل معه ، ثم استشهد بعد ذلك .
وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=17416يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ ، عَنْ
سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ يَسُوعَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ
يُونُسُ - وَكَانَ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ - :
إِنَّ nindex.php?page=treesubj&link=29392_30940رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ نَجْرَانَ : بِسْمِ إِلَهِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ، مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى أُسْقُفِّ نَجْرَانَ وَأَهْلِ نَجْرَانَ ( سَلَمٌ أَنْتُمْ ) إِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمْ إِلَهَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ، أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ مِنْ عِبَادَةِ الْعِبَادِ ، وَأَدْعُوكُمْ إِلَى وِلَايَةِ اللَّهِ مِنْ وِلَايَةِ الْعِبَادِ ، فَإِنْ أَبَيْتُمْ فَالْجِزْيَةَ ، فَإِنْ [ ص: 302 ] أَبَيْتُمْ فَقَدَ آذَنْتُكُمْ بِحَرْبٍ ، وَالسَّلَامُ .
فَلَمَّا أَتَى الْأُسْقُفَّ الْكِتَابُ وَقَرَأَهُ قَطَعَ بِهِ ، وَذُعِرَ مِنْهُ ذُعْرًا شَدِيدًا ، فَبَعَثَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ عُمَانَ ، يُقَالُ لَهُ : شُرَحْبِيلُ بْنُ وَدَاعَةَ ، وَكَانَ مِنْ هَمَذَانَ وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يُدْعَى إِلَى مُعْضِلَةٍ قَبْلَهُ ، فَدَفَعَ الْأُسْقُفُّ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى شُرَحْبِيلَ فَقَرَأَهُ ، فَقَالَ الْأُسْقُفُّ : مَا رَأْيُكَ يَا أَبَا مَرْيَمَ ؟
فَقَالَ شُرَحْبِيلُ : قَدْ عَلِمْتَ مَا وَعَدَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ فِي ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ مِنَ النُّبُوَّةِ ، فَمَا نَأْمَنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ ذَاكَ الرَّجُلُ ؟ ، لَيْسَ لِي فِي النُّبُوَّةِ رَأْيٌ ، لَوْ كَانَ أَمْرًا مِنَ الدُّنْيَا أَشَرْتُ عَلَيْكَ فِيهِ بِرَأْيٍ وَجَهِدْتُ لَكَ .
فَقَالَ : تَنَحَّ فَاجْلِسْ ، فَتَنَحَّى فَجَلَسَ نَاحِيَةً . فَبَعَثَ الْأُسْقُفُّ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ يُقَالُ لَهُ : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُرَحْبِيلَ وَهُوَ فَتًى مِنْ ذِي أَصْبَحَ مِنْ حِمْيَرَ ، فَأَقْرَأَهُ الْكِتَابَ وَسَأَلَهُ عَنِ الرَّأْيِ ، فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِ شُرَحْبِيلَ ، فَقَالَ لَهُ الْأُسْقُفُّ : نَحِّ فَاجْلِسْ ، فَجَلَسَ نَاحِيَةً . فَبَعَثَ الْأُسْقُفُّ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ ، يُقَالُ لَهُ : جَبَّارُ بْنُ فَيْضٍ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ ، فَأَقْرَأَهُ الْكِتَابَ وَسَأَلَهُ عَنِ الرَّأْيِ فِيهِ ، فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِ شُرَحْبِيلَ [ ص: 303 ] وَعَبْدِ اللَّهِ ، فَأَمَرَهُ الْأُسْقُفَّ فَتَنَحَّى نَاحِيَةً . فَلَمَّا اجْتَمَعَ الرَّأْيُ مِنْهُمْ عَلَى تِلْكَ الْمَقَالَةِ جَمِيعًا أَمَرَ الْأُسْقُفُّ بِالنَّاقُوسِ فَضُرِبَ بِهِ ، وَرُفِعَتِ الْمُسُوحُ بِالصَّوَامِعِ ، وَكَذَلِكَ كَانُوا يَفْعَلُونَ إِذَا فَزِعُوا بِالنَّهَارِ ، وَإِذَا كَانَ فَزَعُهُمْ بِاللَّيْلِ ضُرِبَ بِالنَّاقُوسِ ، وَرُفِعَتِ النِّيرَانُ فِي الصَّوَامِعِ ، فَاجْتَمَعَ أَهْلُ الْوَادِي أَعْلَاهُ وَأَسْفَلُهُ ، وَطُولُهُ مَسِيرَةُ يَوْمٍ لِلرَّاكِبِ السَّرِيعِ ، وَفِيهِ ثَلَاثٌ وَسَبْعُونَ قَرْيَةً وَعِشْرُونَ وَمِائَةُ أَلْفِ مُقَاتِلٍ ، فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَأَلَهُمْ عَنِ الرَّأْيِ فِيهِ ، فَاجْتَمَعَ رَأْيُ أَهْلِ الرَّأْيِ أَنْ يَبْعَثُوا شُرَحْبِيلَ بْنَ وَدَاعَةَ الْهَمَذَانِيَّ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ شُرَحْبِيلَ ، وَجَبَّارَ بْنَ فَيْضٍ ، فَيَأْتُوا بِخَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فَانْطَلَقَ الْوَفْدُ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْمَدِينَةِ ، وَضَعُوا ثِيَابَ السَّفَرِ عَنْهُمْ ، وَلَبِسُوا حُلَلًا لَهُمْ يَجُرُّونَهَا مِنْ حِبَرَةٍ وَخَوَاتِيمِ الذَّهَبِ ، ثُمَّ انْطَلَقُوا حَتَّى أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ، وَتَصَدَّوْا لِكَلَامِهِ نَهَارًا طَوِيلًا ، فَلَمْ يُكَلِّمْهُمْ وَعَلَيْهِمْ تِلْكَ الْحُلَلُ وَالْخَوَاتِيمُ الذَّهَبُ ، فَانْطَلَقُوا يَتَّبِعُونَ nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ ، nindex.php?page=showalam&ids=38وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ ، وَكَانَا مَعْرِفَةً لَهُمْ ، كَانَا يَبْعَثَانِ الْعِيرَ إِلَى نَجْرَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَيَشْتَرِي لَهُمَا مِنْ بُرِّهَا وَثَمَرِهَا ، فَوَجَدُوهُمَا فِي نَاسٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي مَجْلِسٍ ، فَقَالُوا : يَا عُثْمَانُ ، وَيَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ ، إِنَّ نَبِيَّكُمْ كَتَبَ إِلَيْنَا بِكِتَابٍ ، فَأَقْبَلْنَا مُجِيبِينَ لَهُ ، فَأَتَيْنَاهُ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ سَلَامَنَا ، فَتَصَدَّيْنَا لِكَلَامِهِ نَهَارًا طَوِيلًا فَأَعْيَانَا أَنْ يُكَلِّمَنَا ، فَمَا الرَّأْيُ مِنْكُمَا ، أَنَعُودُ أَمْ نَرْجِعُ إِلَيْهِ ؟
فَقَالَا nindex.php?page=showalam&ids=8لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - وَهُوَ فِي الْقَوْمِ - : مَا تَرَى يَا أَبَا الْحَسَنِ فِي هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ ؟
[ ص: 304 ] فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِعُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَرَى أَنْ يَضَعُوا حُلَلَهُمْ هَذِهِ وَخَوَاتِيمَهُمْ وَيَلْبَسُوا ثِيَابَ سَفَرِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ إِلَيْهِ .
فَفَعَلَ وَفَدُ نَجْرَانَ ذَلِكَ ، وَوَضَعُوا حُلَلَهُمْ وَخَوَاتِيمَهُمْ ، ثُمَّ عَادُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمُوا فَرَدَّ سَلَامَهُمْ ، ثُمَّ قَالَ : وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيًّا لَقَدْ أَتَوْنِي فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَإِنَّ إِبْلِيسَ لَمَعَهُمْ ، ثُمَّ سَأَلَهُمْ وَسَأَلُوهُ فَلَمْ تَزَلْ بِهِ وَبِهِمُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى قَالُوا لَهُ : مَا تَقُولُ فِي عِيسَى ؟ فَإِنَّا نُحِبُّ أَنْ نَعْلَمَ مَا تَقُولُ فِيهِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=59إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=60الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ
فَأَبَوْا أَنْ يُقِرُّوا بِذَلِكَ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَمَا أَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ أَقْبَلُ مُشْتَمِلًا عَلَى الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ فِي خَمِيلٍ لَهُ ، وَفَاطِمَةُ تَمْشِي عِنْدَ ظَهْرِهِ إِلَى الْمُلَاعَنَةِ ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ عِدَّةُ نِسْوَةٍ ، فَقَالَ شُرَحْبِيلُ لِصَاحِبَيْهِ : يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شُرَحْبِيلَ ، وَيَا جَبَّارَ بْنَ فَيْضٍ ، قَدْ عَلِمْتُمَا أَنَّ الْوَادِيَ إِذَا اجْتَمَعَ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلُهُ لَمْ يَرِدُوا وَلَمْ يُصْدِرُوا إِلَّا عَنْ رَأْيِي ، وَإِنِّي وَاللَّهِ أَرَى أَمْرًا مُقْبِلًا ، وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ مَلِكًا مَبْعُوثًا فَكُنَّا أَوَّلَ الْعَرَبِ طَعْنًا فِي عَيْنِهِ وَرَدِّ عَلَيْهِ أَمْرِهِ ، لَا يَذْهَبُ لَنَا مِنْ صَدْرِهِ وَلَا مِنْ صُدُورِ قَوْمِهِ حَتَّى يُصِيبَنَا بِجَائِحَةٍ ، وَإِنَّا لَأَدْنَى الْعَرَبِ مِنْهُمْ جِوَارًا ، وَلَئِنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ نَبِيًّا مُرْسَلًا فَلَاعَنَّاهُ [ ص: 305 ] لَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنَّا شَعْرَةٌ وَلَا ظُفُرٌ إِلَّا هَلَكَ ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبَاهُ : فَمَا الرَّأْيُ يَا أَبَا مَرْيَمَ ؟ فَقَدْ وَضَعَتْكَ الْأُمُورُ عَلَى ذِرَاعٍ فَهَاتِ رَأْيَكَ ، فَقَالَ : رَأْيِي أَنْ أُحَكِّمَهُ ، فَإِنِّي أَرَى الرَّجُلَ لَا يَحْكُمُ شَطَطًا أَبَدًا ، فَقَالَا لَهُ : أَنْتَ وَذَاكَ . فَلَقِيَ شُرَحْبِيلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنِّي رَأَيْتُ خَيْرًا مِنْ مُلَاعِنَتِكَ ، فَقَالَ : وَمَا هُوَ ؟ قَالَ شُرَحْبِيلُ : حَكَّمْتُكَ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَيْلَتَكَ إِلَى الصَّبَاحِ ، فَمَهْمَا حَكَمْتَ فِينَا فَهُوَ جَائِزٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَعَلَّ وَرَاءَكَ أَحَدًا يُثَرِّبُ عَلَيْكَ ؟ فَقَالَ لَهُ شُرَحْبِيلُ : سَلْ صَاحِبَيَّ ، فَسَأَلَهُمَا فَقَالَا : مَا تَرِدُ الْمَوَارِدُ وَلَا تَصْدُرُ إِلَّا عَنْ رَأْيِ شُرَحْبِيلَ . فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُلَاعِنْهُمْ ، حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدُ أَتَوْهُ فَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابَ صُلْحٍ وَمُوَادَعَةٍ ، فَقَبَضُوا كِتَابَهُمْ وَانْصَرَفُوا إِلَى نَجْرَانَ . فَتَلَقَّاهُمُ الْأُسْقُفُّ ، وَوُجُوهُ نَجْرَانَ عَلَى مَسِيرِ لَيْلَةٍ مِنْ نَجْرَانَ ، وَمَعَ الْأُسْقُفِّ أَخٌ لَهُ مِنْ أُمِّهِ ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّهِ مِنَ النَّسَبِ يُقَالُ لَهُ أَبُو عَلْقَمَةَ ، فَدَفَعَ الْوَفْدُ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْأُسْقُفِّ ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَقْرَؤُهُ وَأَبُو عَلْقَمَةَ مَعَهُ وَهُمَا يَسِيرَانِ إِذْ كُبَّتْ بِأَبِي عَلْقَمَةَ نَاقَتُهُ ، فَتَعَّسَ ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُكَنِّي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُ الْأُسْقُفُّ عِنْدَ ذَلِكَ : قَدْ وَاللَّهِ تَعَّسْتَ نَبِيًّا مُرْسَلًا ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَلْقَمَةَ : لَا جَرَمَ وَاللَّهِ لَا أَحِلُّ عَنْهَا عَقْدًا حَتَّى آتِيَهُ ، فَضَرَبَ وَجْهَ نَاقَتِهِ نَحْوَ الْمَدِينَةِ ، وَثَنَى الْأُسْقُفُّ نَاقَتَهُ عَلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ : افْهَمْ عَنِّي ، إِنَّمَا قُلْتُ هَذَا لِيَبْلُغَ عَنِّي الْعَرَبَ مَخَافَةَ أَنْ يَرَوْا أَنَّا أَخَذَتْنَا حُمْقَةٌ ، أَوْ نَجَعْنَا لِهَذَا الرَّجُلِ بِمَا لَمْ يَنْجَعْ بِهِ الْعَرَبُ ، وَنَحْنُ أَعَزُّهُمْ وَأَجْمَعُهُمْ دَارًا . فَقَالَ لَهُ أَبُو عَلْقَمَةَ : وَاللَّهِ لَا أَقْبَلُكَ بَعْدَ مَا خَرَجَ مِنْ رَأْسِكَ أَبَدًا ، ثُمَّ ضَرَبَ نَاقَتَهُ وَهُوَ يَقُولُ :
[ ص: 306 ]
إِلَيْكَ تَعْدُو قَلِقًا وَضِينُهَا مُعْتَرِضًا فِي بَطْنِهَا جَنِينُهَا
مُخَالِفًا دِينَ النَّصَارَى دِينُهَا
حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَزَلْ مَعَهُ ، ثُمَّ اسْتُشْهِدَ بَعْدَ ذَلِكَ .