الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( والدابة تخرج من الدبر ناقضة ، فإن خرجت من رأس الجرح أو سقط اللحم لا تنقض ) والمراد بالدابة : الدودة ، وهذا لأن النجس ما عليها وذلك قليل ، وهو حدث في السبيلين دون غيرهما ، فأشبه الجشاء والفساء ، بخلاف الريح الخارجة من قبل المرأة وذكر الرجل ، لأنها لا تنبعث عن محل النجاسة ، حتى لو كانت المرأة مفضاة يستحب لها الوضوء لاحتمال خروجها من الدبر ( فإن قشرت نفطة فسال منها ماء أو صديد أو غيره : إن سال عن رأس الجرح نقض ، وإن لم يسل لا ينقض ) وقال زفر رحمه الله تعالى: ينقض في الوجهين ، وقال الشافعي رحمه الله تعالى: لا ينقض في الوجهين ، وهي مسألة الخارج من غير السبيلين ، وهذه الجملة نجسة ; لأن الدم ينضج فيصير قيحا ثم يزداد نضجا فيصير صديدا ثم يصير ماء ، هذا إذا قشرها فخرج بنفسه ، أما إذا عصرها فخرج بعصره لا ينقض ; لأنه مخرج وليس [ ص: 107 ] بخارج ، والله أعلم .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        أحاديث مس الفرج ، وللخصوم القائلين بالنقض أحاديث : أمثلها حديث بسرة أخرجه أصحاب السنن الأربعة ، فأبو داود ، والنسائي من طريق مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن عروة بن الزبير ، قال : دخلت على مروان ، فذكر ما يكون منه الوضوء ، فقال مروان : أخبرتني بسرة بنت صفوان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من مس ذكره فليتوضأ }انتهى .

                                                                                                        ورواه الترمذي ، وابن ماجه من حديث هشام بن عروة [ ص: 115 ] عن أبيه عن مروان عن بسرة . وقال الترمذي : حديث حسن صحيح ، وفي الباب عن أم حبيبة ، وأبي أيوب ، وأبي هريرة ، وأروى بنت أنيس ، وعائشة ، وجابر ، وزيد بن خالد ، وعبد الله بن عمر .

                                                                                                        وقال محمد بن إسماعيل : هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب رواه ، وكذلك رواه النسائي . وقال : لم يسمع هشام من أبيه هذا الحديث ، وكذلك قال الطحاوي في " شرح الآثار " : قال : وإنما أخذه هشام من أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، ثم أخرجه عن همام عن هشام بن عروة حدثني أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم حدثني عروة ، قال : فرجع الحديث إلى أبي بكر ، انتهى .

                                                                                                        قلت : يشكل عليه رواية الترمذي عن يحيى بن سعيد القطان عن هشام بن عروة ، قال : أخبرني أبي عن بسرة ، وكذلك رواه أحمد في " مسنده " حدثنا يحيى بن سعيد عن هشام ، قال : حدثني أبي أن بسرة بنت صفوان أخبرته ، وقال البيهقي في " سننه " : ورواه يحيى بن سعيد القطان عن هشام بن عروة عن أبيه ، فصرح فيه بسماع هشام من أبيه انتهى ، وجمع الدارقطني طرق هذا الحديث في اثنا عشرة ورقة كبارا .

                                                                                                        وروى الطبراني في " معجمه الوسط " حديث بسرة من رواية عبد الحميد بن جعفر عن هشام بن عروة عن أبيه عن بسرة مرفوعا { من مس فرجه وأنثييه فليتوضأ وضوءه للصلاة }" ، قال الطبراني : لم يقل فيه : " وأنثييه " عن هشام إلا عبد الحميد بن جعفر انتهى .

                                                                                                        ورواه الترمذي أيضا من حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عروة عن بسرة ، وبالسند الأول : رواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الثالث والعشرين من القسم الأول . والحاكم في " المستدرك " وقال : على شرط الشيخين ، قال ابن حبان : ومعاذ الله أن نحتج بمروان بن الحكم في شيء من كتبنا ، ولكن عروة لم يقنع بسماعه من مروان حتى بعث مروان شرطيا له إلى بسرة فسألها ، ثم أتاهم فأخبرهم بما قالت بسرة ، ثم لم يقنعه ذلك حتى ذهب عروة إلى بسرة فسمع منها ، فالخبر عن عروة عن بسرة متصل ليس بمنقطع ، وصار مروان . والشرطي كأنهما زائدان في الإسناد ، ثم أخرجه عن عروة عن بسرة .

                                                                                                        وأخرجه أيضا عن عروة عن مروان عن بسرة ، وفي آخره قال عروة : فذهبت إلى بسرة فسألتها فصدقته . قال ابن حبان : وليس المراد من الوضوء غسل اليد ، وإن كانت العرب تسمي غسل اليد وضوءا ، بدليل ما أخبرنا وأسند عن عروة بن الزبير عن مروان عن بسرة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من مس فرجه فليتوضأ وضوءه للصلاة }" .

                                                                                                        وأسند أيضا عن عروة عن بسرة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من مس فرجه فليعد الوضوء }قال : والإعادة لا تكون إلا لوضوء الصلاة ، [ ص: 116 ] انتهى . واستضعفه الطحاوي بالإسناد الأول .

                                                                                                        وروى بإسناده عن ابن عيينة أنه عد جماعة لم يكونوا يعرفون الحديث ، ومن رأيناه يحدث عنهم سخرنا منه ، فذكر منهم عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، ثم أخرجه من طريق الأوزاعي أخبرني الزهري حدثني أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، قال : فثبت انقطاع هذا الخبر وضعفه . انتهى .

                                                                                                        وبالسند الأول : رواه مالك في " الموطأ " وعنه الشافعي في " مسنده " ومن طريق الشافعي رواه البيهقي . ثم قال : ورواه يحيى بن بكير عن مالك ، فزاد فيه : { فليتوضأ وضوءه للصلاة }. قال الشافعي : وقد روينا قولنا عن غير بسرة ، والذي يعيب علينا الرواية عن بسرة يروي عن عائشة بنت عجرد ، وأم حراش ، وعدة نساء لسن بمعروفات ، ويحتج بروايتهن ، وهو يضعف بسرة مع قدم هجرتها وصحبتها للنبي صلى الله عليه وسلم وقد حدثت بهذا الحديث في دار المهاجرين ، والأنصار متوافرون ، ولم يدفعه منهم أحد ولما سمعها ابن عمر لم يزل يتوضأ من مس الذكر حتى مات .

                                                                                                        قال البيهقي : وإنما لم يخرجا في " الصحيح " حديث بسرة لاختلاف وقع في سماع عروة من بسرة ، أو هو عن مروان عن بسرة ، ولكنهما احتجا بسائر رواته ، والله أعلم .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه ابن حبان في " صحيحه " عن يزيد بن عبد الملك ، ونافع بن أبي نعيم القاري عن المقبري عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه وليس بينهما ستر ولا حائل فليتوضأ }انتهى .

                                                                                                        ورواه الحاكم في " المستدرك " وصححه . قال ابن حبان : واحتجاجنا فيه بنافع لا بيزيد ، فإنا قد تبرأنا من عهدة يزيد في " كتاب الضعفاء " انتهى .

                                                                                                        ورواه أحمد في " مسنده " والطبراني في " معجمه " والدارقطني في " سننه " وكذلك البيهقي ، ولفظه فيه : { من أفضى بيده إلى فرجه ليس دونها حجاب فقد وجب عليه وضوء الصلاة }" . قال : ويزيد بن عبد الملك تكلموا فيه . ثم أسند عن أحمد بن حنبل أنه سئل عنه ، فقال : شيخ من أهل المدينة ليس به بأس ، ثم أخرجه البيهقي من طريق البخاري موقوفا على أبي هريرة .

                                                                                                        قال الذهبي في " مختصره " . والبخاري أخرجه في " تاريخه " موقوفا هكذا انتهى .

                                                                                                        حديث آخر : أخرجه ابن ماجه في " سننه " عن الهيثم بن حميد ثنا العلاء بن الحارث [ ص: 117 ] عن مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " { من مس فرجه فليتوضأ }. انتهى .

                                                                                                        قال الترمذي في " كتابه " قال محمد " يعني البخاري " : لم يسمع مكحول من عنبسة بن أبي سفيان ، وروى مكحول عن رجل عن عنبسة غير هذا الحديث ، وكأنه لم ير هذا الحديث صحيحا ، قال : وقال محمد : أصح شيء سمعت في هذا الباب حديث العلاء بن الحارث عن مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة انتهى .

                                                                                                        وهذا مناقض لما نقله عن البخاري في حديث بسرة ، أنه قال : هو أصح شيء في هذا الباب ، وقد تقدم ، ويجمع بينهما بأنه سمع أحدهما أولا ، فقال : هذا أصح شيء في الباب ، ثم سمع الآخر فوجده أصح من الأول ، فقال : هذا أصح شيء في الباب ، والله أعلم ، وأسند الطحاوي في " شرح الآثار " عن أبي مسهر أنه قال : لم يسمع مكحول من عنبسة شيئا ، قال : وهم يحتجون بقول أبي مسهر ، فرجع الحديث إلى الانقطاع ، وهم لا يحتجون بالمنقطع .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه ابن ماجه أيضا عن إسحاق بن أبي فروة عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد القاري عن أبي أيوب ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { من مس فرجه فليتوضأ }" انتهى .

                                                                                                        وهو حديث ضعيف فإن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة متروك باتفاقهم ، وقد اتهمه بعضهم ، وليس هو بإسحاق بن محمد الفروي الذي في حديث ابن عمر الآتي ، ذاك ثقة ، وظنهما ابن الجوزي واحدا ، فضعفهما ، وسيأتي بيانه .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه ابن ماجه أيضا عن عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب عن عقبة بن عبد الرحمن عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا مس أحدكم ذكره فعليه الوضوء }انتهى

                                                                                                        وأخرجه البيهقي في " سننه " من طريق الشافعي عن عبد الله بن نافع به ، ولفظه فيه : " { إذا أفضى أحدكم [ ص: 118 ] بيده إلى فرجه فليتوضأ }" ، ثم قال : قال الشافعي : وسمعت جماعة من الحفاظ غير ابن نافع يروونه لا يذكرون فيه جابرا ، قال الشافعي : والإفضاء إنما يكون بباطن الكف ، كما يقال : أفضى بيده مبايعا ، وأفضى بيده إلى ركبته راكعا وإلى الأرض ساجدا انتهى .

                                                                                                        قال الذهبي في " مختصره " وهذا الحديث إن صح فليس الاستدلال فيه على باطن الكف إلا بالمفهوم ، وإنما يكون المفهوم حجة إذا سلم من المعارض ، كيف وأحاديث المس مطلقا في مسمى المس أعم وأصح انتهى .

                                                                                                        وقال الطحاوي : في " شرح الآثار " : وقد روى الحفاظ هذا الحديث عن ابن أبي ذئب ، فأرسلوه لم يذكروا فيه جابرا ، فرجع الحديث إلى الإرسال ، وهم لا يحتجون بالمراسيل انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } روى أحمد في " مسنده " والبيهقي في " سننه " عن بقية بن الوليد حدثني محمد بن الوليد الزبيدي حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أيما رجل مس فرجه فليتوضأ ، وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ }انتهى .

                                                                                                        قال البيهقي : ومحمد بن الوليد ثقة ، ثم أخرجه من طريق ابن عدي بسنده عن يحيى بن راشد عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبيه عن عمرو بن شعيب نحوه ، قال : وخالفهم المثنى بن الصباح في إسناده ، وليس بالقوي ، ثم أخرجه عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب عن { بسرة بنت صفوان ، قالت : يا رسول الله كيف ترى في إحدانا تمس فرجها ، والرجل يمس فرجه بعدما يتوضأ ؟ قال : يتوضأ يا بسرة }" .

                                                                                                        قال عمرو : وحدثني سعيد بن المسيب { أن مروان أرسل إليها ليسألها ، فقالت : دعني ، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده فلان ، وفلان ، وعبد الله بن عمر ، فأمرني بالوضوء }. وأكثر الناس يحتج بحديث عمرو بن شعيب إذا كان الراوي عنه ثقة ، وأما إذا كان الراوي عنه مثل المثنى بن الصباح ، أو ابن لهيعة وأمثالهما ، فلا يكون حجة ، أما حديثه عن أبيه عن جده فقد تكلم فيه من جهة أنه كان يحدث من صحيفة جده . قالوا : وإنما روى أحاديث يسيرة ، وأخذ صحيفة كانت عنده فرواها . ومن فوائد شيخنا الحافظ جمال الدين المزي ، قال : عمرو بن شعيب يأتي على ثلاثة أوجه : [ ص: 119 ] عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، وهو الجادة . وعمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو . وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو ، فعمرو له ثلاثة أجداد : محمد ، وعبد الله ، وعمرو بن العاص ، فمحمد تابعي ، وعبد الله ، وعمرو صحابيان ، فإن كان المراد بجده محمدا فالحديث مرسل ; لأنه تابعي ، وإن كان المراد به عمرو ، فالحديث منقطع ; لأن شعيبا لم يدرك عمرا ، وإن كان المراد به عبد الله فيحتاج إلى معرفة سماع شعيب من عبد الله ، وقد ثبت في " الدارقطني " وغيره بسند صحيح سماع عمرو من أبيه شعيب ، وسماع شعيب من جده عبد الله .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الدارقطني عن إسحاق بن محمد الفروي أنبأ عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من مس ذكره فليتوضأ وضوءه للصلاة }انتهى .

                                                                                                        وإسحاق بن محمد الفروي هذا ثقة أخرجه البخاري في " صحيحه " وليس هو بإسحاق بن أبي فروة المتقدم في حديث أبي أيوب ، ووهم ابن الجوزي في " التحقيق " فجعلهما واحدا ، وتعقبه صاحب " التنقيح " وله طريقان آخران عند الطحاوي :

                                                                                                        أحدهما عن صدقة بن عبد الله عن هشام بن زيد عن نافع عن ابن عمر ، قال : وصدقة هذا ضعيف .

                                                                                                        الثاني : عن العلاء بن سليمان عن الزهري عن سالم عن أبيه . قال : والعلاء ضعيف انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه أحمد في " مسنده " عن ابن إسحاق حدثني محمد بن مسلم الزهري عن عروة بن الزبير عن زيد بن خالد الجهني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { من مس فرجه فليتوضأ }انتهى .

                                                                                                        ورواه الطحاوي ، وقال : إنه غلط ; لأن { عروة أجاب مروان حين سأله عن مس الذكر : بأنه لا وضوء فيه ، فقال له مروان : أخبرتني بسرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن فيه الوضوء ، فقال له عروة : ما سمعت هذا ، حتى أرسل مروان إلى بسرة شرطيا فأخبرته } ، وكان ذلك بعد موت زيد بن خالد بما شاء الله ، فكيف يجوز أن ينكر عروة على بسرة ما حدثه به زيد بن خالد هذا بما لا يستقيم ولا يصح ؟ انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الدارقطني في " سننه " عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن حفص العمري [ ص: 120 ] عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { ويل للذين يمسون فروجهم ثم يصلون ولا يتوضئون ، قالت عائشة : بأبي وأمي ، هذا للرجال ، أفرأيت النساء ؟ قال : إذا مست إحداكن فرجها فلتتوضأ للصلاة }" انتهى ، وهو معلول بعبد الرحمن هذا ، قال أحمد : كان كذابا .

                                                                                                        وقال النسائي ، وأبو حاتم . وأبو زرعة : متروك . زاد أبو حاتم : وكان يكذب ، وله طريق آخر عند الطحاوي . وأخرجه عن عمر بن شريح عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة مرفوعا { من مس فرجه فليتوضأ }ثم قال : وعمر بن شريح لا يحتج به انتهى .

                                                                                                        وقد روى أبو يعلى الموصلي في " مسنده " حديثا يعارض هذا ، فقال : حدثنا الجراح بن مخلد ثنا عمر بن يونس اليماني ثنا المفضل بن ثواب حدثني حسين بن أوزع عن أبيه عن { سيف بن عبد الله الحميري ، قال : دخلت أنا ورجال معي على عائشة ، فسألناها عن الرجل يمس فرجه ، أو المرأة تمس فرجها ، فقالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما أبالي إياه مسست ، أو أنفي }" . انتهى .

                                                                                                        أحاديث أصحابنا ومن قال بعدم النقض : حديث طلق بن علي ، وهو أمثلها ، وله أربع طرق :

                                                                                                        أحدها : عند أصحاب السنن إلا ابن ماجه عن ملازم بن عمرو وعن عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق بن علي عن أبيه { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الرجل يمس ذكره في الصلاة ، فقال : هل هو إلا بضعة منك }؟ " .

                                                                                                        ورواه ابن حبان في " صحيحه " قال الترمذي : هذا الحديث أحسن شيء يروى في هذا الباب . وفي الباب عن أبي أمامة ، وقد روى هذا الحديث أيوب بن عتبة ، ومحمد بن جابر عن قيس بن طلق عن أبيه ، وأيوب ، ومحمد تكلم فيهما بعض أهل الحديث ، وحديث ملازم بن عمرو أصح [ ص: 121 ] وأحسن انتهى .

                                                                                                        الطريق الثاني : أخرجه ابن ماجه عن محمد بن جابر عن قيس بن طلق به ، ومحمد بن جابر : ضعيف . قال الفلاس : متروك ، وقال ابن معين : ليس بشيء .

                                                                                                        الطريق الثالث : عن عبد الحميد بن جعفر عن أيوب بن محمد العجلي عن قيس بن طلق به . وهي عند ابن عدي ، وعبد الحميد ضعفه الثوري ، والعجلي ضعفه ابن معين .

                                                                                                        الطريق الرابع : عن أيوب بن عتبة اليماني عن قيس بن طلق عن أبيه ، وهي عند أحمد ، وأيوب بن عتبة . قال ابن معين : ليس بشيء .

                                                                                                        وقال النسائي : مضطرب الحديث ، وبالطريق الأول : رواه الطحاوي في " شرح الآثار " ، وقال : هذا حديث مستقيم الإسناد غير مضطرب في إسناده ولا متنه ، ثم أسند عن علي بن المديني أنه قال : حديث ملازم بن عمرو أحسن من حديث بسرة انتهى .

                                                                                                        قال ابن حبان في " صحيحه " : وهذا حديث أوهم عالما من الناس أنه معارض لحديث بسرة ، وليس كذلك ; لأنه منسوخ ، فإن طلق بن علي كان قدومه على النبي صلى الله عليه وسلم أول سنة من سني الهجرة حيث كان المسلمون يبنون مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، ثم أخرج عن { قيس بن طلق عن أبيه ، قال : بنيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد المدينة ، وكان يقول : قدموا اليمامي من الطين فإنه من أحسنكم له مسا }انتهى .

                                                                                                        قال : وقد روى أبو هريرة إيجاب الوضوء من مس الذكر ، ثم ساقه كما تقدم . قال : وأبو هريرة إسلامه سنة سبع من الهجرة ، فكان خبر أبي هريرة بعد خبر طلق لسبع سنين ، وطلق بن علي رجع إلى بلده ، ثم أخرج عن { قيس بن طلق عن أبيه قال : خرجنا وفدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة نفر : خمسة من بني حنيفة ، ورجلا من بني ضبيعة بن ربيعة ، حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه وصلينا معه ، وأخبرناه أن بأرضنا بيعة لنا ، واستوهبناه من فضل طهوره ، فقال : اذهبوا بهذا الماء ، فإذا قدمتم بلدكم فاكسروا بيعتكم ، ثم انضحوا مكانها من هذا الماء واتخذوا مكانها مسجدا ، فقلنا : يا رسول الله البلد بعيد والماء ينشف ، قال : فأمدوه من الماء فإنه لا يزيده إلا طيبا فخرجنا فتشاحنا على حمل الإداوة أينا يحملها فجعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل رجل منا يوما ، فخرجنا بها حتى قدمنا بلدنا فعملنا الذي أمرنا [ ص: 122 ] وراهب أولئك القوم رجل من طيئ ، فنادينا بالصلاة ، فقال الراهب : دعوة حق ، ثم هرب فلم ير بعد }انتهى .

                                                                                                        قال : فهذا بيان واضح : أن طلق بن علي رجع إلى بلده بعد قدمته تلك ، ثم لا يعلم له رجوع إلى المدينة بعد ذلك ، فمن ادعى ذلك فليثبته بسنة مصرحة ، ولا سبيل له إلى ذلك انتهى .

                                                                                                        وذكر عبد الحق في " أحكامه " حديث طلق هذا ، وسكت عنه ، فهو صحيح عنده على عادته في مثل ذلك ، وتعقبه ابن القطان في " كتابه " فقال : إنما يرويه قيس بن طلق عن أبيه ، وقد حكى الدارقطني في " سننه " عن ابن أبي حاتم أنه سأل أباه وأبا زرعة عن هذا الحديث ، فقال : قيس بن طلق ليس ممن يقوم به حجة . ووهناه ولم يثبتاه . قال : والحديث مختلف فيه فينبغي أن يقال فيه : حسن ولا يحكم بصحته ، والله أعلم انتهى .

                                                                                                        وأخرج البيهقي في " سننه " حديث طلق من رواية ملازم بن عمرو ، ثم قال : وملازم بن عمرو فيه نظر ، ورواه محمد بن جابر اليماني ، وأيوب بن عتبة عن قيس بن طلق ، قال : وكلاهما ضعيف .

                                                                                                        قال : ورواه عكرمة بن عمار عن قيس أن طلقا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فأرسله ، وعكرمة بن عمار أمثل من رواه ، وهو مختلف فيه في تعديله ، فغمزه يحيى القطان ، وأحمد بن حنبل ، وضعفه البخاري جدا ، وقيس ، قال الشافعي : سألنا عنه فلم نجد من يعرفه بما يكون لنا قبول خبره ، وقد عارضه من عرفنا ثقته وثبته في الحديث . ثم أسند عن يحيى بن معين ، وأبي حاتم ، وأبي زرعة قالوا : لا نحتج بحديثه ، ثم قال : وإن صح ، فنقول : إن ذلك كان في ابتداء الهجرة ، وسماع أبي هريرة ، وغيره كان بعد ذلك ، فإن طلقا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبني مسجده ، ثم أخرج عن حماد بن زيد عن محمد بن جابر حدثني { قيس بن طلق عن أبيه ، قال : قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبني المسجد ، فقال لي : اخلط الطين ، فإنك أعلم بخلطه ، فسألته أرأيت الرجل يتوضأ ، ثم مس ذكره ؟ فقال : إنما هو منك }انتهى .

                                                                                                        قال : ومن أصحابنا من حمله على أنه مسه بظهر كفه ، ثم أسند إلى { طلق قال : بينا أنا أصلي إذ ذهبت أحك فخذي ، فأصابت يدي ذكري ، فسألته عليه السلام فقال : إنما هو منك }.

                                                                                                        قال : والظاهر من حال من يحك فخذه إنما يصيبه بظهر كفه ، انتهى .



                                                                                                        وأما ما رواه الطبراني في " معجمه الكبير " حدثنا الحسن بن علي الفسوي ثنا حماد بن محمد الحنفي ثنا أيوب بن عتبة عن قيس بن طلق عن أبيه طلق بن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : من مس ذكره فليتوضأ }انتهى ، فسنده ضعيف ، [ ص: 123 ] فإن حماد بن محمد ، وشيخه أيوب ضعيفان .

                                                                                                        قال الطبراني : لم يرو هذا الحديث عن أيوب بن عتبة إلا حماد بن محمد ، وقد روى الحديث الآخر حماد بن محمد ، وهما عندي صحيحان . ويشتبه أن يكون سمع الحديث الأول من النبي صلى الله عليه وسلم قبل هذا ، ثم سمع هذا بعد ، فوافق حديث بسرة ، وأم حبيبة ، وأبي هريرة ، وزيد بن خالد ، وغيرهم ، ممن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بالوضوء من مس الذكر ، فسمع الناسخ والمنسوخ انتهى كلامه في " معجمه الكبير " بحروفه .

                                                                                                        وقال الحازمي في " كتابه الناسخ والمنسوخ " : وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب ، فذهب بعضهم إلى ترك الوضوء من مس الذكر آخذا بهذا الحديث وروي ذلك عن علي بن أبي طالب ، وعمار بن ياسر ، وعبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عباس ، وحذيفة بن اليمان ، وعمران بن الحصين ، وأبي الدرداء ، وسعد بن أبي وقاص في إحدى الروايتين عنه ، وسعيد بن المسيب في إحدى الروايتين ، وسعيد بن جبير . وإبراهيم النخعي ، وربيعة بن أبي عبد الرحمن ، وسفيان الثوري ، وأبي حنيفة . وأصحابه ، ويحيى بن معين . وأهل الكوفة ، وخالفهم في ذلك آخرون ، فذهبوا إلى إيجاب الوضوء منه أخذا بحديث بسرة ، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب ، وابنه عبد الله ، وأبي أيوب الأنصاري . وزيد بن خالد ، وأبي هريرة ، وعبد الله بن عمرو ابن العاص ، وجابر ، وعائشة ، وأم حبيبة ، وبسرة بنت صفوان ، وسعد بن أبي وقاص في إحدى الروايتين ، وابن عباس في إحدى الروايتين ، وعروة بن الزبير ، وسليمان بن يسار ، وعطاء بن أبي رباح ، وأبان بن عثمان ، وجابر بن زيد . والزهري ، ومصعب بن سعد ، ويحيى بن أبي كثير ، وسعيد بن المسيب في أصح الروايتين ، وهشام بن عروة ، والأوزاعي ، وأكثر أهل الشام ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وهو المشهور من قول مالك ، ولهم في الجواب عن حديث طلق أمران : أحدهما : تضعيفه . والآخر : الحكم بأنه منسوخ ، أما تضعيفه فإن [ ص: 124 ] أيوب بن عتبة ، ومحمد بن جابر ضعيفان عند أهل العلم بالحديث ، وقد رواه ملازم بن عمرو ، عن عبد الله بن بدر عن قيس إلا أن صاحبي الصحيح لم يحتجا بشيء من روايتهما ، وتكلم الناس أيضا في قيس بن طلق فقال الشافعي : سألنا عن قيس ، فلم نجد من يعرفه بما يكون لنا قبول خبره .

                                                                                                        وقال يحيى بن معين : لقد أكثر الناس في قيس بن طلق ، وأنه لا يحتج بحديثه ، وعن ابن أبي حاتم قال : سألت أبي ، وأبا زرعة عن هذا الحديث ، فقال : قيس بن طلق ليس ممن يقوم به حجة ووهناه ، ولم يثبتاه ، قالوا : وحديث قيس بن طلق كما لم يخرجه صاحبا الصحيح ، فإنهما لم يحتجا بشيء من روايته ، وحديث بسرة وإن لم يخرجاه لاختلاف وقع في سماع عروة من بسرة ، أو هو عن مروان عن بسرة ، فقد احتجا بسائر رواة حديثها : مروان ، فمن دونه فترجح حديث بسرة ، ورواه عكرمة بن عمار عن قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ، وهو أقوى من رواه عن قيس إلا أنه رواه منقطعا .

                                                                                                        وأما حكم النسخ ، فإن حديث طلق كان في ابتداء الإسلام ، ثم أسند إلى طلق بن علي أنه قال : قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وهم يبنون المسجد ، فذكره ، كما تقدم ، قال : ومما يؤيد حكم النسخ أن طلقا الذي روى حديث الرخصة وجدناه قد روى حديث " الانتقاض " ثم ساق من طريق الطبراني بسنده المتقدم ومتنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من مس ذكره فليتوضأ }

                                                                                                        قال : فدل ذلك على صحة النسخ ، وأن طلقا قد شاهد الحالتين ، ثم اعترض للقائلين بالرخصة : بأن بسرة غير مشهورة ، واختلاف الرواة في نسبها يدل على جهالتها ; لأن بعضهم يقول : هي كنانية ، وبعضهم يقول : هي أسدية ، ولو سلم عدم جهالتها فليست توازي طلقا في شهرته وكثرة روايته وطول صحبته ، واختلاف الرواة أيضا في حديثها يدل على ضعف حديثها . وبالجملة فحديث النساء إلى الضعف ما هو ، قال : وروي عن عمرو بن علي الفلاس أنه قال : حديث طلق عندنا أثبت من حديث بسرة ، وأجاب : بأن بسرة مشهورة لا ينكر شهرتها إلا من لا يعرف أحوال الرواة ، ثم أسند إلى مالك أنه قال : بسرة بنت صفوان هي جدة عبد الملك بن مروان أو أمه فاعرفوها .

                                                                                                        وقال مصعب الزبيري : بسرة بنت صفوان بن نوفل بن أسد من التابعات . وورقة بن نوفل عمها ، وليس لصفوان بن نوفل عقب إلا من قبل بسرة ، وهي زوجة معاوية بن المغيرة بن أبي العاص ، قال : وأما اختلاف الرواة في حديثها ، فقد وجد في حديث طلق نحو ذلك ثم إذا صح للحديث [ ص: 125 ] طريق واحد وسلم من شوائب الطعن تعين المصير إليه ، ولا عبرة باختلاف الباقين .

                                                                                                        وطريق مالك إليها لا يختلف في صحته وعدالة رواته ، قال : وقد روى هذا الحديث جماعة من الصحابة غير بسرة نحو عبد الله بن عمرو بن العاص ، وأبي هريرة ، وعائشة ، وأم حبيبة ، وكثرة الرواة مؤثرة في الترجيح ، وأما حديث الرخصة ، فإنه لا يحفظ من طريق توازي هذه الطرق ، أو تقاربها إلا من حديث طلق بن علي اليمامي وهو حديث فرد في الباب ، قال : وزعم بعض الكوفيين أن كثرة الرواة لا أثر لها في باب الترجيحات ; لأن طريق كل واحد منهما غلبة الظن ، فصار كشهادة شاهدين مع شهادة أربعة ، ورده بأن غلبة الظن إنما تعتبر في باب الرواية دون الشهادة ، ألا ترى أنه لو شهد خمسون امرأة بشهادة لن تقبل شهادتهن ؟ ولو شهد بها رجلان قبلا ، ومعلوم أن شهادة خمسين امرأة أقوى في اليقين ، وكذلك سوى الشارع بين شهادة إمامين عالمين ، وشهادة رجلين جاهلين ، وأما في الرواية فترجح رواية الأعلم الدين على غيره من غير خلاف يعرف في ذلك ، فظهر الفرق بينهما ، ووجب المصير إلى حديث بسرة ، والله أعلم انتهى .

                                                                                                        الحديث الثاني من أحاديث الأصحاب : أخرجه ابن ماجه في " سننه " عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة { أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني مسست ذكري وأنا أصلي ، فقال : لا بأس إنما جزء منك }انتهى .

                                                                                                        وهو حديث ضعيف ، قال البخاري والنسائي والدارقطني في " جعفر بن الزبير " : متروك ، والقاسم أيضا : ضعيف .

                                                                                                        الحديث الثالث : أخرجه الدارقطني في " سننه " عن الفضل بن المختار عن عبيد الله بن موهب عن عصمة بن مالك الخطمي وكان من الصحابة { أن رجلا قال : يا رسول الله إني احتككت في الصلاة ، فأصابت يدي فرجي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وأنا أفعل ذلك }انتهى .

                                                                                                        وهو حديث ضعيف أيضا ، قال ابن عدي : الفضل بن مختار أحاديثه منكرة ، وقال أبو حاتم : هو مجهول ، وأحاديثه منكرة ، يحدث بالأباطيل انتهى .

                                                                                                        قال الطحاوي في " شرح الآثار " : وقد روي عن جماعة من الصحابة مثل مذهبنا ، ثم أخرج عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : ما أبالي مسست أنفي أو ذكري ، وأخرج عن ابن مسعود نحو ذلك ، وأخرج عن عمار بن ياسر أنه قال : وإنما هو بضعة منك ، وأن لكفك موضعا غيره ، ثم أخرج عن حذيفة ، وعمران بن حصين [ ص: 126 ] كانا لا يريان في مس الذكر وضوءا ، قال : ولا نعلم أحدا من الصحابة أفتى بالوضوء منه غير ابن عمر ، وقد خالفه في ذلك أكثر الصحابة .

                                                                                                        وما رواه عن ابن عباس أنه قال : " فيه الوضوء " فقد روي عنه خلافه ، ثم أخرج عنه أنه قال : ما أبالي إياه : مسست ذكري ، أو أنفي ، قال : وما رووه عن الحكم عن مصعب بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص ، قال : كنت أمسك بالمصحف على أبي ، فمسست ذكري ، فأمرني أن أتوضأ ، فمحمول على غسل اليدين بما أخبرنا ، وأسند إلى الزبير عن عدي عن مصعب بن سعد مثله ، وقال فيه : قم فاغسل يدك انتهى .

                                                                                                        وحكى صاحب " التنقيح " قال : اجتمع سفيان ، وابن جريج ، فتذاكرا مس الذكر ، فقال : ابن جريج يتوضأ منه ، وقال سفيان : لا يتوضأ منه ، أرأيت لو أمسك بيده منيا ما كان عليه ؟ قال : ابن جريج : يغسل يده . قال : فأيهما أكبر ، المني ، أو مس الذكر ؟ فقال : ما ألقاها على لسانك إلا الشيطان انتهى .



                                                                                                        أحاديث مس المرأة :

                                                                                                        حديث للخصوم القائلين بنقض الوضوء ، رواه الترمذي في " كتابه " من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل ، قال : { أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل ، فقال : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت رجلا لقي امرأة وليس بينهما معرفة ، فليس يأتي الرجل إلى امرأته شيئا إلا أتاه إليها إلا أنه لم يجامعها ؟ قال : فأنزل الله : { أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل }الآية ، قال : فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ ويصلي ، قال معاذ : فقلت : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أهي له خاصة أم للمؤمنين عامة ؟ قال : بل للمؤمنين عامة }انتهى .

                                                                                                        قال الترمذي : هذا حديث ليس إسناده بمتصل ، فإن عبد الرحمن بن أبي ليلى [ ص: 127 ] لم يسمع من معاذ بن جبل ، ومعاذ بن جبل مات في خلافة عمر ، وقتل عمر وعبد الرحمن بن أبي ليلى صغير " ابن ست سنين " انتهى .

                                                                                                        ذكره في تفسير " سورة هود " ورواه الحاكم في " المستدرك " وسكت عنه ، ورواه الدارقطني ، ثم البيهقي في " سننهما " ، وألفاظهم الثلاثة فيه ، قال : { يا رسول الله ما تقول في رجل أصاب من امرأة لا تحل له ، فلم يدع شيئا يصيبه الرجل من امرأته إلا أصابه منها غير أنه لم يجامعها ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : توضأ وضوءا حسنا ، ثم صل قال : فأنزل الله الآية ، فقال معاذ : أهي له خاصة أم للمسلمين عامة ؟ قال : بل للمسلمين عامة }انتهى .

                                                                                                        وهذا الحديث مع ضعفه وانقطاعه ليس فيه حجة ; لأنه إنما أمره بالوضوء للتبرك وإزالة الخطيئة لا للحدث . ولذلك قال له : { توضأ وضوءا حسنا }وقد ورد { أنه عليه السلام أتاه رجل فقال له : يا رسول الله ادع الله لي أن يعافيني من الخطايا فقال له : اكتم الخطيئة وتوضأ وضوءا حسنا ، ثم صل ركعتين ثم قال : اللهم فذكر دعاء }.

                                                                                                        وفي مسلم عن أبي هريرة حديث خروج الخطايا من كل عضو يغسله في الوضوء ، ثم ذكر البيهقي أثرا عن ابن مسعود ، وأثرا عن ابن عمر ، وأثرا عن عمر " أن اللمس ما دون الجماع ، فمن لمس فعليه الوضوء " ثم قال : وخالفهم ابن عباس ، فقال : هي الجماع ، ولم ير في اللمس وضوءا ، ثم أسند عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال : " اللمس ، والمباشرة الجماع ، ولكن الله يكني ما يشاء بما شاء " انتهى ، أما أثر عمر فقد ضعفه ابن عبد البر ، وقال : هو عندهم خطأ ، وهو صحيح عن ابن عمر لا عن عمر انتهى .

                                                                                                        أحاديث أصحابنا : ومن قال بعدم النقض منه ، فيه عن عائشة ، وأبي أمامة ، وحديث عائشة اختلفت طرقه اختلافا كثيرا ، وأما ألفاظه فإنها وإن اختلفت فإنها ترجع إلى معنى واحد ، وأنا أذكر ما تيسر لي وجوده من الصحيح وغيره الطريق الأول : رواه البخاري ، ومسلم في " صحيحيهما " من حديث أبي سلمة عن { عائشة قالت : كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته ، فإذا سجد غمزني ، فقبضت رجلي ، فإذا قام بسطتهما ، والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح } ، وفي لفظ : { فإذا أراد أن يسجد غمز رجلي فضممتهما إلى ، ثم سجد }انتهى .

                                                                                                        طريق آخر : أخرجه مسلم عن أبي هريرة عن { عائشة قالت : فقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فجعلت أطلبه بيدي فوقعت يدي على قدميه ، وهما منصوبتان ، وهو ساجد [ ص: 128 ] يقول : أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك }انتهى

                                                                                                        . وهذان الطريقان رواهما النسائي في " سننه " وبوب عليهما " ترك الوضوء من مس الرجل امرأته بغير شهوة " والخصوم يحملون هذا الحديث على أن المس وقع بحائل ، وهذا التأويل مع شدة بعده يدفعه بعض ألفاظه ، كما ستراه إن شاء الله تعالى .

                                                                                                        طريق آخر : روى أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه من حديث الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة { عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل امرأة من نسائه ، ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ ، قال عروة : فقلت لها : من هي ، ألا أنت ؟ فضحكت }انتهى .

                                                                                                        ثم أخرجه أبو داود عن عبد الرحمن بن مغراء ثنا الأعمش ثنا أصحاب لنا عن عروة المزني عن عائشة بهذا الحديث ، قال أبو داود : قال يحيى بن سعيد القطان لرجل : احك عني أن الحديثين " يعني حديث الأعمش هذا ، وحديثه بهذا الإسناد في المستحاضة أنها تتوضأ لكل صلاة " أنهما شبه لا شيء ، قال أبو داود .

                                                                                                        وروي عن الثوري أنه قال : ما حدثنا حبيب بن أبي ثابت إلا عن عروة المزني " يعني لم يحدثهم عن عروة بن الزبير بشيء " قال أبو داود : وقد روى حمزة الزيات عن حبيب عن عروة بن الزبير عن عائشة حديثا صحيحا انتهى .

                                                                                                        والترمذي لم ينسب عروة في هذا الحديث أصلا ، وأما ابن ماجه فإنه نسبه ، فقال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع ثنا الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن الزبير عن عائشة ، فذكره ، وكذلك رواه الدارقطني ، ورجال هذا السند كلهم ثقات ، قال الترمذي : وسمعت محمد بن إسماعيل يضعف هذا الحديث ، ويقول : لم يسمع حبيب بن أبي ثابت من عروة شيئا ، قال الترمذي : ولا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء ، انتهى .

                                                                                                        وروى البيهقي في " سننه " هذا الحديث وضعفه ، وقال : إنه يرجع إلى عروة المزني ، وهو مجهول انتهى .

                                                                                                        قلنا : بل هو عروة بن الزبير ، كما أخرجه ابن ماجه بسند صحيح ، وأما سند أبي داود الذي قال فيه : عن عروة المزني فإنه من رواية عبد الرحمن بن مغراء عن ناس مجاهيل ، وعبد الرحمن بن مغراء متكلم فيه ، قال ابن المديني : ليس بشيء ، كان يروي عن الأعمش ستمائة حديث تركناه ، لم يكن بذاك ، فقال ابن عدي : والذي قاله ابن المديني هو كما قال ، فإنه روى عن الأعمش أحاديث لا يتابعه عليها الثقات .

                                                                                                        وأما ما حكاه أبو داود عن الثوري أنه قال : ما حدثنا حبيب بن أبي ثابت إلا عن عروة المزني ، [ ص: 129 ] فهذا لم يسنده أبو داود ، بل قال عقيبه : وقد روى حمزة عن حبيب عن عروة بن الزبير عن عائشة حديثا صحيحا ، فهذا يدل على أن أبا داود لم يرض بما قاله الثوري ، ويقدم هذا ; لأنه مثبت ، والثوري ناف ، والحديث الذي أشار إليه أبو داود هو أنه عليه السلام كان يقول : { اللهم عافني في جسدي وعافني في بصري }رواه الترمذي في " الدعوات " وقال : غريب ، وسمعت محمد بن إسماعيل يقول : حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة شيئا ، انتهى .

                                                                                                        وعلى تقدير صحة ما قاله البيهقي : إنه عروة المزني ، فيحتمل أن حبيبا سمعه من ابن الزبير ، وسمعه من المزني أيضا ، كما وقع ذلك في كثير من الأحاديث ، والله أعلم ، وقد مال أبو عمر بن عبد البر إلى تصحيح هذا الحديث ، فقال : صححه الكوفيون ، وثبتوه لرواية الثقات من أئمة الحديث له ، وحبيب لا ينكر لقاؤه عروة لروايته عمن هو أكبر من عروة وأقدم موتا . وقال في موضع آخر : لا شك أنه أدرك عروة انتهى .

                                                                                                        طريق آخر أخرجه أبو داود والنسائي عن الثوري عن أبي روق عن إبراهيم التيمي عن عائشة { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض نسائه ثم يصلي ولا يتوضأ }قال أبو داود والنسائي . وإبراهيم التيمي : لم يسمع من عائشة ، قال البيهقي : ورواه أبو حنيفة عن أبي روق عن إبراهيم عن حفصة ، وإبراهيم لم يسمع من عائشة ، ولا من حفصة ، قال : والحديث الصحيح عن عائشة إنما هو في قبلة الصائم ، فحمله الضعفاء من الرواة على ترك الوضوء منها ، ولو صح إسناده لقلنا به انتهى .

                                                                                                        قلنا : أما قوله : إبراهيم لم يسمع من عائشة ، فقال الدارقطني في " سننه " بعد أن رواه : وقد روى هذا الحديث معاوية بن هشام عن الثوري عن أبي روق عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عائشة ، فوصل سنده ، ومعاوية هذا أخرج له مسلم في " صحيحه " ، وأبو روق : عطية بن الحارث ، أخرج له الحاكم في " المستدرك " ، وقال أحمد : ليس به بأس .

                                                                                                        وقال ابن معين : صالح ، وقال أبو حاتم : صدوق ، وقال ابن عبد البر : قال الكوفيون : هو ثقة لم يذكره أحد بجرح ، ومراسيل الثقات عندهم حجة ، وأما قوله : والحديث الصحيح عن عائشة في " قبلة الصائم " ، فحمله الضعفاء من الرواة على ترك الوضوء منها ، فهذا تضعيف منه للرواة من غير دليل ظاهر ، والمعنيان مختلفان ، فلا يقال : أحدهما بالآخر . [ ص: 130 ]

                                                                                                        طريق آخر : رواه ابن ماجه في " سننه " حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا محمد بن فضيل عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن زينب السهمية عن عائشة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ ، ثم يقبل ويصلي ولا يتوضأ ، وربما فعله بي }انتهى . وهذا سند جيد .

                                                                                                        طريق آخر : أخرجه النسائي عن ابن الهاد ، واسمه " يزيد بن عبد الله " عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم عن { عائشة ، قالت : إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي ، وإني لمعترضة بين يديه اعتراض الجنازة حتى إذا أراد أن يوتر مسني برجله }انتهى . وهذا الإسناد على شرط الصحيح ، وابن الهاد ، قد اتفقوا على الاحتجاج به .

                                                                                                        طريق آخر : رواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " أخبرنا بقية بن الوليد حدثني عبد الملك بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه { عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلها وهو صائم ، وقال : إن القبلة لا تنقض الوضوء ولا تفطر الصائم ، وقال : يا حميراء إن في ديننا لسعة }. انتهى .

                                                                                                        طريق آخر : روى البزار في " مسنده " حدثنا إسماعيل بن يعقوب بن صبيح ثنا محمد بن موسى بن أعين ثنا أبي عن عبد الكريم الجزري عن عطاء عن عائشة { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض نسائه ثم يصلي ولا يتوضأ } ، وعبد الكريم : روى عنه مالك في " الموطأ " وأخرج له الشيخان ، وغيرهما ، ووثقه ابن معين ، وأبو حاتم ، وأبو زرعة ، وغيرهم ، وموسى بن أعين مشهور ، وثقه أبو زرعة ، وأبو حاتم ، وأخرج له مسلم ، وأبوه مشهور .

                                                                                                        وروى له البخاري ، وإسماعيل : وروى عنه النسائي ، ووثقه ، وأبو عوانة الإسفراييني ، وأخرج له ابن خزيمة في " صحيحه " وذكره ابن حبان في الثقات . وأخرج الدارقطني هذا الحديث من وجه آخر عن عبد الكريم .

                                                                                                        وقال عبد الحق : بعد ذكره لهذا الحديث من جهة البزار : لا أعلم له علة توجب تركه ، ولا أعلم فيه مع ما تقدم [ ص: 131 ] أكثر من قول ابن معين : حديث عبد الكريم عن عطاء حديث رديء ; لأنه غير محفوظ ، وانفراد الثقة بالحديث لا يضره ، فإما أن يكون قبل نزول الآية ، أو يكون الملامسة " الجماع " كما قال ابن عباس انتهى كلامه . فإن قيل : فقد رواه الدارقطني من جهة ابن مهدي عن الثوري عن عبد الكريم عن عطاء ، قال : ليس في القبلة وضوء ، قلنا : الذي رفعه زاد ، والزيادة مقبولة ، والحكم للرافع ، ويحتمل أن يكون عطاء أفتى به مرة ، ومرة أخرى رفعه ، والله أعلم .

                                                                                                        طريق آخر : أخرج الدارقطني من طرق : عن سعيد بن بشير حدثني منصور بن زاذان عن الزهري عن أبي سلمة عن { عائشة ، قالت : لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلني إذا خرج إلى الصلاة ولا يتوضأ ، }قال الدارقطني : تفرد به سعيد ، وليس بالقوي انتهى .

                                                                                                        وسعيد هذا وثقه شعبة . ودحيم ، كذا قال ابن الجوزي ، وأخرج له الحاكم في " المستدرك " .

                                                                                                        وقال ابن عدي : لا أرى بما يروي بأسا ، والغالب عليه الصدق انتهى . وأقل أحوال مثل هذا أن يستشهد به ، والله أعلم .

                                                                                                        طريق آخر : أخرجه الدارقطني أيضا عن ابن أخي الزهري عن الزهري عن عروة عن { عائشة ، قالت : لا تعاد الصلاة من القبلة ، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل بعض نسائه ويصلي ولا يتوضأ }انتهى .

                                                                                                        ولم يعله الدارقطني بشيء ، سوى أن منصورا خالفه ، وذكر البيهقي في " الخلافيات " أن أكثر رواته إلى ابن أخي الزهري مجهولون وينظر فيه .

                                                                                                        طريق آخر : أخرجه الدارقطني عن أبي بكر النيسابوري عن حاجب بن سليمان عن وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنهاقالت : { قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض نسائه ، ثم صلى ولم يتوضأ ، ثم ضحكت } ، والنيسابوري إمام مشهور ، وحاجب لا يعرف فيه مطعن ، وقد حدث عنه النسائي ووثقه ، وقال في موضع آخر : لا بأس به ، وباقي الإسناد لا يسأل عنه ، إلا أن الدارقطني قال عقيبه : تفرد به حاجب عن وكيع ، ووهم فيه ، والصواب عن وكيع بهذا الإسناد { أنه عليه السلام كان يقبل وهو [ ص: 132 ] صائم } ، وحاجب لم يكن له كتاب ، وإنما كان يحدث من حفظه ، ولقائل أن يقول : هو تفرد ثقة ، وتحديثه من حفظه إن كان أوجب كثرة خطئه بحيث يجب ترك حديثه ، فلا يكون ثقة ، ولكن النسائي وثقه ، وإن لم يوجب خروجه عن الثقة ، فلعله لم يهم ، وكان لنسبته إلى الوهم بسبب مخالفة الأكثرين له .

                                                                                                        طريق آخر : أخرجه الدارقطني أيضا عن علي بن عبد العزيز الوراق عن عاصم بن علي عن أبي أويس حدثني هشام بن عروة عن أبيه { عن عائشة أنه بلغها قول ابن عمر : في القبلة الوضوء ، فقالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ثم لا يتوضأ }. قال الدارقطني : لا أعلم حدث به عن عاصم هكذا غير علي بن عبد العزيز انتهى كلامه .

                                                                                                        وعلي هذا مصنف مشهور ، مخرج عنه في " المستدرك " ، وعاصم أخرج له البخاري ، وأبو أويس : استشهد به مسلم .

                                                                                                        وأما حديث أبي أمامة ، فرواه ابن عدي في " الكامل " من حديث ركن بن عبد الله الشامي عن مكحول { عن أبي أمامة الباهلي ، قال : قلت : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يتوضأ ، ثم يقبل أهله ويلاعبها أينقض ذلك وضوءه ؟ قال : لا }" انتهى .

                                                                                                        وأسند تضعيف ركن هذا عن ابن معين ، ورواه ابن حبان في " كتاب الضعفاء " وأعله بركن ، وقال : إنه روى عن مكحول ستمائة حديث ، ما لكثير منها أصل لا يجوز الاحتجاج به بحال انتهى .

                                                                                                        وأما حديث أبي هريرة ، فرواه الطبراني في " معجمه الوسط " حدثنا علي بن سعيد الرازي ثنا سعد بن يحيى بن سعيد الأموي حدثني أبي ثنا يزيد بن سنان عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي عن يحيى بن كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل ، ثم يخرج إلى الصلاة ولا يحدث وضوءا }انتهى .

                                                                                                        وأما حديث ابن عمر ، فرواه ابن حبان في " كتاب الضعفاء " عن غالب بن عبد الله العقيلي الجزري عن نافع عن ابن عمر ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل ولا يعيد [ ص: 133 ] الوضوء }. انتهى .

                                                                                                        وأعله بغالب هذا ، وقال : إنه كان يروي المعضلات عن الثقات ، لا يجوز الاحتجاج بخبره




                                                                                                        الخدمات العلمية