الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر وفاة يوسف بن عبد المؤمن وولاية ابنه يعقوب

في هذه السنة سار أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن إلى بلاد الأندلس ، وجاز البحر إليها في جمع عظيم من عساكر المغرب ، فإنه جمع وحشد الفارس والراجل ، فلما عبر الخليج قصد غربي البلاد ، فحصر مدينة شنترين ، وهي للفرنج ، شهرا ، [ ص: 481 ] فأصابه بها مرض فمات منه في ربيع الأول ، وحمل في تابوت إلى مدينة إشبيلية من الأندلس .

وكانت مدة ملكه اثنتين وعشرين سنة وشهرا ، ومات عن غير وصية بالملك لأحد من أولاده ، فاتفق رأي قواد الموحدين وأولاد عبد المؤمن [ على تمليك ولده أبي يوسف يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن ] فملكوه من الوقت الذي مات فيه أبوه لئلا يكونوا بغير ملك يجمع كلمتهم لقربهم من العدو ، فقام في ذلك أحسن قيام ، وأقام راية الجهاد ، وأحسن السيرة في الناس . وكان دينا مقيما للحدود في الخاص والعام ، فاستقامت له الدولة وانقادت إليه بأسرها مع سعة أقطارها ، ورتب ثغور الأندلس وشحنها بالرجال ، ورتب المقاتلة في سائر بلادها ، وأصلح أحوالها وعاد إلى مراكش .

وكان أبوه يوسف حسن السيرة ، وكان طريقه ألين من طريق أبيه مع الناس ، يحب العلماء ويقربهم ويشاورهم ، وهم أهل خدمته وخاصته . وأحبه الناس ومالوا إليه ، وأطاعه من البلاد ما امتنع على أبيه ، وسلك في جباية الأموال ما كان أبوه يأخذه ، ولم يتعده إلى غيره ، واستقامت له البلاد بحسن فعله مع أهلها ، ولم يزل كذلك إلى أن توفي - رحمه الله تعالى - .

التالي السابق


الخدمات العلمية