الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر ملك الملثمين بجابة وعودها إلى أولاد عبد المؤمن

في هذه السنة ، في شعبان ، خرج علي بن إسحاق المعروف بابن غانية وهو من أعيان الملثمين الذين كانوا ملوك المغرب ، وهو حينئذ صاحب جزيرة ميورقة ، إلى [ ص: 483 ] بجاية فملكها ، وسبب ذلك أنه لما سمع بوفاة يوسف بن عبد المؤمن عمر أسطوله فكان عشرين قطعة وسار في جموعه فأرسى في ساحل بجاية ، وخرجت خيله ورجاله من الشواني فكانوا نحو مائتي فارس من الملثمين وأربعة آلاف راجل ، فدخل مدينة بجاية بغير قتال لأنه اتفق أن واليها سار عنها قبل ذلك بأيام إلى مراكش ولم يترك فيها جيشا ولا ممانعا لعدم عدو يحفظها منه ، فجاء الملثم ولم يكن في حسابهم أنه يحدث نفسه بذلك ، فأرسى بها ووافقه جماعة من بقايا دولة بني حماد وصاروا معه فكثر جمعه بهم وقويت نفسه ، فسمع خبره والي بجاية فعاد من طريقه ومعه من الموحدين ثلاثمائة فارس ، فجمع من العرب والقبائل الذين في تلك الجهات نحو ألف فارس ، فسمع بهم الملثم وبقربهم منه ، فخرج إليهم وقد صار معه قدر ألف فارس ، وتواقفوا ساعة فانضاف جميع الجموع التي كانت مع والي بجاية إلى الملثم ، فانهزم حينئذ والي بجاية ومن معه من الموحدين وساروا إلى مراكش ، وعاد الملثم إلى بجاية فجمع جيشه وخرج إلى أعمال بجاية فأطاعه جميعها إلا قسنطينة الهوى فحصرها إلى أن جاء جيش من الموحدين من مراكش في صفر سنة إحدى وثمانين وخمسمائة إلى بجاية في البر والبحر وكان بها يحيى وعبد الله أخوا علي بن إسحاق الملثم ، فخرجا منها هاربين ولحقا بأخيهما فرحل عن قسنطينة وسار إلى إفريقية .

وكان سبب إرسال الجيش من مراكش أن والي بجاية وصل إلى يعقوب بن يوسف صاحب المغرب وعرفه ما جرى ببجاية واستيلاء الملثمين عليها ، وخوفه عاقبة التواني ، فجهز العساكر في البر عشرين ألف فارس وجهز الأسطول في البحر في خلق كثير واستعادوها .

التالي السابق


الخدمات العلمية