الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        3410 - وقد روي في حكم الصائم إذا قاء أو استقاء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مفسرا ما قد حدثنا أحمد بن داود ، قال : ثنا مسدد ، قال : ثنا عيسى بن يونس ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من ذرعه القيء ، وهو صائم ، فليس عليه قضاء ، ومن استقاء فليقض .

                                                        فبين هذا الحديث كيف حكم الصائم إذا ذرعه القيء أو استقاء ، وأولى الأشياء بنا أن يحمل الآثار على ما فيه اتفاقها وتصحيحها ، لا على ما فيه تنافيها وتضادها ، فيكون معنى الحديثين الأولين على ما وصفنا حتى لا يضاد معناهما معنى هذا الحديث ، فهذا حكم هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار ، وأما حكمه من طريق النظر ، فإنا رأينا القيء حدثا في قول بعض الناس ، وغير حدث في قول الآخرين ، ورأينا خروج الدم كذلك ، وكل قد أجمع أن الصائم إذا فصد عرقا أنه لا يكون بذلك مفطرا ، وكذلك لو كانت به علة فانفجرت عليه دما من موضع من بدنه ، فكان خروج الدم من حيث ذكرنا من بدنه ، واستخراجه إياه سواء فيما ذكرنا ، وكذلك هما في الطهارة .

                                                        وكان خروج القيء من غير استخراج من صاحبه إياه لا ينقض الصوم ، فالنظر على ما ذكرنا أن يكون خروجه باستخراج صاحبه إياه كذلك لا ينقض الصوم ، فلما كان القيء لا يفطره في النظر كان ما ذرعه من القيء أحرى أن يكون كذلك ، فهذا حكم هذا الباب أيضا من طريق النظر ، ولكن اتباع ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى ، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى وعامة العلماء .

                                                        [ ص: 98 ] وقد روي ذلك عن جماعة من المتقدمين .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية