الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              348 [ 171 ] وعن أبي هريرة ; أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ، ثم لينتثر ، ومن استجمر فليوتر .

                                                                                              رواه أحمد ( 2 \ 242 و 278 ) ، والبخاري ( 162 ) ، ومسلم ( 237 ) ، وأبو داود ( 140 ) ، والنسائي ( 1 \ 66 - 67 ) .

                                                                                              [ ص: 482 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 482 ] و (قوله : " ثم لينتثر ") متمسك لأحمد ، وإسحاق ، وأبي ثور على وجوب الاستنشاق في الوضوء والغسل . والجمهور على أن ذلك من السنن فيهما ، متمسكين بأن فروض الوضوء محصورة في آية الوضوء ، بدليل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي : " توضأ كما أمرك الله " . وليس في الآية ذكر الاستنثار ; وبدليل أنه قد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه اقتصر في وضوئه على الأعضاء الأربعة ، ولم يزد عليها ، وذلك يدل على أن غيرها من الأعضاء ليس فعله بواجب ، وهذه عمدة أصحابنا في حكمهم بحصر فروض الوضوء في ستة ، فإن النية مفهومة من قوله : إذا قمتم [ المائدة : 6 ] ; أي : إذا أردتم القيام ، والماء المطلق من قوله : فلم تجدوا ماء [ المائدة : 6 ] ، ومن تضمن الغسل له ، والأربعة الأعضاء منصوص عليها في الآية ، وما عدا ذلك من أحكام الوضوء مأخوذ من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فمنه : متأكد ، ويسمى : سنة ، وغير متأكد ، ويسمى : فضيلة ، كما هو معروف في كتب أصحابنا .

                                                                                              و (قوله : " من استجمر فليوتر ") الاستجمار : هو التمسح من الغائط بالجمار ، وهي : الأحجار الصغار ، ومنه : الجمار التي يرمى بها في الحج ، وقد نص عليها في حديث سلمان ، وقال أبو الحسن بن القصار : ويجوز أن يقال : [ ص: 483 ] إنه أخذ من الاستجمار بالبخور ; لأنه يزيل الرائحة القبيحة .

                                                                                              وقد اختلف قول مالك وغيره في معنى الاستجمار في هذا الحديث . فقيل ما تقدم ، وقيل : هو البخور ، فيجعل منه ثلاث قطع ، أو يأخذ منه ثلاث مرات ، واحدة بعد أخرى ، والأول أظهر .




                                                                                              الخدمات العلمية