الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                الرابعة : [ ص: 416 ] صرح ابن عبد السلام بأن الملائكة في الجنة لا يرون الله تعالى قال ; لأن الله تعالى قال : { لا تدركه الأبصار } وقد استثنى منه مؤمني البشر فبقي على عمومه في الملائكة . قال في آكام المرجان : ومقتضى هذا

                26 - أن الجن لا يروه لأن الآية باقية على العموم فيهم أيضا ( انتهى ) . ولم يتعقبه الأسيوطي رحمه الله ، وفي الاستدلال على عدم رؤية الملائكة والجن بالآية نظر ،

                27 - لأنها لا تدل على عدم رؤية المؤمنين أصلا فلا استثناء قال القاضي البيضاوي : لا تدركه أي لا تحيط به . واستدلت [ ص: 417 ] المعتزلة على امتناع الرؤية وهو ضعيف ; إذ ليس الإدراك بمطلق الرؤية ; ولا النفي في الآية عاما في الأوقات ; فلعله مخصوص ببعض الحالات ، ولا في الأشخاص

                28 - فإنه في قوة قولنا : كل بصر لا يدركه

                29 - مع أن النفي لا يوجب الامتناع ( انتهى )

                [ ص: 416 ]

                التالي السابق


                [ ص: 416 ] قوله : صرح ابن عبد السلام بأن الملائكة في الجنة لا يرون الله تعالى . وفي فتاوى أبي إسحاق إبراهيم بن الصغار ما نصه : اعتماد والدي الشهيد أن الملائكة لا يرون الله تعالى سوى جبرائيل عليه السلام فإنه يرى مرة واحدة ولا يرى بعدها ( انتهى ) . قال العلامة قاسم بن قطلوبغا ومن خطه نقلت : الرؤية جائزة عقلا فانتفاء وقوعها لا يكون إلا بالسمع وكذا ما قاله في أمر جبرائيل عليه السلام والله تعالى أعلم ( انتهى ) . وفي تحفة الجلساء للجلال السيوطي : الأقوى أنهم يرونه فقد نص على ذلك إمام السنة والجماعة أبو الحسن الأشعري رحمه الله في كتاب الإبانة في أصول الديانة وتابعه على ذلك البيهقي ( انتهى ) . وهل مؤمنو البشر من الأمم السابقة يرون الله تعالى قال ابن أبي ليلى : فيه احتمالان والأظهر مساواتهم نقله الجلال السيوطي .

                ( 26 ) قوله : إن الجن لا يروه . كذا بخط المصنف والصواب لا يرونه بإثبات النون .

                ( 27 ) قوله : لأنها لا تدل على عدم رؤية المؤمنين إلخ . قيل عليه فيه أن حمل " ال " في الأبصار للاستغراق كما هو الظاهر يدل عليه إذ المتبادر الاستغراق الحقيقي الشامل [ ص: 417 ] لإبصار المؤمنين وغيرهم وهو مبني الاستدلال بالآية تعم حمل الإدراك على الإحاطة التي نفيها لا يستلزم نفي أصل الرؤية لا يدل على عدم رؤيتهم إذ نفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم ( انتهى ) . وقيل عليه أيضا : إن التعليل المذكور لا يناسب النظر لأن الظاهر نفي العام واستثني مؤمنو البشر فبقي على عمومه في غيرهم وهم الملائكة والجن وما نقله عن البيضاوي تأويل مخالف للظاهر لكنه موافق لمذهب أهل السنة

                ( 28 ) قوله : فإنه في قوة قولنا كل بصر يدركه . يريد أن القضية التي ورد عليه النفي هي ما ذكره فيصير الحاصل بعد دخول النفي ليس كل بصر يدركه وهو من سلب العموم لا من عموم السلب .

                ( 29 ) قوله : مع أن النفي لا يوجب الامتناع . يعني مدلول النفي عدم الوقوع لا عدم الجواز فكم من شيء غير واقع يجوز وقوعه




                الخدمات العلمية