الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  814 233 - حدثنا أبو الوليد ، قال : حدثنا شعبة ، عن سليمان ، عن عمارة بن عمير ، عن الأسود ، قال : قال عبد الله : لا يجعلن أحدكم للشيطان شيئا من صلاته ، يرى أن حقا عليه أن لا ينصرف إلا عن يمينه ، لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ينصرف عن يساره .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إنه يدل على جواز الانصراف عقيب السلام من الصلاة من الجانبين ، أما من جانب اليسار فصريح في ذلك ، وأما من جانب اليمين فبقوله : " لا يجعلن أحدكم " ، إلى آخره .

                                                                                                                                                                                  ذكر رجاله ، وهم ستة ; أبو الوليد هشام بن عبد الملك . وشعبة بن الحجاج . وسليمان الأعمش . وعمارة ، بضم العين وتخفيف الميم ، ابن عمير ، مصغر عمرو . والأسود بن يزيد النخعي . وعبد الله بن مسعود .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده )

                                                                                                                                                                                  فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع والإخبار كذلك في موضع . وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع . وفيه القول في ثلاثة مواضع . وفيه عن عمارة ، وفي رواية أبي داود الطيالسي : عن شعبة عن الأعمش سمعت عمارة بن عمير . وفيه ثلاثة من التابعين ; وهم : سليمان ، وعمارة ، والأسود ، كلهم كوفيون ، وشعبة واسطي ، وأبو الوليد شيخ البخاري بصري .

                                                                                                                                                                                  ذكر من أخرجه غيره

                                                                                                                                                                                  أخرجه مسلم عن أبي بكر ابن أبي شيبة ، وعن إسحاق بن إبراهيم ، وعن علي بن خشرم . وأخرجه أبو داود في الصلاة أيضا عن مسلم بن إبراهيم عن شعبة . وأخرجه النسائي فيه عن عمرو بن علي . وأخرجه ابن ماجه فيه عن علي بن محمد عن وكيع ، وعن أبي بكر بن خلاد .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 144 ] ذكر معناه

                                                                                                                                                                                  قوله : “ لا يجعلن " ، بنون التأكيد في رواية الكشميهني ، وفي رواية غيره : لا يجعل ، بدون النون . قوله : " شيئا من صلاته " ، وفي رواية مسلم : جزءا من صلاته . قوله : " يرى " ، بفتح الياء آخر الحروف بمعنى يعتقد ، أو يرى بضم الياء بمعنى يظن ، ووجه ارتباط هذه الجملة بما قبلها هو إما أن يكون بيانا للجعل أو يكون استئنافا تقديره : كيف يجعل للشيطان من صلاته ، فقال : يرى أن حقا عليه ، إلى آخره . قوله : " حقا " منصوب لأنه اسم أن . قوله : " أن لا ينصرف " في محل الرفع على أنه خبر أن ، والمعنى : يرى أن واجبا عليه عدم الانصراف إلا عن يمينه ، والكرماني تكلف هاهنا فقال : أن لا ينصرف معرفة ، إذ تقديره عدم الانصراف ، فكيف وقع خبرا لأن واسمه نكرة ، ثم أجاب بأن النكرة المخصوصة كالمعرفة ، أو أنه من باب القلب ، أي : يرى أن عدم الانصراف حق عليه ، انتهى . قلت : هذا تعسف ، وظاهر الإعراب هو الذي ذكرته . وقال الكرماني : وفي بعض الروايات " أن " بغير التشديد ، فهي إما مخففة من الثقيلة وحقا مفعول مطلق وفعله محذوف ، أي : قد حق حقا ، وأن لا ينصرف فاعل الفعل المقدر ، وإما مصدرية . قلت : لم تصح رواية التخفيف حتى يوجه بهذا التوجيه .

                                                                                                                                                                                  قوله : “ كثيرا ينصرف عن يساره " ، انتصاب كثير على أنه صفة لمصدر رأيت محذوفا . وقوله : " ينصرف " ، جملة حالية ، وفي رواية مسلم : أكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن شماله . ( فإن قلت ) : روى مسلم عن أنس أنه قال : أما أنا فأكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه . وبينهما تعارض ، لأن كلا منهما قد عبر بصيغة أفعل . ( قلت ) : قال النووي : يجمع بينهما بأنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل تارة هذا وتارة هذا ، فأخبر كل منهما بما اعتقد أنه الأكثر ، وإنما كره ابن مسعود أن يعتقد وجوب الانصراف عن اليمين ، وقد مر الكلام في حكم هذا الباب عن قريب مستقصى .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية