الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4414 (37) باب فضائل عثمان - رضي الله عنه -

                                                                                              [ 2312 ] عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في بيتي كاشفا عن فخذيه أو ساقيه، - وفي رواية: وهو مضطجع على فراشه لابس مرط عائشة - فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الحال فتحدث، ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك فتحدث، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوى ثيابه فتحدث، فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك ! فقال: " ألا أستحيي من رجل تستحيي منه الملائكة".

                                                                                              وفي رواية: فقالت عائشة: ما لي لم أرك فزعت لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان؟ ! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن عثمان رجل حيي، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال أن لا يبلغ إلي في حاجته".

                                                                                              رواه أحمد ( 6 \ 155 و 167)، ومسلم (2401 و 2402).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              (37) ومن باب فضائل عثمان رضي الله عنه

                                                                                              وهو عثمان بن عفان بن أبي العاصي بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ، يكنى أبا عمرو، وأبا عبد الله، وأبا ليلى بأولاد ولدوا له، وأشهر كناه أبو عمرو، ولقب بذي النورين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم زوجه ابنتيه، رقية ، وأم كلثوم واحدة بعد أخرى، وقال صلى الله عليه وسلم: " لو كانت عندي أخرى لزوجتها له "، أسلم قديما قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم ، وهاجر إلى أرض الحبشة ، وإلى المدينة ، ولما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر خلفه على ابنته رقية يمرضها، وضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه، وأجره، فكان كمن شهدها، وقيل: كان هو في نفسه مريضا بالجدري، وبايع عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده في يده في بيعة الرضوان، وقال: " هذه لعثمان "، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد وجهه إلى أهل مكة ليكلمهم في أن يخلوا بين [ ص: 263 ] النبي صلى الله عليه وسلم وبين العمرة، فأرجف بأن قريشا قتلته، فبايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بسبب ذلك.

                                                                                              وفي بقاء النبي صلى الله عليه وسلم منكشف الفخذ حتى اطلع عليه أبو بكر وعمر دليل على أن الفخذ ليس بعورة ، وقد تقدم الكلام فيه، وفيه دليل على جواز معاشرة كل واحد من الأصحاب بحسب حاله. ألا ترى انبساطه، واسترساله مع العمرين على الحالة التي كان عليها مع أهله، لم يغير منها شيئا، ثم إنه لما دخل عثمان رضي الله عنه غير تلك التي كان عليها، فغطى فخذيه، وتهيأ له، ثم لما سئل عن ذلك، قال: " إن عثمان رجل حيي وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال ألا يبلغ إلي في حاجته ". وفي الرواية الأخرى: " ألا أستحيي من رجل تستحيي منه الملائكة؟ ! " أي: حياء التوقير والإجلال، وتلك منقبة عظيمة، وخصوصية شريفة ليست لغيره، أعرض قتلة عثمان عنها، ولم يعرجوا عليها.

                                                                                              و (قولها: " دخل أبو بكر فلم تهتش له، ولم تباله ") يروى: تهتش بالتاء باثنتين من فوقها، ويروى بحذفها، وفتح الهاء، وهو من الهشاشة، وهي الخفة والاهتزاز والنشاط عند لقاء من يفرح بلقائه. يقال: هش وبش، وتبشبش: كلها بمعنى. ولم تباله، أي: لم تعتن بأمره، وأصله من البال، وهو الاحتفال بالشيء، والاعتناء به، والفكر فيه. يقول: جعلته من بالي وفكري، وهو المعبر عنه في الرواية الأخرى [ ص: 264 ] بقولها: لم أرك فزعت له، أي: لم تقبل عليه، ولم تتفرغ له.




                                                                                              الخدمات العلمية