الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4531 (61) باب فضائل أنس بن مالك

                                                                                              [ 2389 ] عن أم سليم أنها قالت : يا رسول الله ، خادمك أنس ، ادع الله له ! فقال : اللهم أكثر ماله وولده، وبارك له فيما أعطيته .

                                                                                              رواه البخاري (6378) ومسلم (2480) (141)، والترمذي (3829).

                                                                                              [ 2390 ] وعن أنس قال : جاءت بي أمي أم أنس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أزرتني بنصف خمارها وردتني بنصفه ، فقالت : يا رسول الله ، هذا أنيس ابني ، أتيت به يخدمك، فادع الله له ! فقال : اللهم أكثر ماله وولده . قال أنس : فوالله إن مالي لكثير، وإن ولدي وولد ولدي ليتعادون على نحو المائة اليوم .

                                                                                              وفي رواية : فدعا لي ثلاث دعوات، قد رأيت منها اثنتين في الدنيا، وأنا أرجو الثالثة في الآخرة .

                                                                                              رواه أحمد ( 3 \ 194 ) ، ومسلم (2481) (143) و (144).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              (61) ومن باب : فضائل أنس بن مالك بن النضر رضي الله عنه

                                                                                              ابن ضمضم بن زيد النجاري ، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يكنى أبا حمزة ، يروى عنه أنه قال : كناني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ببقلة كنت أجتنيها . وأمه : أم سليم بنت ملحان . كان سن أنس لما قدم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة عشر سنين ، وقيل : ثماني سنين ، وتوفي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنس ابن عشرين سنة ، وشهد بدرا ، وتوفي في قصره بالطف على فرسخين من البصرة سنة إحدى وتسعين ، وقيل : ثلاث وتسعين ، وقيل : سنة اثنتين وتسعين . قال أبو عمر : وهو آخر من مات بالبصرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما أعلم أحدا فمن مات بعده ممن رأى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا أبا الطفيل .

                                                                                              واختلف في سن أنس يوم توفي ؛ فقيل : مائة سنة إلا سنة واحدة ، وقيل : إنه ولد له ثمانون ولدا منهم ثمانية وسبعون ذكرا وابنتان ، وتوفي قبله من ولده لصلبه وولد ولده نحو المائة ، وكل ذلك من تعميره وكثرة نسله ببركة دعوة [ ص: 411 ] النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما يأتي في الأم ، وجملة ما روى عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الحديث ألفا حديث ومائتا حديث وستة وثمانون حديثا ، أخرج له في الصحيحين ثلاثمائة حديث وثمانية عشر حديثا .

                                                                                              وفي الصحابة رجل آخر اسمه أنس بن مالك ، ويكنى أبا أمية القشيري ، وقيل : الكعبي ، وكعب أخو قشير ، ولم يسند عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سوى قوله : " إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة " . وقيل : روى ثلاثة أحاديث لم يقع له في الصحيحين شيء .

                                                                                              [ ص: 412 ] و (قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " اللهم أكثر ماله وولده ") يدل على إباحة الاستكثار من المال والولد والعيال ، لكن إذا لم يشغل ذلك عن الله تعالى ولا عن القيام بحقوقه ، لكن لما كانت سلامة الدين مع ذلك بادرة والفتن والآفات غالبة تعين التقلل من ذلك الفرار مما هنالك ، ولولا دعوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأنس رضي الله عنه بالبركة لخيف عليه من الإكثار الهلكة ، ألا ترى أن الله تعالى قد حذرنا من آفات الأموال والأولاد ونبه على المفاسد الناشئة من ذلك فقال : أنما أموالكم وأولادكم فتنة [الأنفال: 28] وصدر الكلام بإنما الحاصرة المحققة ، فكأنه قال : لا تكون الأموال والأولاد إلا فتنة ، يعني في الغالب . ثم قال بعد ذلك : يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم ووجه عداوتهما أن محبتهما موجبة لانصراف القلوب إليهما والسعي في تحصيل أغراضهما ، واشتغالهما بما غلب عليهما من ذلك عما يجب عليهما من حقوق الله تعالى ، ومع غلبة ذلك تذهب الأديان ويعم الخسران ، فأي عداوة أعظم من عداوة ممن يدمر دينك هذا الدمار ويورثك عقوبة النار؟! ولذلك قال تعالى وهو أصدق القائلين : يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون [المنافقون: 9] وقال أرباب القلوب والفهوم : ما يشغلك من أهل ومال فهو عليك مشؤوم .




                                                                                              الخدمات العلمية