الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : ( إذا عوض الموهوب له الواهب من هبته عوضا فقال : هذا عوض من هبتك ، أو ثواب من هبتك ، أو بدلها أو مكانها : فهذا كله عوض ) ; لأن الشرط في التعويض أن يضيف إلى الموهوب ليندفع به الغرر عن الواهب ، ويعلم الواهب أنه يعطيه جزاء صنعه ، وإتماما لمقصوده ، وقد حصل ذلك بهذه الألفاظ ، فإنما ينبني الحكم على ما هو المقصود فإذا حصل ذلك فالعبارات فيه سواء ، فإن استحقت الهبة كان للمعوض أن يرجع في عوضه ; لأنه إنما عوضه ليتم سلامة الموهوب له بإسقاط حق الواهب في الرجوع ، وقد فات ذلك عليه باستحقاق الموهوب فيتمكن من الرجوع في العوض ، أو لأن المعوض كالواهب ، فإذا استحق الموهوب فلم يبق له - بمقابلة هبته - شيء فكان له أن يرجع بالهبة ، وإن كان المعوض هالكا ضمنه قيمته وروى بشر عن أبي يوسف رحمهما الله أنه لا يضمنه شيئا ; لأن المعوض واهب ، وقبض الهبة ليس بقبض ضمان ; ولأنه تبين أنه بمنزلة الواهب - ابتداء - فيكون حقه في الرجوع مقصورا على العين لحق الواهب ابتداء .

وجه ظاهر الرواية أن المعوض إنما رضي بالتعويض ليتم له به سلامة الهبة . فإذا استحق فقد [ ص: 77 ] تمكن الخلل في رضاه فيجعل كما لو قبض الواهب بغير رضاه ، وهلك في يده فعليه ضمان القيمة ; ولأن الواهب عاد له في هبة المستحق ، ولولا ذلك ما عوضه ، وللمغرور أن يدفع الغرر عن نفسه بالرجوع على الغار بما لحقه من الخسران . يوضحه : أن التعويض لا يكون إلا مضافا إلى الهبة ، والتمليك مضافا إلى بدل مستحق يكون فاسدا ، فتبين أن الواهب قبضه لنفسه بسبب فاسد ، وكان مستحق الرد عليه عند قيامه مضمونا بالقيمة بعد هلاكه ، وإن استحق العوض كان للواهب أن يرجع في هبته إذا كانت قائمة بعينها لم تزدد خيرا ; لأن التعويض بطل بالاستحقاق من الأصل فظهر الحكم الذي كان قبل التعويض .

التالي السابق


الخدمات العلمية