الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : ( وإن قال : وهبت لك العبد - حياتك وحياته - وقبضه : فهي هبة جائزة ) ; لأنه ملكه في الحال بقوله : وهبت لك . وقوله : حياتك وحياته ، فضل من الكلام غير محتاج إليه ; فكان لغوا ، أو فيه إيهام شرط الرجوع إليه بعد موته ، وقد بينا أن هذا الشرط باطل ، وكذلك لو قال أعمرتك داري هذه - حياتك - أو أعطيتها - حياتك - أو وهبت لك هذا العبد - حياتك - فإذا مت فهي لي ، وإذا مت أنا فهي لورثتي : فهذا كله تمليك صحيح في الحال ، وشرط الرجوع إليه أو إلى الورثة باطل . وكذلك لو قال : هي هبة لك ، ولعقبك بعدك ; لأنه ملك العين بأول كلامه ، وذكر العقب لغو واشتغال بما لا يفيد ; فهو يعلم أن عقبه من ورثته يخلفه في ملكه . وإن قال : أسكنتك داري هذه - حياتك - ولعقبك من بعدك : فهذه عارية ; لأنه صرح بلفظ الإسكان ، وهو تصرف في المنفعة - دون العين - .

وقوله : لعقبتك بعدك ، عطف ، والعطف : للاشتراك ، فمعناه : [ ص: 97 ] سكناها لعقبك من بعدك ; فهي هبة له ، وذكر العقب لغو ; لأن قوله : هي لك تمليك لعينها منه ، وبعد ما هلك عنها منه لا يبقى له ولاية إيجابها لغيره ، فكان قوله : " ولعقبك من بعدك " لغو - بخلاف الأول - فإن بعد إيجاب المنفعة له بطريق العارية يبقى له ولاية الإيجاب لغيره ، فكان كلامه عارية في حقه وفي حق عقبه بعده ، وله أن يأخذها - متى شاء - .

التالي السابق


الخدمات العلمية