القول في
nindex.php?page=treesubj&link=29021_32626تأويل قوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=12كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود ( 12 )
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=13وعاد وفرعون وإخوان لوط ( 13 )
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=14وأصحاب الأيكة وقوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد ( 14 ) )
يقول - تعالى ذكره - ( كذبت ) قبل هؤلاء المشركين الذين كذبوا
محمدا [ ص: 337 ] - صلى الله عليه وسلم - من قومه (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=12قوم نوح وأصحاب الرس ) وقد مضى ذكرنا - قبل - أمر
أصحاب الرس ، وأنهم قوم رسوا نبيهم في بئر .
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
أبي بكر ، عن
عكرمة بذلك .
حدثت عن
الحسين قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله ( أصحاب الرس ) والرس : بئر قتل فيها صاحب " يس " .
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله ( أصحاب الرس ) قال : بئر .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : أخبرنا
عمرو بن الحارث ، عن
سعيد بن أبي هلال ، عن
عمرو بن عبد الله ، عن
قتادة أنه قال : إن
أصحاب الأيكة - والأيكة : الشجر الملتف -
وأصحاب الرس كانتا أمتين ، فبعث الله إليهم نبيا واحدا
شعيبا ، وعذبهما الله بعذابين (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=12وثمود وعاد وفرعون وإخوان لوط وأصحاب الأيكة ) وهم قوم
شعيب ، وقد مضى خبرهم قبل (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=14وقوم تبع ) .
وكان
قوم تبع أهل أوثان يعبدونها ، فيما حدثنا به
ابن حميد قال : ثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق .
وكان من خبره وخبر قومه ، ما حدثنا به
مجاهد بن موسى قال : ثنا
يزيد قال : أخبرنا
عمران بن حدير ، عن
أبي مجلز ، عن
ابن عباس ، أنه سأل
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام ، عن
تبع ما كان ؟ فقال : إن
تبعا كان رجلا من العرب ، وإنه ظهر على الناس ، فاختار فتية من الأخيار فاستبطنهم واستدخلهم ، حتى أخذ منهم وبايعهم ، وإن قومه استكبروا ذلك وقالوا : قد ترك دينكم ، وبايع الفتية ، فلما فشا ذلك قال للفتية ، فقال الفتية : بيننا وبينهم النار تحرق الكاذب ،
[ ص: 338 ] وينجو منها الصادق ، ففعلوا ، فعلق الفتية مصاحفهم في أعناقهم ، ثم غدوا إلى النار ، فلما ذهبوا أن يدخلوها ، سفعت النار في وجوههم ، فنكصوا عنها ، فقال لهم
تبع : لتدخلنها ، فلما دخلوها أفرجت عنهم حتى قطعوها ، وأنه قال لقومه ادخلوها ، فلما ذهبوا يدخلونها سفعت النار وجوههم ، فنكصوا عنها ، فقال لهم
تبع : لتدخلنها ، فلما دخلوها أفرجت عنهم ، حتى إذا توسطوا أحاطت بهم ، فأحرقتهم ، فأسلم
تبع ، وكان
تبع رجلا صالحا .
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق ، عن
أبي مالك بن ثعلبة بن أبي مالك القرظي قال : سمعت
إبراهيم بن محمد القرظي قال : سمعت
إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبد الله يحدث " أن
تبعا لما دنا من
اليمن ليدخلها ، حالت حمير بينه وبين ذلك ، وقالوا : لا تدخلها علينا ، وقد فارقت ديننا فدعاهم إلى دينه ، وقال : إنه دين خير من دينكم ، قالوا : فحاكمنا إلى النار ، قال نعم ، قال : وكانت في
اليمن - فيما يزعم
أهل اليمن - نار تحكم فيما بينهم فيما يختلفون فيه ، تأكل الظالم ولا تضر المظلوم ، فلما قالوا ذلك
لتبع قال : أنصفتم ، فخرج قومه بأوثانهم ، وما يتقربون به في دينهم . قال : وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما متقلديهما ، حتى قعدوا للنار عند مخرجها التي تخرج منه ، فخرجت النار إليهم ، فلما أقبلت نحوهم حادوا عنها وهابوها ، فرموهم من حضرهم من الناس ، وأمروهم بالصبر لها ، فصبروا حتى غشيتهم فأكلت الأوثان وما قربوا معها ، ومن حمل ذلك من رجال
حمير وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما ، تعرق جباههما لم تضرهما ، فأطبقت
حمير عند ذلك على دينه ، فمن هنالك وغير ذلك كان أصل اليهودية
باليمن " .
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق عن بعض أصحابه أن الحبرين ومن خرج معهما من
حمير إنما اتبعوا النار ليردوها ، وقالوا :
[ ص: 339 ] من ردها فهو أولى بالحق فدنا منهم رجال من
حمير بأوثانهم ليردوها ، فدنت منهم لتأكلهم ، فحادوا فلم يستطيعوا ردها ، ودنا منها الحبران بعد ذلك وجعلا يتلوان التوراة ، وتنكص حتى رداها إلى مخرجها الذي خرجت منه ، فأطبقت عند ذلك على دينهما . وكان رئام بيتا لهم يعظمونه ، وينحرون عنده ، ويكلمون منه ، إذ كانوا على شركهم . فقال الحبران
لتبع إنما هو شيطان يعينهم ويلعب بهم ، فخل بيننا وبينه ، قال : فشأنكما به فاستخرجا منه - فيما يزعم
أهل اليمن - كلبا أسود ، فذبحاه ، ثم هدما ذلك البيت ، فبقاياه اليوم
باليمن كما ذكر لي " .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن لهيعة ، عن
عمرو بن جابر الحضرمي ، حدثه قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد الساعدي يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=811013لا تلعنوا تبعا فإنه كان قد أسلم " .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : أخبرني
ابن لهيعة ، عن
الحارث بن يزيد أن
شعيب بن زرعة المعافري ، حدثه قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص وقال له رجل : إن
حمير تزعم أن
تبعا منهم ، فقال : نعم والذي نفسي بيده ، وإنه في العرب كالأنف بين العينين . وقد كان منهم سبعون ملكا .
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=14كل كذب الرسل فحق وعيد ) يقول - تعالى ذكره - : كل هؤلاء الذين ذكرناهم كذبوا رسل الله الذين أرسلهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=14فحق وعيد ) يقول : فوجب لهم الوعيد الذي وعدناهم على كفرهم بالله ، وحل بهم العذاب والنقمة . وإنما وصف ربنا - جل ثناؤه - ما وصف في هذه الآية من إحلاله عقوبته بهؤلاء المكذبين الرسل ترهيبا منه بذلك مشركي
قريش وإعلاما منه لهم أنهم إن لم ينيبوا من تكذيبهم رسوله
محمدا - صلى الله عليه وسلم - أنه محل بهم من العذاب مثل الذي أحل بهم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى [ ص: 340 ] ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=14فحق وعيد ) قال : ما أهلكوا به تخويفا لهؤلاء .
الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29021_32626تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=12كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ ( 12 )
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=13وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ ( 13 )
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=14وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ( 14 ) )
يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - ( كَذَّبَتْ ) قَبْلَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَذَّبُوا
مُحَمَّدًا [ ص: 337 ] - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قَوْمِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=12قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ ) وَقَدْ مَضَى ذِكْرُنَا - قَبْلُ - أَمْرَ
أَصْحَابِ الرَّسِّ ، وَأَنَّهُمْ قَوْمٌ رَسُّوا نَبِيَّهُمْ فِي بِئْرٍ .
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : ثَنَا
مِهْرَانُ ، عَنْ
سُفْيَانَ ، عَنْ
أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ بِذَلِكَ .
حُدِّثْتُ عَنِ
الْحُسَيْنِ قَالَ : سَمِعْتُ
أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ : أَخْبَرَنَا
عُبَيْدٌ قَالَ : سَمِعْتُ
الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ ( أَصْحَابُ الرَّسِّ ) وَالرَّسُّ : بِئْرٌ قُتِلَ فِيهَا صَاحِبُ " يس " .
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : ثَنَا
عِيسَى ، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ جَمِيعًا ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ قَوْلَهُ ( أَصْحَابُ الرَّسِّ ) قَالَ : بِئْرٌ .
حَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا
عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ
قَتَادَةَ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ
أَصْحَابَ الْأَيْكَةِ - وَالْأَيْكَةُ : الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ -
وَأَصْحَابَ الرَّسِّ كَانَتَا أُمَّتَيْنِ ، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ نَبِيًّا وَاحِدًا
شُعَيْبًا ، وَعَذَّبَهُمَا اللَّهُ بِعَذَابَيْنِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=12وَثَمُودُ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ ) وَهْمُ قَوْمُ
شُعَيْبٍ ، وَقَدْ مَضَى خَبَرَهُمْ قَبْلُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=14وَقَوْمُ تُبَّعٍ ) .
وَكَانَ
قَوْمُ تُبَّعٍ أَهْلُ أَوْثَانٍ يَعْبُدُونَهَا ، فِيمَا حَدَّثَنَا بِهِ
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : ثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ .
وَكَانَ مِنْ خَبَرِهِ وَخَبَرِ قَوْمِهِ ، مَا حَدَّثَنَا بِهِ
مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : أَخْبَرَنَا
عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ ، عَنْ
أَبِي مِجْلَزٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ سَأَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=106عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ ، عَنْ
تُبَّعٍ مَا كَانَ ؟ فَقَالَ : إِنَّ
تُبَّعًا كَانَ رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ ، وَإِنَّهُ ظَهَرَ عَلَى النَّاسِ ، فَاخْتَارَ فِتْيَةً مِنَ الْأَخْيَارِ فَاسْتَبْطَنَهُمْ وَاسْتَدْخَلَهُمْ ، حَتَّى أَخَذَ مِنْهُمْ وَبَايَعَهُمْ ، وَإِنَّ قَوْمَهُ اسْتَكْبَرُوا ذَلِكَ وَقَالُوا : قَدْ تَرَكَ دِينَكُمْ ، وَبَايَعَ الْفِتْيَةَ ، فَلَمَّا فَشَا ذَلِكَ قَالَ لِلْفِتْيَةِ ، فَقَالَ الْفِتْيَةُ : بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ النَّارُ تَحْرِقُ الْكَاذِبَ ،
[ ص: 338 ] وَيَنْجُو مِنْهَا الصَّادِقُ ، فَفَعَلُوا ، فَعَلَّقَ الْفِتْيَةُ مَصَاحِفَهُمْ فِي أَعْنَاقِهِمْ ، ثُمَّ غَدَوْا إِلَى النَّارِ ، فَلَمَّا ذَهَبُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا ، سَفَعَتِ النَّارُ فِي وُجُوهِهِمْ ، فَنَكَصُوا عَنْهَا ، فَقَالَ لَهُمْ
تُبَّعٌ : لَتَدْخُلُنَّهَا ، فَلَمَّا دَخَلُوهَا أُفْرِجَتْ عَنْهُمْ حَتَّى قَطَعُوهَا ، وَأَنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ ادْخُلُوهَا ، فَلَمَّا ذَهَبُوا يَدْخُلُونَهَا سَفَعَتِ النَّارُ وُجُوهَهُمْ ، فَنَكَصُوا عَنْهَا ، فَقَالَ لَهُمْ
تُبَّعٌ : لَتَدْخُلُنَّهَا ، فَلَمَّا دَخَلُوهَا أُفْرِجَتْ عَنْهُمْ ، حَتَّى إِذَا تَوَسَّطُوا أَحَاطَتْ بِهِمْ ، فَأَحْرَقَتْهُمْ ، فَأَسْلَمَ
تُبَّعٌ ، وَكَانَ
تُبَّعٌ رَجُلًا صَالِحًا .
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : ثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ
أَبِي مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ
إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْقُرَظِيَّ قَالَ : سَمِعْتُ
إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ " أَنَّ
تُبَّعًا لَمَّا دَنَا مِنَ
الْيَمَنِ لِيَدْخُلَهَا ، حَالَتْ حِمْيَرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ ، وَقَالُوا : لَا تَدْخُلُهَا عَلَيْنَا ، وَقَدْ فَارَقْتَ دِينَنَا فَدَعَاهُمْ إِلَى دِينِهِ ، وَقَالَ : إِنَّهُ دِينٌ خَيْرٌ مِنْ دِينِكُمْ ، قَالُوا : فَحَاكِمْنَا إِلَى النَّارِ ، قَالَ نَعَمْ ، قَالَ : وَكَانَتْ فِي
الْيَمَنِ - فِيمَا يَزْعُمُ
أَهْلُ الْيَمَنِ - نَارٌ تَحْكُمُ فِيمَا بَيْنَهُمْ فِيمَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ ، تَأْكُلُ الظَّالِمَ وَلَا تَضُرُّ الْمَظْلُومَ ، فَلَمَّا قَالُوا ذَلِكَ
لِتُبَّعٍ قَالَ : أَنْصَفْتُمْ ، فَخَرَجَ قَوْمُهُ بِأَوْثَانِهِمْ ، وَمَا يَتَقَرَّبُونَ بِهِ فِي دِينِهِمْ . قَالَ : وَخَرَجَ الْحَبْرَانِ بِمَصَاحِفِهِمَا فِي أَعْنَاقِهِمَا مُتَقَلِّدَيْهِمَا ، حَتَّى قَعَدُوا لِلنَّارِ عِنْدَ مَخْرَجِهَا الَّتِي تَخْرُجُ مِنْهُ ، فَخَرَجَتِ النَّارُ إِلَيْهِمْ ، فَلَمَّا أَقْبَلَتْ نَحْوَهُمْ حَادُوا عَنْهَا وَهَابُوهَا ، فَرَمَوْهُمْ مَنْ حَضَرَهُمْ مِنَ النَّاسِ ، وَأَمَرُوهُمْ بِالصَّبْرِ لَهَا ، فَصَبَرُوا حَتَّى غَشِيَتْهُمْ فَأَكَلَتِ الْأَوْثَانَ وَمَا قَرَّبُوا مَعَهَا ، وَمَنْ حَمَلَ ذَلِكَ مِنْ رِجَالِ
حِمْيَرَ وَخَرْجَ الْحَبْرَانِ بِمَصَاحِفِهِمَا فِي أَعْنَاقِهِمَا ، تَعْرَقُ جِبَاهُهُمَا لَمْ تَضُرَّهُمَا ، فَأَطْبَقَتْ
حِمْيَرُ عِنْدَ ذَلِكَ عَلَى دِينِهِ ، فَمِنْ هُنَالِكَ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَانَ أَصْلُ الْيَهُودِيَّةِ
بِالْيَمَنِ " .
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : ثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ أَنَّ الْحَبْرَيْنِ وَمَنْ خَرَجَ مَعَهُمَا مِنْ
حِمْيَرَ إِنَّمَا اتَّبَعُوا النَّارَ لِيَرُدُّوهَا ، وَقَالُوا :
[ ص: 339 ] مَنْ رَدَّهَا فَهُوَ أَوْلَى بِالْحَقِّ فَدَنَا مِنْهُمْ رِجَالٌ مِنْ
حِمْيَرَ بِأَوْثَانِهِمْ لِيَرَدُّوهَا ، فَدَنَتْ مِنْهُمْ لِتَأْكُلَهُمْ ، فَحَادُوا فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا رَدَّهَا ، وَدَنَا مِنْهَا الْحَبْرَانِ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَعَلَا يَتْلُوَانِ التَّوْرَاةَ ، وَتَنْكِصُ حَتَّى رَدَّاهَا إِلَى مَخْرَجِهَا الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ ، فَأَطْبَقَتْ عِنْدَ ذَلِكَ عَلَى دِينِهِمَا . وَكَانَ رِئَامُ بَيْتًا لَهُمْ يُعَظِّمُونَهُ ، وَيَنْحَرُونَ عِنْدَهُ ، وَيُكَلِّمُونَ مِنْهُ ، إِذْ كَانُوا عَلَى شِرْكِهِمْ . فَقَالَ الْحَبْرَانِ
لِتُبَّعٍ إِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ يُعِينُهُمْ وَيَلْعَبُ بِهِمْ ، فَخَلِّ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ ، قَالَ : فَشَأْنُكُمَا بِهِ فَاسْتَخْرَجَا مِنْهُ - فِيمَا يَزْعُمُ
أَهْلُ الْيَمَنِ - كَلْبًا أَسْوَدَ ، فَذَبَحَاهُ ، ثُمَّ هَدَمَا ذَلِكَ الْبَيْتَ ، فَبَقَايَاهُ الْيَوْمَ
بِالْيَمَنِ كَمَا ذُكِرَ لِي " .
حَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ
ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ جَابِرٍ الْحَضْرَمِيِّ ، حَدَّثَهُ قَالَ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=31سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=811013لَا تَلْعَنُوا تُبَّعًا فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ أَسْلَمَ " .
حَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي
ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنِ
الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ أَنْ
شُعَيْبَ بْنَ زُرْعَةَ الْمَعَافِرِيَّ ، حَدَّثَهُ قَالَ : سَمِعَتُ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : إِنَّ
حِمْيَرَ تَزْعُمُ أَنَّ
تُبَّعًا مِنْهُمْ ، فَقَالَ : نَعَمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، وَإِنَّهُ فِي الْعَرَبِ كَالْأَنْفِ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ . وَقَدْ كَانَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ مَلِكًا .
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=14كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ) يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : كُلُّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ كَذَّبُوا رُسُلَ اللَّهِ الَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=14فَحَقَ وَعِيدِ ) يَقُولُ : فَوَجَبَ لَهُمُ الْوَعِيدُ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ ، وَحَلَّ بِهِمُ الْعَذَابُ وَالنِّقْمَةُ . وَإِنَّمَا وَصَفَ رَبُّنَا - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - مَا وَصَفَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ إِحْلَالِهِ عُقُوبَتَهُ بِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ الرُّسُلَ تَرْهِيبًا مِنْهُ بِذَلِكَ مُشْرِكِي
قُرَيْشٍ وَإِعْلَامًا مِنْهُ لَهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ لَمْ يُنِيبُوا مِنْ تَكْذِيبِهِمْ رَسُولَهُ
مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ مُحِلٌّ بِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ مِثْلَ الَّذِي أَحَلَّ بِهِمْ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : ثَنَا
عِيسَى [ ص: 340 ] ، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ جَمِيعًا ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=14فَحَقَّ وَعِيدِ ) قَالَ : مَا أُهْلِكُوا بِهِ تَخْوِيفًا لِهَؤُلَاءِ .