الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 211 ] فصل : وكل فرقة كانت قبل الدخول من قبل المرأة ، مثل إسلامها ، أو ردتها ، أو إرضاعها من ينفسخ النكاح بإرضاعه ، أو ارتضاعها وهي صغيرة ، أو فسخت لإعسارة ، أو عيبه ، أو لعتقها تحت عبد ، أو فسخه بعيبها ، فإنه يسقط به مهرها ، ولا يجب لا متعة ; لأنها أتلفت المعوض قبل تسليمه ، فسقط البدل كله ، كالبائع يتلف المبيع قبل تسليمه .

                                                                                                                                            وإن كانت بسبب الزوج ، كطلاقه ، وخلعه ، وإسلامه ، وردته ، أو جاءت من أجنبي ، كالرضاع ، أو وطء ينفسخ به النكاح ، سقط نصف المهر ، ووجب نصفه أو المتعة لغير من سمي لها ، ثم يرجع الزوج على من فسخ النكاح إذا جاء الفسخ من قبل أجنبي . وإن قتلت المرأة ، استقر المهر جميعه ; لأنها فرقة حصلت بالموت ، وانتهاء النكاح ، فلا يسقط بها المهر ، كما لو ماتت حتف أنفها ، سواء قتلها زوجها أو أجنبي ، أو قتلت نفسها ، أو قتل الأمة سيدها .

                                                                                                                                            وإن طلق الحاكم على الزوج في الإيلاء ، فهو كطلاقه ; لأنه قام مقامه في إيفاء الحق عليه عند امتناعه منه . وفي فرقة اللعان روايتان ; إحداهما ، هي كطلاقه ; لأن سبب اللعان قذفه الصادر منه . والثانية ، يسقط به مهرها ; لأن الفسخ عقيب لعانها ، فهو كفسخها لعنته . وفي فرقة شرائها لزوجها أيضا روايتان ; إحداهما ، يتنصف بها مهرها ; لأن البيع الموجب للفسخ تم بالسيد القائم مقام الزوج وبالمرأة ، فأشبه الخلع . والثانية ، يسقط المهر ; لأن الفسخ وجد عقيب قبولها ، فأشبه فسخها لعنته .

                                                                                                                                            وفيما إذا اشترى الحر امرأته وجهان ، مبنيان على الروايتين في شرائها لزوجها . وإذا جعل لها الخيار ، فاختارت نفسها ، أو وكلها في الطلاق ، فطلقت نفسها ، فهو كطلاقه . لا يسقط مهرها ; لأن المرأة وإن باشرت الطلاق ، فهي نائبة عنه ، ووكيلة له ، وفعل الوكيل كفعل الموكل ، فكأنه صدر عن مباشرته .

                                                                                                                                            وإن علق طلاقها على فعل من قبلها ، لم يسقط مهرها ; لأن السبب وجد منه ، وإنما هي حققت شرطه ، والحكم ينسب إلى صاحب السبب والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية