الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القدرية مجوس هذه الأمة

وعنه - رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «القدرية مجوس هذه الأمة» ; أي : هذه الفرقة المنكرة للقدر ، القائلة بخلق العباد أفعالهم ، حالها واعتقادها في ملة الإسلام يشابه حال المجوس وعقيدتهم القائلين بتعدد الإله ، وإثبات القادرين : «يزدان» ، و «أهرمن» ، وأن أولهما : خالق الخير ، وهو الله ، والآخر : خالق الشر ، وهو الشيطان .

وذهب بعض أهل العلم طريق المبالغة ، وقال : حال القدرية أسوأ من حال المجوس; لأن هذه الفرقة تثبت شركاء لا تعد ولا تحصى ، والمجوس أثبتوا إلهين فقط .

قال في «المرقاة» : المراد بهذه الأمة : أمة الإجابة ، لأن قولهم يشبه قول المجوس ، فإن القدرية يقولون : الخير من الله ، والشر من الشيطان ومن النفس . انتهى .

وفي الحديث الشريف : «والشر ليس إليك ، والخير كله بيدك» . إن مرضوا فلا تعودوهم» من العيادة ، «وإن ماتوا ، فلا تشهدوهم» ; أي : لا تصلوا عليهم صلاة الجنازة .

والمعنى : لا تراعوهم في حقوق الإسلام ، لا في حال الحياة ، ولا بعد الممات . رواه أحمد ، وأبو داود .

وفي حديث حذيفة بن اليمان ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لكل أمة مجوس ، [ ص: 155 ] ومجوس هذه الأمة : الذين يقولون : لا قدر ، من مات منهم ، فلا تشهدوا جنازته ، ومن مرض منهم ، فلا تعودوهم ، وهم شيعة الدجال ، وحق على الله أن يلحقهم بالدجال» .

وعن عمر - رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تجالسوا أهل القدر ، ولا تفاتحوهم» ; أي : لا تجعلوهم حاكمين فيكم .

ولفظ «المرقاة» من الفتاحة - بضم الفاء وكسرها; أي : الحكومة; أي : لا تحاكموا إليهم . وقيل : لا تبتدئوهم بالسلام والكلام . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية