الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ما ينبغي أن يكون عليه موقف الشرفاء من رعاية شرف نسبهم .

وهنا تنبيه للشرفاء والسادة بألا يحوموا حول المحرمات ، ولا يعصوا ، ولا يهتكوا حرمة السيادة والقرابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يغتروا بها . انتهى .

«6- والتارك لسنتي» ; أي : السادس من الملعونين : من ترك السنة ، وارتكب البدعة .

قال في الترجمة : ترك السنة ، إن كان على طريق الاستخفاف والاستهانة ، وقلة المبالاة بها ، فهو كفر ، واللعنة محمولة على الحقيقة .

وإن كان على طريق التقصير والتكاسل ، فمعصية ، واللعنة محمولة على الزجر والشدة ، والبعد عن مقام القرب والعزة .

وإن تركت أحيانا ، لم يكن معصية . وهذا التفصيل يجري في استحلال غيرها من المحرمات ونحوها . انتهى . وهذا الكلام من صاحب الترجمة في غاية الإنصاف ، ونهاية الأدب .

فالسنة المطهرة مرتبتها كذلك في الأخذ والترك; فإن الآخذ بها مرحوم ، كما أن تاركها استخفافا أو عنادا ملعون ، ورافضها تقصيرا وغفلة عاص .

[ ص: 159 ] ومثله في «المرقاة» ، ولفظه : «التارك لسنتي» ; أي : المعرض عنها بالكلية ، أو بعضها; استخفافا بها ، وقلة مبالاة ، كافر وملعون ، وتاركها تهاونا وتكاسلا لا عن استخفاف عاص ، واللعنة عليه من باب التغليظ . انتهى .

وأقول : ومن التاركين لها بعد الثبوت في دواوين الإسلام; كالصحاح الستة ، ونحوها : مقلدة المذاهب الأربعة الموجودون في هذا الزمان .

فإنهم والله رب الكعبة ! قد ثبت عندهم بالدليل الشافي ، والبرهان الكافي ، والحجة البالغة ، والنصوص الناطقة : أن الاتباع هو الحق ، وأن تقليد الرجال هو الابتداع ، وأن في إيثار بدعة التقليد رفع سنة الاتباع .

وقد بلغ أهل العلم بالحديث السنن الصحيحة الصريحة المحكمة في كل باب من أبواب الفقه إليهم ، وبينوا لهم ما أنزل الله تعالى على رسوله ، وما قال رسولهم صلى الله عليه وسلم ، فلم يقبلوا ذلك; عنادا ، واستخفافا ، وقلة مبالاة ، وجمدوا على ما أدركوا عليه آباءهم ، وألفوا عليه مشايخهم وقومهم ، من تقديم الرأي والاجتهاد ، على الرواية والاتباع ، وقل منهم اليوم من تركها تهاونا أو تكاسلا .

فهؤلاء دخلوا تحت هذا الحديث دخولا أوليا ، وما أشد العبرة منهم في هذا الصنيع الملعون! فاعتبروا منه يا أولي الأبصار!

التالي السابق


الخدمات العلمية