الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 252 ] مغالطة المقلدين للمتبعين للكتاب والسنة واتهامهم باحتقار الأئمة المجتهدين

ولكن هاهنا مغالطة وقعت لأكثر الناس، وهي من يرد قول بعضهم، الذي يراه مخالفا لنص القرآن، أو دليل السنة، ولا يجد له برهانا من الله ولا من رسوله، ولا سلطانا، فيزعم من يقف عليه أو يسمعه: أن هذا الراد يبغض ذلك البعض؛ لأنه رجح القرآن والحديث على قوله، ولم يقلده، ولم يقدم حكمه على ما فيهما.

وهذا الظن إثم من الظان، لا شك فيه ولا شبهة؛ لأن المجتهد يخطئ ويصيب، هذه مسألة متفق عليها بين أهل السنة وأهل المذاهب الأربعة.

وأي مجتهد في الدنيا لم يخطئ، سواء كان من السلف، أو من الخلف، وسواء كان من الصحابة، أو من التابعين، أو من تبعهم.

وليس في ترك الخطأ، وإيثار الصواب شين عليهم، بل هذا عين تقليدهم واتباعهم في قولهم الناهي عن التقليد.

فإن زعم أحد أنه لا خطأ لهم أصلا، وكل ما قالوه هو الصواب نفسه وعينه، وإن خالفه ظاهر الكتاب والسنة، فهذا من أبطل الباطلات؛ لأنه لا عصمة لأحد سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذه طائفة الشيعة لهم هذا الاعتقاد بعينه في أئمتهم أهل البيت.

فما الفرق بين الأئمة وإمام الأئمة؟ وما الفائدة في كون القرآن باقيا إلى آخر الدهر وكذلك السنة إذا لم تبق إليهما حاجة بعد هذه المجتهدات والآراء والأهواء والقيل والقال؟

بالله عليك، قل لي: هل المقصود من هذا التنزيل، وهذه السنة: أن يقبلهما الرجال ويضعوهما على الرأس والعين، ولا يفهمونهما، ولا يدرسونهما، ولا يعملون بشيء منهما، ولا يذرون ما خالفهما، كائنا ما كان، أم المقصود منهما أن يتمسك بهما العباد، في كل منشط ومكره، وعسر ويسر، وحلال [ ص: 253 ] وحرام، ومحظور ومباح، ولا يتجاوزون عنهما في كل نقير وقطمير، ولا يقبلون ما خالفهما، سواء جاء عن أحد من آحاد الأمة، أو من إمام من الأئمة؟!

فإن العامة والخاصة كلهم متعبدون بما جاء من عند الله وعند رسوله، سواسية في ذلك، صغارهم وكبارهم، ليس أحد من هؤلاء مخصوصا بشيء ليس لغيره.

فإن كنت آدميا فاهما نطقت بالحق، وإن كنت حيوانا أخرس سكت على الباطل.

وانظر أيها السني في حديث الباب هذا، وتأمل في ألفاظه الشريفة، ماذا مؤدى لفظ التحريف، والانتحال والتأويل؟

وأي معنى للفظ «الغالين» و«والمبطلين» و«والجاهلين»؟ ومن مصداق هذه المباني والمعاني لولا يكون مصداقها هؤلاء الذين أشير إليهم من الفرق الباطلة، الضالة المضلة، الحادثة المبتدعة في دين الإسلام الحق، وشريعة الإيمان الصادقة؟!

والكلام على هذا الحديث يطول جدا، وفيما ذكرناه مقنع وبلاغ لقوم يعلمون.

التالي السابق


الخدمات العلمية