الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا صرح في هذه الآية بما دلت عليه التي قبلها من نفاق هؤلاء الذين يرغبون عن حكم كتاب الله ، وحكم رسوله إلى حكم الطاغوت من أصحاب الأهواء ، وناهيك بمن فعل ذلك في عهد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وحكمه لا يكون إلا حقا ما بينت الدعوى على حقيقتها ؛ لأن الحكم بحسب الظاهر ، وأما حكم غيره بشريعته فقد يقع فيه الخطأ بجهل القاضي بالحكم ، أو بتطبيقه على الدعوى ، يقول تعالى : وإذا قيل لأولئك الذين يزعمون أنهم آمنوا وهم يريدون التحاكم إلى الطاغوت : تعالوا إلى ما أنزل الله في القرآن لنعمل به ونحكمه فيما بيننا وإلى الرسول ليحكم بيننا بما أراه الله ، رأيت المنافقين أي رأيتهم وهم المنافقون ـ جاء بالظاهر بدل الضمير ليبين حالهم وحال أمثالهم بالنص ويبنى عليه ما بعده وهو أثره ـ يصدون عنك صدودا [ ص: 185 ] أي : يعرضون عنك ويرغبون عن حكمك إعراضا متعمدا منهم ، وهو هنا من " صد " اللازم ، والآية ناطقة بأن من صد وأعرض عن حكم الله ورسوله عمدا ولا سيما بعد دعوته إليه وتذكيره به ، فإنه يكون منافقا لا يعتد بما يزعمه من الإيمان وما يدعيه من الإسلام ، وهي حجة الله البالغة على المقلدين لبعض الناس فيما استبان حكمه في الكتاب والسنة ، ولا سيما إذا دعوا إليه ووعظوا به .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية