الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                1930 حدثنا هناد بن السري حدثنا ابن المبارك عن حيوة بن شريح قال سمعت ربيعة بن يزيد الدمشقي يقول أخبرني أبو إدريس عائذ الله قال سمعت أبا ثعلبة الخشني يقول أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إنا بأرض قوم من أهل الكتاب نأكل في آنيتهم وأرض صيد أصيد بقوسي وأصيد بكلبي المعلم أو بكلبي الذي ليس بمعلم فأخبرني ما الذي يحل لنا من ذلك قال أما ما ذكرت أنكم بأرض قوم من أهل الكتاب تأكلون في آنيتهم فإن وجدتم غير آنيتهم فلا تأكلوا فيها وإن لم تجدوا فاغسلوها ثم كلوا فيها وأما ما ذكرت أنك بأرض صيد فما أصبت بقوسك فاذكر اسم الله ثم كل وما أصبت بكلبك المعلم فاذكر اسم الله ثم كل وما أصبت بكلبك الذي ليس بمعلم فأدركت ذكاته فكل وحدثني أبو الطاهر أخبرنا ابن وهب ح وحدثني زهير بن حرب حدثنا المقرئ كلاهما عن حيوة بهذا الإسناد نحو حديث ابن المبارك غير أن حديث ابن وهب لم يذكر فيه صيد القوس

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله في حديث أبي ثعلبة : ( إنا بأرض قوم من أهل الكتاب نأكل في آنيتهم ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : [ ص: 71 ] " فإن وجدتم غير آنيتهم فلا تأكلوا فيها ، وإن لم تجدوا فاغسلوها ، ثم كلوا ) هكذا روى هذا الحديث البخاري ومسلم ، وفي رواية أبي داود قال : إنا نجاور أهل الكتاب ، وهم يطبخون في قدورهم الخنزير ، ويشربون في آنيتهم الخمر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن وجدتم غيرها فكلوا فيها واشربوا ، وإن لم تجدوا غيرها فارحضوها بالماء ، وكلوا واشربوا " قد يقال : هذا الحديث مخالف لما يقول الفقهاء ، فإنهم يقولون : إنه يجوز استعمال أواني المشركين إذا غسلت ، ولا كراهة فيها بعد الغسل ، سواء وجد غيرها أم لا ، وهذا الحديث يقتضي كراهة استعمالها إن وجد غيرها ، ولا يكفي غسلها في نفي الكراهة ، وإنما يغسلها ويستعملها إذا لم يجد غيرها .

                                                                                                                والجواب أن المراد النهي عن الأكل في آنيتهم التي كانوا يطبخون فيها لحم الخنزير ، ويشربون الخمر كما صرح به في رواية أبي داود ؛ وإنما نهى عن الأكل فيها بعد الغسل للاستقذار ، وكونها معتادة للنجاسة ، كما يكره الأكل في المحجمة المغسولة ، وأما الفقهاء فمرادهم مطلق آنية الكفار التي ليست مستعملة في النجاسات ، فهذه يكره استعمالها قبل غسلها ، فإذا غسلت فلا كراهة فيها ؛ لأنها طاهرة وليس فيها استقذار ، ولم يريدوا نفي الكراهة عن آنيتهم المستعملة في الخنزير وغيره من النجاسات . والله أعلم .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( وما أصبت بكلبك الذي ليس بمعلم فأدركت ذكاته فكل ) هذا مجمع عليه أنه لا يحل إلا بذكاة .




                                                                                                                الخدمات العلمية