الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                2026 حدثني عبد الجبار بن العلاء حدثنا مروان يعني الفزاري حدثنا عمر بن حمزة أخبرني أبو غطفان المري أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يشربن أحد منكم قائما فمن نسي فليستقئ

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( فمن نسي فليستقئ ) فمحمول على الاستحباب والندب ، فيستحب لمن [ ص: 170 ] شرب قائما أن يتقايأه لهذا الحديث الصحيح الصريح ؛ فإن الأمر إذا تعذر حمله على الوجوب حمل على الاستحباب .

                                                                                                                وأما قول القاضي عياض : لا خلاف بين أهل العلم أن من شرب ناسيا ليس عليه أن يتقيأه ، فأشار إلى تضعيف الحديث فلا يلتفت إلى إشارته ، وكون أهل العلم لم يوجبوا الاستقاءة لا يمنع كونها مستحبة ، فإن ادعى مدع منع الاستحباب فهو مجازف لا يلتفت إليه ، فمن أين له الإجماع على منع الاستحباب ؟ وكيف تترك هذه السنة الصحيحة الصريحة بالتوهمات والدعاوى والترهات ؟ ثم اعلم أنه تستحب الاستقاءة لمن شرب قائما ناسيا أو متعمدا ، وذكر الناسي في الحديث ليس المراد به أن القاصد يخالفه ، بل للتنبيه به على غيره بطريق الأولى ؛ لأنه إذا أمر به الناسي وهو غير مخاطب فالعامد المخاطب المكلف أولى ، وهذا واضح لا شك فيه لا سيما على مذهب الشافعي والجمهور في أن القاتل عمدا تلزمه الكفارة ، وأن قوله تعالى : ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة لا يمنع وجوبها على العامد بل للتنبيه . والله أعلم .

                                                                                                                وأما ما يتعلق بأسانيد الباب وألفاظه : فقال مسلم : ( حدثنا هداب بن خالد حدثنا همام حدثنا قتادة عن أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الأعلى حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس ) هذان الإسنادان بصريون كلهم ، وقد سبق مرات أن هدابا يقال فيه : هدبة ، وأن أحدهما اسم والآخر لقب ، واختلف فيهما ، وسعيد هذا هو ابن أبي عروبة .




                                                                                                                الخدمات العلمية