الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب في أكل لحوم الخيل

                                                                                                                1941 حدثنا يحيى بن يحيى وأبو الربيع العتكي وقتيبة بن سعيد واللفظ ليحيى قال يحيى أخبرنا وقال الآخران حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                باب إباحة أكل لحوم الخيل .

                                                                                                                قوله : ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية ، وأذن في لحوم الخيل ) وفي رواية ( قال جابر : أكلنا من خيبر الخيل وحمر الوحش ، ونهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن الحمار الأهلي ) ، وفي حديث أسماء قالت : نحرنا فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكلناه .

                                                                                                                اختلف العلماء في إباحة لحوم الخيل ؛ فمذهب الشافعي ، والجمهور من السلف والخلف أنه مباح لا كراهة فيه ، وبه قال عبد الله بن الزبير ، وفضالة بن عبيد ، وأنس بن مالك ، وأسماءبنت أبي بكر ، وسويد بن غفلة ، وعلقمة ، والأسود ، وعطاء ، وشريح ، وسعيد بن جبير ، والحسن البصري ، وإبراهيم النخعي ، وحماد بن سليمان وأحمد وإسحاق ، وأبو ثور ، وأبو يوسف ومحمد ، وداود ، وجماهير المحدثين وغيرهم ، وكرهها طائفة منهم ابن عباس ، والحكم ، ومالك ، وأبو حنيفة ، قال أبو حنيفة : يأثم بأكله ولا يسمى حراما ، واحتجوا بقوله تعالى : والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة [ ص: 84 ] ولم يذكر الأكل ، وذكر الأكل من الأنعام في الآية التي قبلها ، وبحديث صالح بن يحيى بن المقدام عن أبيه عن جده عن خالد بن الوليد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الخيل والبغال والحمير وكل ذي ناب من السباع رواه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه من رواية بقية بن الوليد عن صالح بن يحيى .

                                                                                                                واتفق العلماء من أئمة الحديث وغيرهم على أنه حديث ضعيف وقال بعضهم : هو منسوخ ، روى الدارقطني ، والبيهقي بإسنادهما عن موسى بن هارون الحمال ( بالحاء ) الحافظ قال : هذا حديث ضعيف ، قال : ولا يعرف صالح بن يحيى ولا أبوه ، وقال البخاري : هذا الحديث فيه نظر ، وقال البيهقي : هذا إسناد مضطرب ، وقال الخطابي : في إسناده نظر ، قال : وصالح بن يحيى عن أبيه عن جده لا يعرف سماع بعضهم من بعض ، وقال أبو داود : هذا الحديث منسوخ ، وقال النسائي : حديث الإباحة أصح ، قال : ويشبه إن كان هذا صحيحا أن يكون منسوخا .

                                                                                                                واحتج الجمهور بأحاديث الإباحة التي ذكرها مسلم وغيره ، وهي صحيحة صريحة ، وبأحاديث أخر صحيحة جاءت بالإباحة ، ولم يثبت في النهي حديث .

                                                                                                                وأما الآية فأجابوا عنها بأن ذكر الركوب والزينة لا يدل على أن منفعتهما مختصة بذلك ، فإنما خص هذان بالذكر لأنهما معظم المقصود من الخيل كقوله تعالى : حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير فذكر اللحم لأنه أعظم المقصود ، وقد أجمع المسلمون على تحريم شحمه ودمه وسائر أجزائه ، قالوا : ولهذا سكت عن ذكر حمل الأثقال على الخيل مع قوله تعالى في الأنعام : وتحمل أثقالكم ولم يلزم من هذا تحريم حمل الأثقال على الخيل . والله أعلم .

                                                                                                                قولها : ( نحرنا فرسا ) ، وفي رواية البخاري " ذبحنا فرسا " وفي رواية له : ( نحرنا ) كما ذكر مسلم ، فيجمع بين الروايتين بأنهما قضيتان ، فمرة نحروها ومرة ذبحوها ، ويجوز أن تكون قضية واحدة ، ويكون أحد اللفظين مجازا ، والصحيح الأول ؛ لأنه لا يصار إلى المجاز إلا إذا تعذرت الحقيقة ، والحقيقة غير متعذرة ، [ ص: 85 ] بل في الحمل على الحقيقة فائدة مهمة ، وهي أنه يجوز ذبح المنحور ونحر المذبوح ، وهو مجمع عليه ، وإن كان فاعله مخالفا الأفضل ، والفرس يطلق على الذكر والأنثى . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية