الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في (شعب الإيمان)، عن ابن عباس في قوله : أوفوا بالعقود يعني : بالعهود، ما أحل الله وما حرم، وما فرض وما حد في القرآن كله، لا تغدروا، ولا [ ص: 160 ] تنكثوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن قتادة في قوله : أوفوا بالعقود أي بعقد الجاهلية، ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : (أوفوا بعقد الجاهلية، ولا تحدثوا عقدا في الإسلام) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، عن قتادة في قوله : أوفوا بالعقود قال : بالعهود، وهي عقود الجاهلية، الحلف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن عبد الله بن عبيدة قال : العقود خمس : عقدة الأيمان، وعقدة النكاح، وعقدة البيع، وعقدة العهد، وعقدة الحلف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن زيد بن أسلم في الآية قال : العقود خمس : عقدة النكاح، وعقدة الشركة، وعقدة اليمين، وعقدة العهد، وعقدة الحلف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي في (الدلائل)، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال : هذا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا الذي كتبه لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن يفقه أهلها، ويعلمهم السنة، ويأخذ صدقاتهم، فكتب : (بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من الله ورسوله : يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود عهدا من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم، أمره بتقوى الله في أمره [ ص: 161 ] كله، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وأمره أن يأخذ الحق كما أمره، وأن يبشر بالخير الناس ويأمرهم به) الحديث بطوله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحارث بن أبي أسامة في (مسنده)، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أدوا للحلفاء عقودهم التي عاقدت أيمانكم)، قالوا : وما عقدهم يا رسول الله؟ قال : (العقل عنهم والنصر لهم) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي في (شعب الإيمان) عن مقاتل بن حيان قال : بلغنا في قوله : يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود يقول : أوفوا بالعهود، يعني العهد الذي كان عهد إليهم في القرآن، فيما أمرهم من طاعته أن يعملوا بها، ونهيه الذي نهاهم عنه، وبالعهد الذي بينهم وبين المشركين، وفيما يكون من العهود بين الناس .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية