الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( والأذان ) أي معظمه ( مثنى ) معدول عن اثنين اثنين ، لأن كلمة التوحيد في آخره مفردة والتكبير في أوله أربع للاتباع ( والإقامة ) أي معظمها ( فرادى ) لأن لفظ الإقامة والتكبير في أولها وآخرها مثنى للاتباع أيضا ، وكلمات الأذان مشهورة وعدتها بالترجيع تسع عشرة كلمة وعدة كلماتها إحدى عشرة لأن الأذان والإقامة أمران يتقدمان الصلاة لأجلها ، فكان الثاني منهما أنقص من الأول كخطبتي الجمعة ، ولأن الإقامة ثان لأول ، ويفتتح كل منهما بتكبيرات متوالية فكان الثاني أنقص من الأول كتكبيرات صلاة العيد ، ولأن الأذان أوفى صفة من الإقامة لأنه يؤتى به مرتلا ويرفع به الصوت فكان أوفى قدرا منها ، كالركعتين الأوليين لما كانتا أوفى صفة بالجهر كانتا أوفى قدرا بالسورة ( إلا لفظ الإقامة ) لخبر أنس { أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة إلا لفظ الإقامة } متفق عليه ، واستثناء لفظ الإقامة من زيادته .

                                                                                                                            ( ويسن إدراجها ) أي إدراج كلماتها وهو الإسراع بها إذ الإدراج الطي ثم استعير لإدخال بعض الكلمات في بعض لما صح من الأمر به ولأن الإقامة للحاضرين ، فالإدراج فيها أشبه والأذان للغائبين فالترتيل فيه أبلغ ، وما قاله الهروي من أن عوام الناس يقولون أكبر بضم الراء إذا وصل هو القياس كما قاله الشيخ ، وإن ذهب المبرد إلى فتح الراء من أكبر الأولى وتسكين الثانية وقال لأن الأذان سمع موقوفا فكان الأصل إسكانها ، لكن لما وقعت قبل فتحة همزة الله الثانية فتحت كقوله تعالى { الم الله } وجرى على كلامه ابن المقري في روضه إذ ما علل به ممنوع لأن الوقف ليس على أكبر الأول وليس هو مثل الم كما هو ظاهر للمتأمل [ ص: 409 ] ( وترتيله ) وهو التأني ( والترجيع فيه ) أي الأذان كما رواه مسلم عن أبي محذورة ، وحكمته تدبر كلمتي الإخلاص لكونهما المنجيتين من الكفر المدخلتين في الإسلام وتذكر خفائهما في أول الإسلام ثم ظهورهما وهو الإسرار بكلمتي الشهادتين بعد التكبير ، سمي بذلك لأنه رجع إلى الرفع بعد أن تركه أو إلى الشهادتين بعد ذكرهما فهو اسم للأول كما في المجموع والتحقيق والدقائق والتحرير . وقضية كلام الروضة كأصلها أنه لهما ، وما ذكره في شرح مسلم من أنه اسم للثاني نسب فيه إلى السهو ، والأوجه ما في المجموع .

                                                                                                                            والمراد بالإسرار بهما أن يسمع من بقربه أو أهل المسجد إن كان واقفا عليهم ، والمسجد متوسط الخطة كما صححه ابن الرفعة ونقله عن النص وغيره وما ذكره تفسير مراد ، وإلا فحقيقة الإسرار أن يسمع نفسه لأنه ضد الجهر

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وعدتها بالترجيع ) أي وهو سنة كما يأتي في كلام المصنف فلو تركه صح أذانه ( قوله : تسع عشرة كلمة ) أي فلو ترك كلمة من غير الترجيع لم يصح أذانه . وقضية قول حج أنه لو أتى بكلمة منه على وجه يخل بمعناها لم يصح أنه إذا خفف مشددا بحيث يخل بمعنى الكلمة لم يصح أذانه ، وينبغي أنه ليس من ذلك فك الإدغام في أشهد أن لا إله إلا الله لأنه أتى بالأصل ولا إخلال فيه ، وعليه فيفرق بينه وبين فك الإدغام في التشهد حيث قيل بأنه يضر بأن أمر الصلاة أضيق من الأذان فيحافظ فيه على كمال صفاته ( قوله : وعدة كلماتها ) أي الإقامة ( قوله : كخطبتي الجمعة ) قضيته أن الثانية أقصر من الأولى ، وفيه أن الأركان فيهما ثلاثة ، وأن الآية تكفي في إحداهما ، وأنه يجب الدعاء للمؤمنين في الثانية فالثانية أطول من الأولى ، إلا أن يقال : يستحب تطويل الأولى على الثانية بأذكار زيادة على الأركان فليراجع من بابه ، أو المراد أنها نقص باعتبار ما جرت به عادة الخطباء من المبالغة في الوعظ في الأولى والاختصار في الثانية وتخفيفها ما أمكن ( قوله : إذ ما علل به ) أي المبرد ( قوله : كما هو ظاهر للمتأمل ) أي فإن وضع ميم على

                                                                                                                            [ ص: 409 ] السكون ولا كذلك التكبير ( قوله : وترتيله ) يستثنى التكبير فإنه يجمع كل تكبيرتين في نفس لخفة لفظه ، كذا بخط شيخنا بر على المحلي سم على حج وقوله في نفس قال حج : أي مع وقفة لطيفة على الأولى ، فإن لم يقف فالأولى الضم وقيل الفتح ( قوله : والترجيع فيه ) أي الأذان إلخ . سئل م ر هل يسن الترجيع في الأذان في أذن المولود ونحوه أم لا ؟ فأجاب بأنه لا يسن فيه وإنما يسن في الأذان للصلاة ، هكذا قرأه بعض الطلبة بالدرس وقرأ بعض أيضا خلافه فراجعه ( قوله : وهو الإسرار ) أي قبل الإتيان بهما جهرا ، ويأتي بالأربع ولاء . قال في العباب : فلو لم يأت بهما سرا أولا أتى بهما بعد الجهر انتهى ( قوله : فهو اسم للأول ) أي للقول سرا ، لكن التعليل بما ذكره من قوله لأنه رجع إلخ لا يناسبه ( قوله : متوسط الخطة ) أي غير كبير



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 408 ] قوله بتكبيرات ) فيه تساهل بالنسبة للإقامة ( قوله هو القياس ) الضمير في المعنى راجع إلى قول العوام الذي حكاه الهروي ففي العبارة مسامحة ( قوله : ; لأن الأذان سمع موقوفا ) لعل مراده بالموقوف ما قابل المعرب ، والمبني وإلا لم ينهض ما قاله ; لأن من المعلوم الموقوف وأن المعرب إذا وقف عليه حرك إنما يحرك بحركة إعرابه ، وعليه فلا يتوجه عليه رد الشارح الآتي . نعم في جعله ذلك من الموقوف بالمعنى الذي ذكرناه مع وجود العامل وقفة فتأمل ( قوله : كما هو ظاهر للمتأمل ) [ ص: 409 ] وجهه أن الأصل في ميم السكون فحرك بالفتح لالتقائه مع الهمزة التي الأصل فيها السكون أيضا إذ هي همزة وصل وإنما لم تحرك بالكسر لتوالي كسرتين ، وهو ثقيل بخلاف الراء من أكبر ، فإن الأصل فيها التحريك ( قوله : فهو اسم للأول ) لا يخفى أن المناسب لهذا التوجيه أن يكون اسما للثاني ; لأنه الذي رجع إليه ، وحينئذ فتسمية الأول به مجاز من تسمية السبب باسم المسبب إذ هو سبب الرجوع




                                                                                                                            الخدمات العلمية