الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      3768 حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني حدثنا عيسى يعني ابن يونس حدثنا جابر بن صبح حدثنا المثنى بن عبد الرحمن الخزاعي عن عمه أمية بن مخشي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ورجل يأكل فلم يسم حتى لم يبق من طعامه إلا لقمة فلما رفعها إلى فيه قال بسم الله أوله وآخره فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال ما زال الشيطان يأكل معه فلما ذكر اسم الله عز وجل استقاء ما في بطنه قال أبو داود جابر بن صبح جد سليمان بن حرب من قبل أمه

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( أخبرنا جابر بن صبح ) بضم الصاد وسكون الموحدة ( عن عمه أمية ) بالتصغير ( بن مخشي ) بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة وكسر الشين المعجمة وتشديد الياء ( إلا لقمة ) بالرفع على الفاعلية ( إلى فيه ) أي : إلى فمه ( فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - ) أي : تعجبا لما كشف له ذلك ( استقاء ) أي : الشيطان ( ما في بطنه ) أي : مما أكله ، والاستقاء استفعال من القيء بمعنى الاستفراغ وهو محمول على الحقيقة ، أو المراد البركة الذاهبة بترك التسمية كأنها كانت في جوف الشيطان أمانة فلما سمى رجعت إلى الطعام .

                                                                      [ ص: 193 ] قال التوربشتي : أي : صار ما كان له وبالا عليه مستلبا عنه بالتسمية . قال الطيبي : وهذا التأويل محمول على ما له حظ من تطيير البركة من الطعام . وأحاديث الباب تدل على مشروعية التسمية للأكل وأن الناسي يقول في أثنائه : بسم الله أوله وآخره . قال في الهدي : والصحيح وجوب التسمية عند الأكل وهو أحد الوجهين لأصحاب أحمد ، وأحاديث الأمر بها صحيحة صريحة لا معارض لها ولا إجماع يسوغ مخالفتها ويخرجها عن ظاهرها ، وتاركها يشركه الشيطان في طعامه وشرابه ، انتهى .

                                                                      قال في النيل : والذي عليه الجمهور من السلف والخلف من المحدثين وغيرهم أن أكل الشيطان محمول على ظاهره ، وأن للشيطان يدين ورجلين ، وفيهم ذكر وأنثى ، وأنه يأكل حقيقة إذا لم يدفع ، وقيل : إن أكلهم على المجاز والاستعارة ، وقيل : إن أكلهم شم واسترواح ، ولا ملجئ إلى شيء من ذلك .

                                                                      وقد ثبت في الصحيح أن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ، وروي عن وهب بن منبه أنه قال الشياطين أجناس ، فخالص الجن لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناكحون وهم ريح ، ومنهم جنس يفعلون ذلك كله ويتوالدون وهم السعالي والغيلان ونحوهم ، انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه النسائي ، وقال الدارقطني لم يسند أمية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير هذا الحديث ، تفرد به جابر بن الصبح عن المثنى بن عبد الرحمن الخزاعي عن جده أمية ، هذا آخر كلامه . وقال يحيى بن معين : جابر بن صبح ثقة ، وقال أبو القاسم البغوي : ولا أعلم روى إلا هذا الحديث . وقال أبو عمر النمري : له حديث واحد في التسمية على الأكل .




                                                                      الخدمات العلمية