الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      3794 حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عبد الله بن عباس عن خالد بن الوليد أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت ميمونة فأتي بضب محنوذ فأهوى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده فقال بعض النسوة اللاتي في بيت ميمونة أخبروا النبي صلى الله عليه وسلم بما يريد أن يأكل منه فقالوا هو ضب فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده قال فقلت أحرام هو يا رسول الله قال لا ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه قال خالد فاجتررته فأكلته ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( أنه دخل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيت ميمونة ) أي : زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي خالة خالد بن الوليد وابن عباس رضي الله عنهما كما في رواية عند الشيخين ( محنوذ ) أي : [ ص: 212 ] مشوي وقيل : هو ما شوي بالرضف وهي الحجارة المحماة ( فأهوى إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده ) أي : أمال يده إليه ليأخذه فيأكله ( فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده ) أي : عن الضب ( قال ) أي : خالد ( أحرام هو ) أي : الضب ( قال لا ) أي : ليس بحرام ( ولكنه لم يكن بأرض قومي ) أي : مكة أصلا أو لم يكن مشهورا كثيرا فلم يأكلوه ( فأجدني أعافه ) بعين مهملة وفاء خفيفة أي : أكره أكله طبعا لا شرعا يقال عفت الشيء أعافه ( فاجتررته ) أي : جذبته ( ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر ) جملة حالية .

                                                                      والحديث يدل على أن الضب حلال . وأصرح منه حديث مسلم بلفظ " كلوه فإنه حلال ولكنه ليس من طعامي " قال القاري الحنفي في المرقاة : أغرب ابن الملك حيث خالف مذهبه وقال فيه إباحة أكل الضب وبه قال جمع إذ لو حرم لما أكل بين يديه انتهى .

                                                                      قلت : وكذلك أغرب الإمام الطحاوي الحنفي حيث خالف مذهبه وقال في كتابه معاني الآثار بعد البحث : فثبت بهذه الآثار أنه لا بأس بأكل الضب وبه أقول انتهى . لكن عند المحقق المنصف ليس فيه غرابة فقد ثبت في إباحة أكل الضب أحاديث صحيحة صريحة ولا مذهب للمسلم إلا مذهب رسوله - صلى الله عليه وسلم - نعم عند المقلدين الذين يظنون أن لا مذهب لهم غير مذهب إمامهم فيه غرابة بلا مرية .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه .




                                                                      الخدمات العلمية