الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب ما جاء في الأكل متكئا

                                                                      3769 حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن علي بن الأقمر قال سمعت أبا جحيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا آكل متكئا

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا آكل متكئا ) قال الحافظ : اختلف في صفة الاتكاء ، فقيل : [ ص: 194 ] أن يتمكن في الجلوس للأكل على أي صفة كان ، وقيل : أن يميل على أحد شقيه ، وقيل : أن يعتمد على يده اليسرى من الأرض ، قال الخطابي : تحسب العامة أن المتكئ هو الآكل على أحد شقيه وليس كذلك ، بل هو المعتمد على الوطاء الذي تحته ، قال : ومعنى الحديث أني لا أقعد متكئا على الوطاء عند الأكل فعل من يستكثر من الطعام فإني لا آكل إلا البلغة من الزاد ، فلذلك أقعد مستوفزا .

                                                                      وفي حديث أنس أنه - صلى الله عليه وسلم - أكل تمرا وهو مقع ، وفي رواية وهو محتفز ، والمراد الجلوس على وركيه غير متمكن ، وأخرج ابن عدي بسند ضعيف زجر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعتمد الرجل على يده اليسرى عند الأكل ، قال مالك هو نوع من الاتكاء قلت : وفي هذا إشارة من مالك إلى كراهة كل ما يعد الآكل فيه متكئا ولا يختص بصفة بعينها ، وجزم ابن الجوزي في تفسير الاتكاء بأنه الميل على أحد الشقين ولم يلتفت لإنكار الخطابي ذلك ، وحكى ابن الأثير في النهاية أن من فسر الاتكاء بالميل على أحد الشقين تأوله على مذهب الطب بأنه لا ينحدر في مجاري الطعام سهلا ولا يسيغه هنيئا وربما تأذى به .

                                                                      قال الحافظ : وإذا ثبت كونه مكروها أو خلاف الأولى فالمستحب في صفة الجلوس للأكل أن يكون جاثيا على ركبتيه وظهور قدميه أو ينصب الرجل اليمنى ويجلس على اليسرى ، انتهى . وقال القاري في المرقاة : نقل في الشفاء عن المحققين أنهم فسروه بالتمكن للأكل والقعود في الجلوس كالمتربع المعتمد على وطاء تحته لأن هذه الهيئة تستدعي كثرة الأكل وتقتضي الكبر ، انتهى .

                                                                      وقال الخطابي في المعالم : يحسب أكثر العامة أن المتكئ هو المائل المعتمد على أحد شقيه لا يعرفون غيره . وكان بعضهم يتأول هذا الكلام على مذهب الطب ودفع الضرر عن البدن إذا كان معلوما أن الأكل مائلا على أحد شقيه لا يسهل نزوله إلى معدته ، قال الخطابي : وليس معنى الحديث ما ذهبوا إليه ، وإنما المتكئ هاهنا هو المعتمد على الوطاء الذي تحته ، وكل من استوى على وطاء فهو متكئ ، والاتكاء مأخوذ من الوكاء ووزنه الافتعال ، فالمتكئ هو الذي أوكأ مقعدته وشدها بالقعود على الوطاء الذي تحته .

                                                                      والمعنى أني إذا أكلت لم أقعد متكئا من الأرض على الأوطية والوسائد فعل من يريد أن يستكثر من الأطعمة ويتوسع في الألوان ، انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه ، قال الترمذي : لا نعرفه إلا من حديث علي بن الأقمر .




                                                                      الخدمات العلمية