الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3453 حدثنا محمد بن سنان حدثنا همام عن ثابت عن أنس عن أبي بكر رضي الله عنه قال قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وأنا في الغار لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا فقال ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن ثابت ) في رواية حبان بن هلال في التفسير عن همام " حدثنا ثابت " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن أنس عن أبي بكر ) في رواية حبان المذكورة " حدثنا أنس حدثني أبو بكر " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قلت للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا في الغار ) زاد في رواية حبان المذكورة " فرأيت آثار المشركين " وفي رواية موسى بن إسماعيل عن همام في الهجرة " فرفعت رأسي فإذا أنا بأقدام القوم " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لو أن أحدهم نظر تحت قدميه ) فيه مجيء " لو " الشرطية للاستقبال خلافا للأكثر ، واستدل من جوزه بمجيء الفعل المضارع بعدها كقوله تعالى : لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ، وعلى هذا فيكون قاله حالة وقوفهم على الغار ، وعلى القول الأكثر يكون قاله بعد مضيهم شكرا لله تعالى على صيانتهما منهم . قوله : " لو أن أحدهم نظر تحت قدميه " في رواية موسى " لو أن بعضهم طأطأ بصره " وفي رواية حبان " رفع قدميه " ووقع مثله في حديث حبشي بن جنادة أخرجه ابن عساكر ، وهي مشكلة فإن ظاهرها أن باب الغار استتر بأقدامهم ، وليس كذلك إلا أن يحمل على أن المراد أنه استتر بثيابهم ، وقد أخرجه مسلم من رواية حبان المذكورة بلفظ " لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه " وكذا أخرجه أحمد عن عفان عن همام ، ووقع في مغازي عروة بن الزبير في قصة الهجرة قال : " وأتى المشركون على الجبل الذي فيه الغار الذي فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى طلعوا فوقه ، وسمع أبو بكر أصواتهم فأقبل عليه الهم والخوف ، فعند ذلك يقول له النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا تحزن إن الله معنا ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزلت عليه السكينة ، وفي ذلك يقول الله عز وجل : إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا الآية " وهذا يقوي أنه قال ما في حديث الباب حينئذ ، ولذلك [ ص: 15 ] أجابه بقوله : لا تحزن .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما ) في رواية موسى " فقال : اسكت يا أبا بكر ، اثنان الله ثالثهما " وقوله : اثنان . خبر مبتدأ محذوف تقديره نحن اثنان ، ومعنى ثالثهما ناصرهما ومعينهما ، وإلا فالله ثالث كل اثنين بعلمه ، وستأتي الإشارة إلى ذلك في تفسير براءة . وفي الحديث منقبة ظاهرة لأبي بكر ، وفيه أن باب الغار كان منخفضا إلا أنه كان ضيقا ، فقد جاء في " السير للواقدي أن رجلا كشف عن فرجه وجلس يبول فقال أبو بكر قد رآنا يا رسول الله . قال : لو رآنا لم يكشف عن فرجه وسيأتي مزيد لذلك في قصة الهجرة إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه ) : اشتهر أن حديث الباب تفرد به همام عن ثابت ، وممن صرح بذلك الترمذي والبزار ، وقد أخرجه ابن شاهين في " الأفراد " من طريق جعفر بن سليمان عن ثابت بمتابعة همام ، وقد قدمت له شاهدا من حديث حبشي بن جنادة ، ووجدت له آخر عن ابن عباس أخرجه الحاكم في " الإكليل " .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية