الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7607 ) فصل : إذا تاب الغال قبل القسمة ، رد ما أخذه في المقسم ، بغير خلاف ; لأنه حق تعين رده إلى أهله . فإن تاب بعد القسمة ، فمقتضى المذهب أن يؤدي خمسه إلى الإمام ، ويتصدق بالباقي . وهذا قول الحسن ، والزهري ، ومالك ، والأوزاعي ، والثوري ، والليث .

                                                                                                                                            وروى سعيد بن منصور ، عن عبد الله بن المبارك ، عن صفوان بن عمرو .

                                                                                                                                            عن حوشب بن سيف ، قال : غزا الناس الروم ، وعليهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، فغل رجل مائة دينار ، فلما قسمت الغنيمة ، وتفرق الناس ، ندم ، فأتى عبد الرحمن ، فقال : قد غللت مائة دينار ، فاقبضها . قال : قد تفرق الناس ، فلن أقبضها منك حتى توافي الله بها يوم القيامة . فأتى معاوية ، فذكر ذلك له ، فقال له مثل ذلك . فخرج وهو يبكي ، فمر بعبد الله بن الشاعر السكسكي ، فقال : ما يبكيك ؟ فأخبره ، فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، أمطيعي أنت يا عبد الله ؟ قال : نعم . قال : فانطلق إلى معاوية فقل له : خذ مني خمسك ، فأعطه عشرين دينارا ، وانظر إلى الثمانين الباقية ، فتصدق بها عن ذلك الجيش ، فإن الله تعالى يعلم أسماءهم ومكانهم ، وإن الله يقبل التوبة عن عباده . فقال معاوية : أحسن والله ، لأن أكن أنا أفتيته بهذا أحب إلي من أن يكون لي مثل كل شيء امتلكت . وعن ابن مسعود ، أنه رأى أن يتصدق بالمال الذي لا يعرف صاحبه . وقال الشافعي : لا أعرف للصدقة وجها ، وقد جاء في حديث الغال ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا أقبله منك ، حتى تجيء به يوم القيامة } .

                                                                                                                                            ولنا قول من ذكرنا من الصحابة ومن بعدهم ، ولم نعرف لهم مخالفا في عصرهم ، فيكون إجماعا ، ولأن تركه تضييع له ، وتعطيل لمنفعته التي خلق لها ، ولا يتخفف به شيء من إثم الغال ، وفي الصدقة نفع لمن يصل إليه من المساكين ، وما يحصل من أجر الصدقة يصل إلى صاحبه ، فيذهب به الإثم عن الغال ، فيكون أولى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية