الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في العلاق

                                                                      3877 حدثنا مسدد وحامد بن يحيى قالا حدثنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أم قيس بنت محصن قالت دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بابن لي قد أعلقت عليه من العذرة فقال علام تدغرن أولادكن بهذا العلاق عليكن بهذا العود الهندي فإن فيه سبعة أشفية منها ذات الجنب يسعط من العذرة ويلد من ذات الجنب قال أبو داود يعني بالعود القسط

                                                                      التالي السابق


                                                                      بضم أوله وقيل : بفتحها وقيل : بكسرها والكل بمعنى العصر قاله القاري .

                                                                      ( قد أعلقت عليه ) من الإعلاق بالعين المهملة وهو معالجة عذرة الصبي ورفعها بالأصبع أي : قد عالجته برفع الحنك بأصبعها قاله العيني .

                                                                      [ ص: 288 ] وفي النهاية : الإعلاق معالجة عذرة الصبي وهو وجع في حلقه وورم تدفعه أمه بأصبعها أو غيرها وحقيقة أعلقت عنه زلت العلوق عنه وهي الداهية انتهى .

                                                                      قال الخطابي : هكذا يقول المحدثون أعلقت عليه وإنما هو أعلقت عنه والإعلاق أن يرفع العذرة باليد والعذرة وجع يهيج في الحلق ومعنى أعلقت عنه دفعت عنه العذرة بالأصبع ونحوها ( من العذرة ) أي : من أجلها قال العيني : العذرة بضم العين المهملة وسكون الذال المعجمة وبالراء وهو وجع الحلق وهو الذي يسمى سقوط اللهاة - بفتح اللام - وهي اللحمة التي تكون في أقصى الحلق وذلك الموضع أيضا يسمى عذرة يقال : أعلقت عنه أمه إذا فعلت ذلك به وغمزت ذلك المكان بأصبعها .

                                                                      وفي النهاية : العذرة - بالضم - وجع في الحلق يهيج من الدم وقيل : هي قرحة تخرج في الخرم الذي بين الأنف والحلق تعرض للصبيان عند طلوع العذرة فتعمد المرأة إلى خرقة فتفتلها فتلا شديدا وتدخلها في أنفه فتطعن ذلك الموضع فيتفجر منه الدم أسود وربما أقرحه وذلك الطعن يسمى الدغر يقال : عذرت المرأة الصبي إذا غمزت حلقه من العذرة أو فعلت به ذلك وكانوا بعد ذلك يعلقون عليه علاقا كالعوذة وقوله : عند طلوع العذرة هي خمسة كواكب وتطلع في وسط الحر انتهى ( فقال ) النبي - صلى الله عليه وسلم - ( علام ) بحذف الألف ( تدغرن ) بفتح الغين المعجمة بخطاب جمع المؤنث من الدغر بالدال المهملة والغين المعجمة والراء وتقدم معناه آنفا .

                                                                      وقال العيني في عمدة القاري : وهو غمز الحلق بالأصبع وذلك أن الصبي تأخذه العذرة وهي وجع يهيج في الحلق من الدم فتدخل المرأة أصبعها فتدفع بها ذلك الموضع وتكبسه وأصل الدغر الدفع انتهى . قال القاري : والمعنى على أي شيء تعالجن أولادكن وتغمزن حلوقهم ( بهذا العلاق ) أي : بهذا العصر والغمز قال الطيبي : وتوجيهه أن في الكلام معنى الإنكار أي : على أي شيء تعالجن بهذا الداء الداهية والمداواة الشنيعة ( عليكن بهذا العود الهندي ) أي : بل الزمن في هذا الزمان باستعمال العود الهندي في عذرة أولادكن والإشارة بهذا إلى الجنس للمستحضر في الذهن والعود القسط .

                                                                      قال العيني : القسط نوعان هندي وهو أسود وبحري وهو أبيض والهندي أشدهما حرارة ( فإن فيه ) أي : في هذا العود ( سبعة أشفية ) جمع شفاء ( منها ذات الجنب ) أي : من تلك الأشفية شفاء ذات الجنب أو التقدير فيه سبعة أشفية أدواء منها ذات الجنب .

                                                                      [ ص: 289 ] قال العيني : ذكر - صلى الله عليه وسلم - سبعة أشفية في القسط فسمى منها اثنين ووكل باقيها إلى طلب المعرفة أو الشهرة فيها ( يسعط ) بصيغة المجهول مخففا وروي مشددا وهو مأخوذ من السعوط وهو ما يصب في الأنف بيان كيفية التداوي به أن يدق العود ناعما ويدخل في الأنف وقيل : يبل ويقطر فيه قاله القاري ( ويلد ) بصيغة المجهول وتشديد الدال المهملة من لد الرجل إذا صب الدواء في أحد شقي الفم ( من ذات الجنب ) أي : من أجلها وسكت - صلى الله عليه وسلم - عن الخمسة منها لعدم الاحتياج إلى تفصيلها في ذلك الوقت فاقتصر على المهم والمناسب للمقام .

                                                                      قال المنذري : والحديث أخرجه البخاري ومسلم وابن ماجه




                                                                      الخدمات العلمية