الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7882 ) مسألة ; قال ويجوز أن يبدل الأضحية إذا أوجبها بخير منها هذا المنصوص عن أحمد . وبه قال عطاء ، ومجاهد ، وعكرمة ، ومالك ، وأبو حنيفة ، ومحمد بن الحسن ، واختار أبو الخطاب أنه لا يجوز بيعها ، ولا إبدالها ; لأن أحمد نص في الهدي إذا عطب ، أنه يجزئ عنه ، وفي الأضحية إذا هلكت ، أو ذبحها فسرقت ، لا بدل عليه . ولو كان ملكه مازال عنها ، لزمه بدلها في هذه المسائل . وهذا مذهب أبي يوسف ، والشافعي ، وأبي ثور ; لأنه قد جعلها لله تعالى فلم يملك التصرف فيها بالبيع والإبدال ، كالوقف .

                                                                                                                                            ولنا ، ما روي ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم ساق مائة بدنة في حجته ، وقدم علي من اليمن ، فأشركه فيها } . رواه مسلم . وهذا نوع من الهبة أو بيع ، ولأنه عدل عن عين وجبت لحق الله تعالى إلى خير منها من جنسها ، فجاز ، كما لو وجبت عليه بنت لبون ، فأخرج حقة في الزكاة ، فأما بيعها ، فظاهر كلام الخرقي ، أنه لا يجوز . وقال القاضي : يجوز أن يبيعها ، ويشتري خيرا منها ، وهو قول عطاء ، ومجاهد ، وأبي حنيفة ; لما ذكرنا من حديث بدن النبي صلى الله عليه وسلم وإشراكه فيها ، ولأن ملكه لم يزل عنها ، بدليل جواز إبدالها ، ولأنها عين يجوز إبدالها ، فجاز بيعها كما قبل إيجابها . ولنا ، أنه جعلها لله تعالى ، فلم يجز بيعها ، كالوقف ، وإنما جاز إبدالها بجنسها ; لأنه لم يزل الحق فيها عن جنسها ، وإنما انتقل إلى خير منها ، فكأنه في المعنى ضم زيادة إليها ، وقد جاز إبدال المصحف ، ولم يجز بيعه .

                                                                                                                                            وأما حديث النبي صلى الله عليه وسلم فالظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبعها ، وإنما شرك عليا في ثوابها وأجرها . ويحتمل أن ذلك كان قبل إيجابها . وقول الخرقي : بخير منها . يدل على أنه لا يجوز بدونها ، ولا خلاف في هذا ; لأنه تفويت جزء منها ، فلم يجز ، كإتلافه . وأنه لا يجوز بمثلها ; لعدم الفائدة في هذا . وقال القاضي : في إبدالها بمثلها احتمالان ; أحدهما ، جوازه ; لأنه لا ينقص مما وجب عليه شيء ، ولنا أنه بغير ما أوجبه لغير فائدة ، فلم يجز ، كإبداله بما دونها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية