الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7952 ) مسألة ; قال : ( ومن حلف على شيء يظنه كما حلف ، فلم يكن ، فلا كفارة عليه ; لأنه من لغو اليمين ) أكثر أهل العلم على أن هذه اليمين لا كفارة فيها . قاله ابن المنذر . يروى هذا عن ابن عباس ، وأبي هريرة ، وأبي مالك ، وزرارة بن أوفى ، والحسن ، والنخعي ، ومالك ، وأبي حنيفة ، والثوري .

                                                                                                                                            وممن قال : هذا لغو اليمين . مجاهد ، وسليمان بن يسار ، والأوزاعي ، والثوري ، وأبو حنيفة وأصحابه . وأكثر أهل العلم على أن لغو اليمين لا كفارة فيه . وقال ابن عبد البر : أجمع المسلمون على هذا . وقد حكي عن النخعي في اليمين على شيء يظنه حقا ، فيتبين بخلافه ، أنه من لغو اليمين ، وفيه الكفارة . وهو أحد قولي الشافعي . وروي عن أحمد ، أن فيه الكفارة ، وليس من لغو اليمين ; لأن اليمين بالله - تعالى - وجدت مع المخالفة ، فأوجبت الكفارة ، كاليمين على مستقبل . ولنا ، قول الله تعالى : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } . وهذه منه ، ولأنها يمين غير منعقدة ، فلم تجب فيها كفارة ، كيمين الغموس ، ولأنه غير مقصود للمخالفة ، فأشبه ما لو حنث ناسيا .

                                                                                                                                            وفي الجملة ، لا كفارة في يمين على ماض ; لأنها تنقسم ثلاثة أقسام ; ما هو صادق فيه ، فلا كفارة فيه إجماعا . وما تعمد الكذب فيه ، فهو يمين الغموس ، لا كفارة فيها ; لأنها أعظم من أن تكون فيها كفارة . وما يظنه حقا ، فيتبين بخلافه ، فلا كفارة فيه ; لأنه من لغو اليمين . فأما اليمين على المستقبل ، فما عقد عليه قلبه ، وقصد اليمين عليه ، ثم خالف ، فعليه الكفارة ، وما لم يعقد عليه قلبه ، ولم يقصد اليمين عليه ، وإنما جرت على لسانه ، فهو من لغو اليمين .

                                                                                                                                            وكلام عائشة يدل على هذا ، فإنها قالت : أيمان اللغو ; ما كان في المراء والمزاحة ، والهزل ، والحديث الذي لا يعقد عليه القلب ، وأيمان الكفارة ; كل يمين حلف عليها على وجه من [ ص: 394 ] الأمر ، في غضب أو غيره ، ليفعلن أو ليتركن ، فذلك عقد الأيمان التي فرض الله فيها الكفارة . وقال الثوري ، في " جامعه " : الأيمان أربعة ; يمينان يكفران ، وهو أن يقول الرجل : والله لا أفعل . فيفعل . أو يقول : والله لأفعلن . ثم لا يفعل . ويمينان لا يكفران ، أن يقول : والله ما فعلت . وقد فعل ، أو يقول : والله لقد فعلت . وما فعل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية