الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7972 ) فصل : فإن قال : أقسمت ، أو آليت ، أو حلفت ، أو شهدت لأفعلن . ولم يذكر بالله ، فعن أحمد روايتان ; إحداهما ، أنها يمين ، سواء نوى اليمين أو أطلق . وروي نحو ذلك عن عمر ، وابن عباس ، والنخعي ، والثوري ، وأبي حنيفة ، وأصحابه . وعن أحمد ، إن نوى اليمين بالله كان يمينا ، وإلا فلا .

                                                                                                                                            وهو قول مالك ، وإسحاق ، وابن المنذر ; لأنه يحتمل القسم بالله تعالى وبغيره ، فلم تكن يمينا حتى يصرفه بنيته إلى ما تجب به الكفارة . وقال الشافعي : ليس بيمين وإن نوى . وروي نحو ذلك عن عطاء ، والحسن ، والزهري ، وقتادة ، وأبي عبيد ; لأنها عريت عن اسم الله وصفته ، فلم تكن يمينا ، كما لو قال : أقسمت بالبيت .

                                                                                                                                            ولنا ، أنه قد ثبت لها عرف الشرع والاستعمال ، فإن أبا بكر قال : أقسمت عليك يا رسول الله ، لتخبرني بما أصبت مما أخطأت . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : { لا تقسم يا أبا بكر } . رواه أبو داود . وقال العباس للنبي صلى الله عليه وسلم : أقسمت [ ص: 404 ] عليك يا رسول الله ، لتبايعنه . فبايعه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : { أبررت قسم عمي ، ولا هجرة } .

                                                                                                                                            وفي كتاب الله تعالى : { إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله } إلى قوله { اتخذوا أيمانهم جنة } . فسماها يمينا ، وسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما .

                                                                                                                                            وقالت عاتكة بنت عبد المطلب ، عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم :

                                                                                                                                            حلفت لئن عادوا لنصطلمنهم لجاءوا تردى حجرتيها المقانب

                                                                                                                                            وقالت عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل :

                                                                                                                                            فآليت لا تنفك عيني حزينة     عليك ولا ينفك جلدي أغبرا

                                                                                                                                            وقولهم : يحتمل القسم بغير الله .

                                                                                                                                            قلنا : إنما يحمل على القسم المشروع ، ولهذا لم يكن هذا مكروها ، ولو حمل على القسم بغير الله ، كان مكروها ، ولو كان مكروها لم يفعله أبو بكر بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبر النبي صلى الله عليه وسلم قسم العباس حين أقسم عليه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية