nindex.php?page=treesubj&link=31932بطلان القول بحياة الخضر وأنه حي ممتد الحياة إلى آخر الدنيا
والصواب الذي عليه المحققون أنه ميت، وأنه لم يدرك الإسلام، ولو كان موجودا في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- لوجب عليه أن يؤمن به، ويجاهد معه، كما أوجب الله ذلك عليه وعلى غيره، ولكان يكون في
مكة والمدينة، ولكان يكون حضوره مع الصحابة للجهاد معهم وإعانتهم على الدين أولى به من حضوره عند
[ ص: 35 ] قوم كفار ليرقع لهم سفينتهم، ولم يكن مختفيا عن خير أمة أخرجت للناس، وهو قد كان بين المشركين، ولم يحتجب عنهم.
ثم ليس للمسلمين به وأمثاله حاجة، لا في دينهم، ولا في دنياهم; فإن دينهم أخذوه عن الرسول النبي الأمي -صلى الله عليه وسلم- الذي علمهم الكتاب والحكمة، وقال لهم نبيهم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=709238 "لو كان موسى حيا، ثم اتبعتموه وتركتموني، لضللتم". وعيسى ابن مريم -عليه السلام- إذا نزل من السماء، إنما يحكم فيهم بكتاب ربهم، وسنة نبيهم.
فأي حاجة لهم مع هذا إلى
الخضر وغيره؟
والنبي -صلى الله عليه وسلم- قد أخبرهم بنزول
عيسى من السماء، وحضوره مع المسلمين، وقال:
"كيف تهلك أمة أنا أولها، وعيسى في آخرها؟".
فإذا كان النبيان الكريمان، اللذان هما مع
nindex.php?page=treesubj&link=31851_31908_31828إبراهيم وموسى ونوح أفضل الرسل، ومحمد سيد ولد آدم، ولم يحتجبوا عن هذه الأمة لأعوانهم، ولا خواصهم، فكيف يحتجب عنهم من ليس مثلهم؟!!
وإذا كان
الخضر حيا دائما، فكيف لم يذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك قط، ولا أخبر به أمته ولا خلفاؤه الراشدون؟!
وقول القائل: إنه نقيب الأولياء، فيقال له: من ولاه النقابة؟ وأفضل الأولياء أصحاب
محمد، وليس فيهم
الخضر.
وغاية ما يحكى في هذا الباب من الحكايات، بعضها كذب، وبعضها مبني على ظن رجال، مثل: شخص رأى رجلا ظن أنه
الخضر، وقال: إنه
الخضر، كما أن
الرافضة ترى شخصا تظن أنه الإمام المنتظر المعصوم، أو تدعي ذلك.
وروى الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل: أنه قال -وقد ذكر له
الخضر-: من أحالك على غائب فما أنصفك، وما ألقى هذا على ألسنة الناس إلا الشيطان!
وقد بسطنا الكلام على هذا في غير هذا الموضع.
[ ص: 36 ] وأما إن قصد القائل بقوله: القطب الغوث، الفرد الجامع: أنه رجل يكون أفضل أهل زمانه، فهذا ممكن.
لكن من الممكن أن يكون في الزمان متساويان في الفضل، وثلاثة، وأربعة، وقد تكون جماعة، بعضهم أفضل من بعض من وجه، وتلك الوجوه إما متقاربة وإما متساوية.
ثم إذا كان في الزمان رجل هو أفضل أهل الزمان، فتسميته بالقطب الغوث الجامع بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، ولا تكلم بهذا أحد من سلف الأمة وأئمتها.
وما زال السلف يظنون في بعض الناس أنه أفضل، أو من أفضل أهل زمانه، ولا يطلقون عليه هذه الأسماء التي ما أنزل الله بها من سلطان، لا سيما من المنتحلين بهذا الاسم، من يدعي أن هؤلاء الأقطاب هو
nindex.php?page=showalam&ids=35الحسن بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهم- ثم تسلسل الأمر إلى ما دونه، إلى بعض مشايخ المتأخرين، وهذا لا على مذهب
أهل السنة، ولا على مذهب
الرافضة.
فأين
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر، nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر، nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان، nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي، والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار؟
nindex.php?page=showalam&ids=35والحسن عند وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- كان قد قارب بين التمييز والاحتلام.
وقد حكي عن بعض الأكابر من الشيوخ المنتحلين لهذا: أن القطب الفرد الجامع ينطبق علمه على علم الله تعالى، وقدرته على قدرة الله تعالى، فيعلم ما يعلم الله، ويقدر ما يقدر عليه الله.
وزعم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان كذلك، وأن هذا انتقل عنه إلى الحسن، وتسلسل إلى شيخه.
فبينت أن هذا كفر صريح، وجهل قبيح، وأن دعوى هذا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كفر، دع ما سواه، وقد قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=50قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك [الأنعام: 50] وقال تعالى:
[ ص: 37 ] nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=188قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء [الأعراف: 188] الآية، وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا الآية، وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله [آل عمران: 154] وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=127ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=128ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون [آل عمران: 127 128] وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=56إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين [القصص: 56].
والله -سبحانه وتعالى- أمرنا أن نطيع رسوله، فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=80من يطع الرسول فقد أطاع الله وأمرنا أن نتبعه فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=31قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله .
وأمرنا أن نعزره، ونوقره، وننصره، وجعل له من الحقوق ما بينه في كتابه، وسنة رسوله، حتى أوجب علينا أن يكون أحب الناس إلينا من أنفسنا وأهلينا فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم [الأحزاب: 6] وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=24قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره [التوبة: 24].
وقال صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=650014 "والذي نفسي بيده! لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده، والناس أجمعين". nindex.php?page=hadith&LINKID=656142وقال له nindex.php?page=showalam&ids=2عمر -رضي الله عنه-: يا رسول الله! لأنت أحب إلي من كل شيء إلا نفسي، فقال: "لا يا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، حتى أكون أحب إليك من نفسك" قال: فلأنت أحب إلي من نفسي، قال: "الآن يا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر".
وقال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=657068 "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: 1- من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، 2- ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله، 3- ومن كان يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار".
وقد بين في كتابه حقوقه التي لا تصلح إلا له، وحقوق رسله، وحقوق
[ ص: 38 ] المؤمنين بعضهم على بعض، كما بسطنا الكلام على ذلك في غير هذا الموضع، وذلك مثل قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=52ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون فالطاعة لله والرسول، والخشية والتقوى لله وحده.
وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=59ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون [التوبة: 59] فالإيتاء لله والرسول، والرغبة لله وحده.
وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ؛ لأن الحلال ما أحله الله ورسوله، والحرام ما حرمه الله ورسوله.
وأما التحسب فهو لله وحده، كما قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=173وقالوا حسبنا الله ولم يقل: حسبنا الله ورسوله.
وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=64يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين [الأنفال: 64] أي: يكفيك الله، ويكفي من اتبعك من المؤمنين، وهذا هو الصواب المقطوع به في هذه الآية؛ ولهذا كانت كلمة
إبراهيم ومحمد -عليهما الصلاة والسلام-
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=173حسبنا الله ونعم الوكيل .
والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم، وصلى الله على خير خلقه سيدنا
محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
nindex.php?page=treesubj&link=31932بُطْلَانُ الْقَوْلِ بِحَيَاةِ الْخَضِرِ وَأَنَّهُ حَيٌّ مُمْتَدُّ الْحَيَاةِ إِلَى آخِرِ الدُّنْيَا
وَالصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُ مَيِّتٌ، وَأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكِ الْإِسْلَامَ، وَلَوْ كَانَ مَوْجُودًا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤْمِنَ بِهِ، وَيُجَاهِدَ مَعَهُ، كَمَا أَوْجَبَ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ، وَلَكَانَ يَكُونُ فِي
مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَلَكَانَ يَكُونُ حُضُورُهُ مَعَ الصَّحَابَةِ لِلْجِهَادِ مَعَهُمْ وَإِعَانَتِهِمْ عَلَى الدِّينِ أَوْلَى بِهِ مِنْ حُضُورِهِ عِنْدَ
[ ص: 35 ] قَوْمٍ كُفَّارٍ لِيُرَقِّعَ لَهُمْ سَفِينَتَهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ مُخْتَفِيًا عَنْ خَيْرِ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، وَهُوَ قَدْ كَانَ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ، وَلَمْ يَحْتَجِبْ عَنْهُمْ.
ثُمَّ لَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ بِهِ وَأَمْثَالِهِ حَاجَةٌ، لَا فِي دِينِهِمْ، وَلَا فِي دُنْيَاهُمْ; فَإِنَّ دِينَهُمْ أَخَذُوهُ عَنِ الرَّسُولِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّذِي عَلَّمَهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ، وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=709238 "لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا، ثُمَّ اتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي، لَضَلَلْتُمْ". وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- إِذَا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، إِنَّمَا يَحْكُمُ فِيهِمْ بِكِتَابِ رَبِّهِمْ، وَسُنَّةِ نَبِيِّهِمْ.
فَأَيُّ حَاجَةٍ لَهُمْ مَعَ هَذَا إِلَى
الْخِضِرِ وَغَيْرِهِ؟
وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَخْبَرَهُمْ بِنُزُولِ
عِيسَى مِنَ السَّمَاءِ، وَحُضُورِهِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ:
"كَيْفَ تَهْلِكُ أُمَّةٌ أَنَا أَوَّلُهَا، وَعِيسَى فِي آخِرِهَا؟".
فَإِذَا كَانَ النَّبِيَّانِ الْكَرِيمَانِ، اللَّذَانِ هُمَا مَعَ
nindex.php?page=treesubj&link=31851_31908_31828إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَنُوحٍ أَفْضَلُ الرُّسُلِ، وَمُحَمَّدٌ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، وَلَمْ يَحْتَجِبُوا عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِأَعْوَانِهِمْ، وَلَا خَوَاصِّهِمْ، فَكَيْفَ يَحْتَجِبُ عَنْهُمْ مَنْ لَيْسَ مِثْلَهُمْ؟!!
وَإِذَا كَانَ
الْخَضِرُ حَيًّا دَائِمًا، فَكَيْفَ لَمْ يَذْكُرِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَلِكَ قَطُّ، وَلَا أَخْبَرَ بِهِ أُمَّتَهُ وَلَا خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ؟!
وَقَوْلُ الْقَائِلِ: إِنَّهُ نَقِيبُ الْأَوْلِيَاءِ، فَيُقَالُ لَهُ: مَنْ وَلَّاهُ النِّقَابَةَ؟ وَأَفْضَلُ الْأَوْلِيَاءِ أَصْحَابُ
مُحَمَّدٍ، وَلَيْسَ فِيهِمُ
الْخَضِرُ.
وَغَايَةُ مَا يُحْكَى فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْحِكَايَاتِ، بَعْضُهَا كَذِبٌ، وَبَعْضُهَا مَبْنِيٌّ عَلَى ظَنِّ رِجَالٍ، مِثْلُ: شَخْصٌ رَأَى رَجُلًا ظَنَّ أَنَّهُ
الْخَضِرُ، وَقَالَ: إِنَّهُ
الْخَضِرُ، كَمَا أَنَّ
الرَّافِضَةَ تَرَى شَخْصًا تَظُنُّ أَنَّهُ الْإِمَامُ الْمُنْتَظَرُ الْمَعْصُومُ، أَوْ تَدَّعِي ذَلِكَ.
وَرَوَى الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَنَّهُ قَالَ -وَقَدْ ذُكِرَ لَهُ
الْخَضِرُ-: مَنْ أَحَالَكَ عَلَى غَائِبٍ فَمَا أَنْصَفَكَ، وَمَا أَلْقَى هَذَا عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ إِلَّا الشَّيْطَانُ!
وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
[ ص: 36 ] وَأَمَّا إِنْ قَصَدَ الْقَائِلُ بِقَوْلِهِ: الْقُطْبُ الْغَوْثُ، الْفَرْدُ الْجَامِعُ: أَنَّهُ رَجُلٌ يَكُونُ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ، فَهَذَا مُمْكِنٌ.
لَكِنْ مِنَ الْمُمْكِنِ أَنْ يَكُونَ فِي الزَّمَانِ مُتَسَاوِيَانِ فِي الْفَضْلِ، وَثَلَاثَةٌ، وَأَرْبَعَةٌ، وَقَدْ تَكُونُ جَمَاعَةٌ، بَعْضُهُمْ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ مِنْ وَجْهٍ، وَتِلْكَ الْوُجُوهُ إِمَّا مُتَقَارِبَةٌ وَإِمَّا مُتَسَاوِيَةٌ.
ثُمَّ إِذَا كَانَ فِي الزَّمَانِ رَجُلٌ هُوَ أَفْضَلُ أَهْلِ الزَّمَانِ، فَتَسْمِيَتُهُ بِالْقُطْبِ الْغَوْثِ الْجَامِعِ بِدْعَةٌ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ، وَلَا تَكَلَّمَ بِهَذَا أَحَدٌ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا.
وَمَا زَالَ السَّلَفُ يَظُنُّونَ فِي بَعْضِ النَّاسِ أَنَّهُ أَفْضَلُ، أَوْ مِنْ أَفْضَلِ أَهْلِ زَمَانِهِ، وَلَا يُطْلِقُونَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ الَّتِي مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ، لَا سِيَّمَا مِنَ الْمُنْتَحِلِينَ بِهَذَا الِاسْمِ، مَنْ يَدَّعِي أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَقْطَابَ هُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=35الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- ثُمَّ تَسَلْسَلَ الْأَمْرُ إِلَى مَا دُونَهُ، إِلَى بَعْضِ مَشَايِخِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَهَذَا لَا عَلَى مَذْهَبِ
أَهْلِ السُّنَّةِ، وَلَا عَلَى مَذْهَبِ
الرَّافِضَةِ.
فَأَيْنَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ، nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرُ، nindex.php?page=showalam&ids=7وَعُثْمَانُ، nindex.php?page=showalam&ids=8وَعَلِيٌّ، وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ؟
nindex.php?page=showalam&ids=35وَالْحَسَنُ عِنْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ قَدْ قَارَبَ بَيْنَ التَّمْيِيزِ وَالِاحْتِلَامِ.
وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْأَكَابِرِ مِنَ الشُّيُوخِ الْمُنْتَحِلِينَ لِهَذَا: أَنَّ الْقُطْبَ الْفَرْدَ الْجَامِعَ يَنْطَبِقُ عِلْمُهُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقُدْرَتُهُ عَلَى قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَيَعْلَمُ مَا يَعْلَمُ اللَّهُ، وَيَقْدِرُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ اللَّهُ.
وَزَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ كَذَلِكَ، وَأَنَّ هَذَا انْتَقَلَ عَنْهُ إِلَى الْحَسَنِ، وَتَسَلْسَلَ إِلَى شَيْخِهِ.
فَبَيَّنْتُ أَنَّ هَذَا كُفْرٌ صَرِيحٌ، وَجَهْلٌ قَبِيحٌ، وَأَنَّ دَعْوَى هَذَا فِي رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُفْرٌ، دَعْ مَا سِوَاهُ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=50قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ [الْأَنْعَامِ: 50] وَقَالَ تَعَالَى:
[ ص: 37 ] nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=188قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ [الْأَعْرَافِ: 188] الْآيَةَ، وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَا هُنَا الْآيَةَ، وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنَ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرِ كُلَّهُ لِلَّهِ [آلِ عِمْرَانَ: 154] وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=127لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=128لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ [آلِ عِمْرَانَ: 127 128] وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=56إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [الْقَصَصِ: 56].
وَاللَّهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أَمَرَنَا أَنْ نُطِيعَ رَسُولَهُ، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=80مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَأَمَرَنَا أَنْ نَتَّبِعَهُ فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=31قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهَ .
وَأَمَرَنَا أَنْ نُعَزِّرَهُ، وَنُوَقِّرَهُ، وَنَنْصُرَهُ، وَجَعَلَ لَهُ مِنَ الْحُقُوقِ مَا بَيَّنَهُ فِي كِتَابِهِ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، حَتَّى أَوْجَبَ عَلَيْنَا أَنْ يَكُونَ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيْنَا مِنْ أَنْفُسِنَا وَأَهْلِينَا فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ [الْأَحْزَابِ: 6] وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=24قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهِ بِأَمْرِهِ [التَّوْبَةِ: 24].
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=650014 "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ". nindex.php?page=hadith&LINKID=656142وَقَالَ لَهُ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا نَفْسِي، فَقَالَ: "لَا يَا nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ" قَالَ: فَلَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، قَالَ: "الْآنَ يَا nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ".
وَقَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=657068 "ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: 1- مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، 2- وَمَنْ كَانَ يُحِبُّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، 3- وَمَنْ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ".
وَقَدْ بَيَّنَ فِي كِتَابِهِ حُقُوقَهُ الَّتِي لَا تَصْلُحُ إِلَّا لَهُ، وَحُقُوقَ رُسُلِهِ، وَحُقُوقَ
[ ص: 38 ] الْمُؤْمِنِينَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، كَمَا بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=52وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ فَالطَّاعَةُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ، وَالْخَشْيَةُ وَالتَّقْوَى لِلَّهِ وَحْدَهُ.
وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=59وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهُ رَاغِبُونَ [التَّوْبَةِ: 59] فَالْإِيتَاءُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ، وَالرَّغْبَةُ لِلَّهِ وَحْدَهُ.
وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ؛ لِأَنَّ الْحَلَالَ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَالْحَرَامَ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ.
وَأَمَّا التَّحَسُّبُ فَهُوَ لِلَّهِ وَحْدَهُ، كَمَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=173وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَلَمْ يَقُلْ: حَسْبُنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ.
وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=64يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الْأَنْفَالِ: 64] أَيْ: يَكْفِيكَ اللَّهُ، وَيَكْفِي مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ؛ وَلِهَذَا كَانَتْ كَلِمَةُ
إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ -عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=173حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ .
وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى خَيْرِ خَلْقِهِ سَيِّدِنَا
مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.