الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ما تورثه القباب والقبور المشيدة المزخرفة

من الأوهام في نفوس القبوريين

وكل عاقل يعلم أن لزيادة الزخرفة للقبور، وإسبال الستور الرائعة عليها، وتسريجها والتأنق في تحسينها - تأثيرا في طبائع غالب العوام، ينشأ عنه التعظيم والاعتقادات الباطلة، وهكذا إذا استعظمت نفوسهم شيئا مما يتعلق بالأحياء. وبهذا السبب اعتقدت كثير من الطوائف الإلهية في أشخاص كثيرة.

ورأيت في بعض كتب التاريخ: أنه قدم رسول لبعض الملوك على بعض خلفاء بني العباس، فبالغ الخليفة في التهويل على ذلك الرسول، وما زال أعوانه ينقلونه من رتبة إلى رتبة، حتى وصل إلى المجلس الذي يقعد الخليفة في برج من أبراجه، وقد جمل ذلك المنزل بأبهى الآيات، وقعد فيه أبناء الخلفاء، وأعيان الكبراء، وأشرف الخليفة من ذلك البرج، وقد انخلع قلب ذلك الرسول مما رأى.

فلما وقعت عيناه على الخليفة، قال لمن هو قابض على يده من الأمراء : أهذا الله؟ فقال ذلك الأمير: بل هذا خليفة الله.

فانظر ما صنع ذلك التحسين بقلب هذا المسكين!

وروي لنا أن بعض أهل جهات القبلة وصل إلى القبة الموضوعة على قبر الإمام أحمد بن الحسين صاحب ذي بين -رحمه الله- فرآها وهي مسرجة [ ص: 58 ] بالشمع، والبخور ينفح في جوانبها، وعلى القبر الستور الفائقة، فقال -عند وصوله إلى الباب-: أمسيت بالخير يا أرحم الراحمين.

التالي السابق


الخدمات العلمية