إسلام ويب - فتح الباري شرح صحيح البخاري - كتاب المغازي - باب غزوة العشيرة أو العسيرة- الجزء رقم7
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب المغازي باب غزوة العشيرة أو العسيرة قال ابن إسحاق أول ما غزا النبي صلى الله عليه وسلم الأبواء ثم بواط ثم العشيرة
3733 حدثني nindex.php?page=showalam&ids=15241عبد الله بن محمد حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17282وهب حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق nindex.php?page=hadith&LINKID=653655كنت إلى جنب nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم فقيل له كم غزا النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة قال nindex.php?page=treesubj&link=29312_29308تسع عشرة قيل كم غزوت أنت معه قال سبع عشرة قلت فأيهم كانت أول قال العسيرة أو العشير فذكرت لقتادة فقال العشير
[ ص: 326 ]
[ ص: 326 ] قوله : ( بسم الله الرحمن الرحيم . كتاب المغازي . باب غزوة العشيرة ) : بالشين المعجمة كذا لأبي ذر ، ولغيره تأخير البسملة عن قوله : " كتاب المغازي " وزادوا " باب nindex.php?page=treesubj&link=29312غزوة العشيرة أو العسيرة " بالشك هل هي بالإهمال أو بالإعجام ، مكانها عند منزل الحج بينبع ، وليس بينها وبين البلد إلا الطريق . وخرج في خمسين ومائة وقيل : مائتين ، واستخلف فيها nindex.php?page=showalam&ids=233أبا سلمة بن عبد الأسد . والمغازي جمع مغزى ، يقال : غزا يغزو غزوا ومغزى والأصل غزوا والواحدة غزوة والميم زائدة ، وعن ثعلب الغزوة المرة والغزاة عمل سنة كاملة ، وأصل الغزو القصد ، ومغزى الكلام مقصده ، والمراد بالمغازي هنا ما وقع من قصد النبي - صلى الله عليه وسلم - الكفار بنفسه أو بجيش من قبله ، وقصدهم أعم من أن يكون إلى بلادهم أو إلى الأماكن التي حلوها حتى دخل مثل أحد والخندق .
قوله : ( قال ابن إسحاق : nindex.php?page=treesubj&link=29309أول ما غزا النبي - صلى الله عليه وسلم - الأبواء ثم بواط ثم العشيرة ) كذا للأكثر ، وسقط لأبي ذر إلا عن المستملي وحده لكنه ذكره آخر الباب ، والأبواء بفتح الهمزة وسكون الموحدة وبالمد قرية من عمل الفرع بينها وبين الجحفة من جهة المدينة ثلاثة وعشرون ميلا ، قيل : سميت بذلك لما كان فيها من الوباء وهي على القلب وإلا لقيل : الأوباء ، والذي وقع في مغازي ابن إسحاق ما صورته : nindex.php?page=treesubj&link=29309غزوة ودان بتشديد المهملة ، قال : وهي أول غزوات النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج من المدينة في صفر على رأس اثني عشر شهرا من مقدمه المدينة يريد قريشا ، فوادع بني ضمرة بن بكر بن عبد مناة من كنانة ، وادعه رئيسهم مجدي بن عمرو الضمري ورجع [ ص: 327 ] بغير قتال . قال ابن هشام : وكان قد استعمل على المدينة سعد بن عبادة ا هـ . وليس بين ما وقع في السيرة وبين ما نقله nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن ابن إسحاق اختلاف ; لأن الأبواء وودان مكانان متقاربان بينهما ستة أميال أو ثمانية ، ولهذا وقع في حديث الصعب بن جثامة " وهو بالأبواء أو بودان " كما تقدم في كتاب الحج ، ووقع في " مغازي الأموي " حدثني أبي عن ابن إسحاق قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=3503075خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - غازيا بنفسه حتى انتهى إلى ودان وهي الأبواء . وقال nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة : nindex.php?page=hadith&LINKID=3503076أول غزوة غزاها النبي - صلى الله عليه وسلم - - يعني بنفسه - الأبواء . وفي nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=3503077أول غزاة غزوناها مع النبي الأبواء .
وأخرجه البخاري في " التاريخ الصغير " عن nindex.php?page=showalam&ids=12427إسماعيل وهو ابن أبي أويس عن كثير بن عبد الله مقتصرا عليه ، وكثير ضعيف عند الأكثر ، لكن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري مشاه وتبعه الترمذي ، وذكر أبو الأسود في مغازيه عن عروة ووصله ابن عائذ من حديث ابن عباس " nindex.php?page=hadith&LINKID=3503078أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وصل إلى الأبواء بعث عبيدة بن الحارث في ستين رجلا فلقوا جمعا من قريش فتراموا بالنبل ، فرمى nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص بسهم ، وكان nindex.php?page=treesubj&link=31438أول من رمى بسهم في سبيل الله " وعند الأموي : nindex.php?page=hadith&LINKID=3503079يقال إن nindex.php?page=treesubj&link=31604حمزة بن عبد المطلب أول من عقد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الإسلام راية ، وكذا جزم به nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة وأبو معشر nindex.php?page=showalam&ids=15472والواقدي في آخرين قالوا : وكان حامل رايته أبو مرثد حليف حمزة ، وذلك في شهر رمضان من السنة الأولى ، وكانوا ثلاثين رجلا ليعترضوا عير قريش ، فلقوا أبا جهل في جمع كثير ، فحجز بينهم مجدي .
وأما بواط فبفتح الموحدة وقد تضم وتخفيف الواو وآخره مهملة : جبل من جبال جهينة بقرب ينبع ، قال ابن إسحاق . ثم nindex.php?page=treesubj&link=29310غزا في شهر ربيع الأول يريد قريشا أيضا حتى بلغ بواط من ناحية رضوى ورجع ولم يلق أحدا ، ورضوى بفتح الراء وسكون المعجمة مقصور : جبل مشهور عظيم بينبع ، قال ابن هشام : وكان استعمل على المدينة nindex.php?page=showalam&ids=3321السائب بن عثمان بن مظعون ، وفي نسخة السائب بن مظعون ، وعليه جرى السهيلي ، وقال الواقدي : nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ .
وأما nindex.php?page=treesubj&link=29312العشيرة فلم يختلف على أهل المغازي أنها بالمعجمة والتصغير وآخرها هاء ، قال ابن إسحاق : هي ببطن ينبع ، وخرج إليها جمادى الأولى يريد قريشا أيضا ، فوادع فيها بني مدلج من كنانة . قال ابن هشام : استعمل فيها على المدينة أبا مسلمة بن عبد الأسد . وذكر الواقدي أن هذه السفرات الثلاث كان يخرج فيها ليلتقي تجار قريش حين يمرون إلى الشام ذهابا وإيابا ، وسبب ذلك أيضا أنها كانت وقعة بدر وكذلك السرايا التي بعثها قبل بدر كما سيأتي ، قال ابن إسحاق : ولما رجع إلى المدينة لم يقم إلا ليالي حتى nindex.php?page=treesubj&link=29360أغار كرز بن جابر الفهري على سرح المدينة ، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في طلبه حتى بلغ سفران - بفتح المهملة والفاء - من ناحية بدر ، فقاتله كرز بن جابر ، وهذه nindex.php?page=treesubj&link=29311هي بدر الأولى ، وقد تقدم في العلم البيان عن nindex.php?page=treesubj&link=32361سرية عبد الله بن جحش وأنه ومن معه لقوا ناسا من قريش راجعين بتجارة من الشام فقاتلوهم ، واتفق وقوع ذلك في رجب ، فقتلوا منهم وأسروا وأخذوا الذي كان معهم ، وكان أول قتل وقع في الإسلام وأول مال غنم ، وممن قتل عبد الله بن الحضرمي أخو عمرو بن الحضرمي الذي حرض به أبو جهل قريشا على القتال ببدر ، وقال الزهري : nindex.php?page=treesubj&link=29299أول آية نزلت في القتال كما أخبرني عروة عن عائشة nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=39أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وإسناده [ ص: 328 ] صحيح ، وأخرج هو nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وصححه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال nindex.php?page=hadith&LINKID=3503080 " لما خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة قال أبو بكر : أخرجوا نبيهم ، ليهلكن . فنزلت nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=39أذن للذين يقاتلون الآية . قال ابن عباس : فهي أول آية أنزلت في القتال " وذكر غيره أنهم أذن لهم في قتال من قاتلهم بقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=190وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ثم أمروا بالقتال مطلقا بقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=41انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا الآية .
قوله : ( حدثنا وهب ) هو ابن جرير بن حازم ، وأبو إسحاق هو السبيعي .
قوله : ( فقيل له ) القائل هو الراوي أبو إسحاق بينه nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق كما سيأتي آخر المغازي بلفظ " سألت nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم " ويؤيده أيضا قوله في هذه الرواية آخرا " فأيهم " .
قوله : ( تسع عشرة ) كذا قال ومراده nindex.php?page=treesubj&link=29308الغزوات التي خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها بنفسه سواء قاتل أو لم يقاتل ، لكن روى أبو يعلى من طريق nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن جابر أن عدد الغزوات إحدى وعشرون وإسناده صحيح وأصله في مسلم ، فعلى هذا ففات nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم ذكر ثنتين منها ولعلهما nindex.php?page=treesubj&link=29310_29309الأبواء وبواط ، وكأن ذلك خفي عليه لصغره ، ويؤيد ما قلته ما وقع عند مسلم بلفظ " قلت : ما أول غزوة غزاها ؟ قال : nindex.php?page=treesubj&link=29312ذات العشير أو العشيرة " ا هـ والعشيرة كما تقدم هي الثالثة ، وأما قول ابن التين : يحمل قول nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم على أن العشيرة أول ما غزا هو ، أي nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم ، فقلت : ما أول غزوة غزاها أي وأنت معه ؟ قال : العشير ، فهو محتمل أيضا ، ويكون قد خفي عليه ثنتان مما بعد ذلك . أو عد الغزوتين واحدة ، فقد قال nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة : nindex.php?page=hadith&LINKID=3503081 " قاتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه في ثمان : بدر ثم أحد ثم الأحزاب ثم المصطلق ثم خيبر ثم مكة ثم حنين ثم الطائف " ا هـ وأهمل nindex.php?page=treesubj&link=29327غزوة قريظة ؛ لأنه ضمها إلى الأحزاب لكونها كانت في إثرها ، وأفردها غيره لوقوعها منفردة بعد nindex.php?page=treesubj&link=30828هزيمة الأحزاب ، وكذا وقع لغيره عد الطائف وحنين واحدة لتقاربهما ، فيجتمع على هذا قول nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم وقول جابر ، وقد توسع ابن سعد فبلغ عدة المغازي التي خرج فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه سبعا وعشرين ، وتبع في ذلك الواقدي ، وهو مطابق لما عده ابن إسحاق إلا أنه لم يفرد وادي القرى من خيبر ، أشار إلى ذلك السهيلي ، وكأن الستة الزائدة من هذا القبيل ، وعلى هذا يحمل ما أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قال nindex.php?page=hadith&LINKID=3503082 " غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعا وعشرين " وأخرجه يعقوب بن سفيان عن سلمة بن شبيب عن عبد الرزاق فيه أن سعيدا قال أولا ثماني عشرة ثم قال أربعا وعشرين ، قال الزهري : فلا أدري أوهم أو كان شيئا سمعه بعد . قلت : وحمله على ما ذكرته يدفع الوهم ويجمع الأقوال والله أعلم . وأما nindex.php?page=treesubj&link=29339البعوث والسرايا فعد ابن إسحاق ستا وثلاثين وعد الواقدي ثمانيا وأربعين . وحكى nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي في " التلقيح " ستا وخمسين ، وعد المسعودي ستين ، وبلغها شيخنا في " نظم السيرة " زيادة على السبعين ، ووقع عند nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في " الإكليل " أنها تزيد على مائة فلعله أراد ضم المغازي إليها .
قوله : ( قلت فأيهم كان أول ) ؟ كذا للجميع ، قال ابن مالك : والصواب " فأيها " أو " أيهن " ووجهه بعضهم على أن المضاف محذوف والتقدير فأي غزوتهم ؟ قلت : وقد أخرجه الترمذي عن محمود بن غيلان عن nindex.php?page=showalam&ids=17282وهب بن جرير بالإسناد الذي ذكره المصنف بلفظ " قلت : فأيتهن " ؟ فدل على أن التعبير من nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أو من [ ص: 329 ] شيخه عبد الله بن محمد المسندي أو من شيخه nindex.php?page=showalam&ids=17282وهب بن جرير حدث به مرة على الصواب ومرة على غيره إن لم يصح له توجيه .
قوله : ( العشير أو العشيرة ) كذا بالتصغير والأول بالمعجمة بلا هاء والثانية بالمهملة وبالهاء ، ووقع في الترمذي العشير أو العسير بلا هاء فيهما .
قوله : ( فذكرت لقتادة ) القائل هو شعبة ، وقول قتادة " العشيرة " هو بالمعجمة وبإثبات الهاء ومنهم من حذفها ، وقول قتادة هو الذي اتفق عليه أهل السير وهو الصواب ، وأما غزوة العسيرة بالمهملة فهي nindex.php?page=treesubj&link=30875غزوة تبوك قال الله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=117الذين اتبعوه في ساعة العسرة وسميت بذلك لما كان فيها من المشقة كما سيأتي بيانه ، وهي بغير تصغير ، وأما هذه فنسبت إلى المكان الذي وصلوا إليه واسمه العشير أو العشيرة يذكر ويؤنث وهو موضع ، وذكر ابن سعد أن المطلوب في هذه الغزاة هي عير قريش التي صدرت من مكة إلى الشام بالتجارة ففاتتهم ، وكانوا يترقبون رجوعها فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يتلقاها ليغنمها ، فبسبب ذلك كانت وقعة بدر ، قال ابن إسحاق : فإن السبب في nindex.php?page=treesubj&link=29313غزوة بدر ما حدثني يزيد بن رومان عن عروة أن أبا سفيان كان بالشام في ثلاثين راكبا منهم مخرمة بن نوفل nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرو بن العاص ، فأقبلوا في قافلة عظيمة فيها أموال قريش ، فندب النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم ، وكان أبو سفيان يتجسس الأخبار فبلغه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استنفر أصحابه بقصدهم ، فأرسل ضمضم بن عمرو الغفاري إلى قريش بمكة يحرضهم على المجيء لحفظ أموالهم ويحذرهم المسلمين فاستنفرهم ضمضم ، فخرجوا في ألف راكب ومعهم مائة فرس ، واشتد حذر أبي سفيان فأخذ طريق الساحل وجد في السير حتى فات المسلمين ، فلما أمن أرسل إلى من يلقى قريشا يأمرهم بالرجوع ، فامتنع أبو جهل من ذلك ، فكان ما كان من وقعة بدر .