الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
في هذه السنة أتى سيل بمكة فذهب بالحجاج ، وكان يحمل الإبل عليها الأحمال والرجال ما لأحد فيهم حيلة ، وغرقت بيوت مكة ، وبلغ السيل الركن ، فسمي ذلك العام الجحاف .
وفي هذه السنة وقع بالبصرة طاعون الجارف .
ذكر nindex.php?page=treesubj&link=33754_33730غزوة المهلب ما وراء النهر
في هذه السنة قطع المهلب نهر بلخ ونزل على كش ، وكان على مقدمته أبو الأدهم الزماني في ثلاثة آلاف ، وهو في خمسة آلاف ، وكان أبو الأدهم يغني غناء ألفين في البأس والتدبير والنصيحة ، فأتى المهلب وهو نازل على كش ابن عم ملك الختل ، فدعاه إلى غزو الختل ، فوجه معه ابنه يزيد ، وكان اسم ملك الختل الشبل ، فنزل يزيد ونزل ابن عم الملك ناحية ، فبيته الشبل وأخذه فقتله ، وحصر يزيد قلعة الشبل ، فصالحوه على فدية حملت إليه ، ورجع يزيد عنهم ، ووجه المهلب ابنه حبيبا فوافى صاحب بخارى في أربعين ألفا ، فنزل جماعة من العدو قرية ، فسار إليهم حبيب في أربعة آلاف فقتلهم وأحرق القرية ، فسميت المحترقة ، ورجع حبيب إلى أبيه .
وأقام المهلب بكش سنتين ، فقيل له : لو تقدمت إلى ما وراء ذلك . فقال : ليت حظي من هذه الغزاة سلامة هذا الجند وعودهم سالمين .
[ ص: 482 ] ولما كان المهلب بكش أتاهم قوم من مضر ، فحبسهم بها ، فلما رجع أطلقهم ، فكتب إليه الحجاج : إن كنت أصبت بحبسهم ، فقد أخطأت بإطلاقهم ، وإن كنت أصبت بإطلاقهم ، فقد ظلمتهم إذ حبستهم . فكتب المهلب : خفتهم وحبستهم ، فلما أمنتهم خليتهم . وكان فيمن حبس عبد الملك بن أبي شيخ القشيري .
وصالح المهلب أهل كش على فدية يأخذها منهم ، وأتاه كتاب nindex.php?page=showalam&ids=12582ابن الأشعث بخلع الحجاج ويدعوه إلى مساعدته ، فبعث بكتابه إلى الحجاج وأقام بكش .
ذكر nindex.php?page=treesubj&link=33754_33730تسيير الجنود إلى رتبيل مع nindex.php?page=showalam&ids=12582عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث
قد ذكرنا حال المسلمين حين دخل بهم ابن أبي بكرة بلاد رتبيل ، واستأذن الحجاج عبد الملك في تسيير الجنود نحو رتبيل ، فأذن له عبد الملك في ذلك ، فأخذ الحجاج في تجهيز الجيش ، فجعل على أهل الكوفة عشرين ألفا ، وعلى أهل البصرة عشرين ألفا ، وجد في ذلك ، وأعطى الناس أعطياتهم كملا ، وأنفق فيهم ألفي ألف سوى أعطياتهم ، وأنجدهم بالخيل الرائقة والسلاح الكامل ، وأعطى كل رجل يوصف بشجاعة وغناء ، منهم عبيد بن أبي محجن الثقفي وغيره .
فلما فرغ من أمر الجندين بعث عليهم nindex.php?page=showalam&ids=12582عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ، وكان الحجاج يبغضه ويقول : ما رأيته قط إلا أردت قتله . وسمع nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ذلك من الحجاج ذات يوم فأخبر عبد الرحمن به ، فقال : والله لأحاولن أن أزيل الحجاج عن سلطانه . فلما أراد الحجاج أن يبعث عبد الرحمن على ذلك الجيش أتاه إسماعيل بن الأشعث فقال له : لا تبعثه ، فوالله ما جاز جسر الفرات فرأى لوال عليه طاعة ، وإني أخاف خلافه . فقال الحجاج : هو أهيب لي من أن يخالف أمري . وسيره على ذلك الجيش ، فسار بهم حتى قدم سجستان ، فجمع أهلها فخطبهم ثم قال : إن الحجاج ولاني ثغركم ، وأمرني بجهاد [ ص: 483 ] عدوكم الذي استباح بلادكم ، فإياكم أن يتخلف منكم أحد ، فتمسه العقوبة .
فعسكروا مع الناس وتجهزوا ، وسار بأجمعهم ، وبلغ الخبر رتبيل ، فأرسل يعتذر ويبذل الخراج ، فلم يقبل منه ، وسار إليه ودخل بلاده ، وترك له رتبيل أرضا أرضا ، ورستاقا رستاقا ، وحصنا حصنا ، وعبد الرحمن يحوي ذلك ، وكلما حوى بلدا بعث إليه عاملا ، وجعل معه أعوانا ، وجعل الأرصاد على العقاب والشعاب ، ووضع المسالح بكل مكان مخوف ، حتى إذا جاز من أرضه [ أرضا ] عظيمة ، وملأ الناس أيديهم من الغنائم العظيمة - منع الناس من الوغول في أرض رتبيل ، وقال : نكتفي بما قد أصبناه العام من بلادهم حتى نجبيها ونعرفها ، ويجترئ المسلمون على طرقها ، وفي العام المقبل نأخذ ما وراءها إن شاء الله - تعالى - حتى نقاتلهم في آخر ذلك على كنوزهم وذراريهم وأقصى بلادهم ، حتى يهلكهم الله - تعالى - .
ثم كتب إلى الحجاج بما فتح الله عليه ، وبما يريد أن يعمل .
وقد قيل في إرسال عبد الرحمن غير ما ذكرنا ، وهو أن الحجاج كان قد ترك بكرمان هميان بن عدي السدوسي ، يكون بها مسلحة إن احتاج إليه عامل سجستان والسند ، فعصى هميان ، فبعث إليه الحجاج عبد الرحمن بن محمد ، فحاربه فانهزم هميان ، وأقام عبد الرحمن بموضعه . ثم إن nindex.php?page=showalam&ids=16518عبيد الله بن أبي بكرة مات ، وكان عاملا على سجستان ، فكتب الحجاج لعبد الرحمن عهده عليها ، وجهز إليه هذا الجيش ، فكان يسمى جيش الطواويس لحسنه .
ذكر عدة حوادث
nindex.php?page=treesubj&link=33754وحج بالناس هذه السنة nindex.php?page=showalam&ids=11795أبان بن عثمان ، وكان أمير المدينة . وكان على العراق والمشرق الحجاج ، وكان على خراسان المهلب من قبل الحجاج ، وكان على قضاء البصرة موسى بن أنس ، وعلى قضاء الكوفة أبو بردة .
[ ص: 484 ] [ الوفيات ]
وفي هذه السنة nindex.php?page=treesubj&link=34064مات nindex.php?page=showalam&ids=12313أسلم مولى عمر بن الخطاب . وفيها توفي nindex.php?page=showalam&ids=11811أبو إدريس الخولاني . وفيها nindex.php?page=treesubj&link=34064مات nindex.php?page=showalam&ids=166عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وقيل سنة أربع ، وقيل سنة خمس ، وقيل سنة ست وثمانين ، وقيل سنة تسعين . وفيها nindex.php?page=treesubj&link=34064قتل nindex.php?page=showalam&ids=17115معبد بن عبد الله بن عكيم الجهني الذي يروي حديث الدباغ ، وهو أول من قال بالقدر في البصرة ، قتله الحجاج ، وقيل : قتله nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان بدمشق .
وفيها nindex.php?page=treesubj&link=34064توفي nindex.php?page=showalam&ids=12691محمد بن علي بن أبي طالب ، وهو ابن الحنفية . وفيها nindex.php?page=treesubj&link=34064توفي nindex.php?page=showalam&ids=15656جنادة بن أبي أمية ، وله صحبة ، وكان على غزو البحر أيام معاوية كلها . وفيها nindex.php?page=treesubj&link=34064مات nindex.php?page=showalam&ids=256السائب بن يزيد بن أخت النمر ، وقيل : سنة ست وثمانين ، ولد على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - . وفيها توفي nindex.php?page=showalam&ids=16072سويد بن غفلة ، ( بفتح الغين المعجمة والفاء ) .
وفيها توفي nindex.php?page=showalam&ids=51عبد الله بن أبي أوفى ، وهو آخر من مات من الصحابة بالكوفة . nindex.php?page=showalam&ids=15622وجبير بن نفير بن مالك الحضرمي ، أدرك الجاهلية ، وليس له صحبة .