الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            وقال أحمد ، في قوم اقتسموا دارا كانت أربعة سطوح ، يجري عليها الماء ، فلما اقتسموا أراد أحدهم منع جريان ماء الآخر عليه ، وقال : هذا شيء قد صار لي . قال : إن كان بينهما شرط أنه يرد الماء ، فله ذلك فإن لم يشترط ، فليس له منعه ووجهه أنهم اقتسموا الدار وأطلقوا ، فاقتضى ذلك أن يملك كل واحد حصته بحقوقها ، وكما لو اشتراها بحقوقها ، ومن حقها جريان مائها في ماء كان يجري إليه معتاد له ، وهو على سطح المانع ، فلهذا استحقه حالة الإطلاق ، فإن تشارطا على رده ، فالشرط أملك ، والمؤمنون على شروطهم .

                                                                                                                                            وقال أبو الخطاب : إذا اقتسما دارا ، فحصل الطريق في نصيب أحدهما ، وكان لنصيب الآخر منفذ يتطرق منه ، وإلا بطلت القسمة ; وذلك لأن القسمة تقتضي التعديل ، والنصيب الذي لا طريق له لا قيمة له إلا قيمة قليلة ، فلا يحصل التعديل ، ولأن من شرط الإجبار على القسمة ، أن يكون ما يأخذه كل واحد منهما يمكن الانتفاع به ، وهذا لا ينتفع به آخذه ، فإن كان قد أخذه راضيا به ، عالما بأنه لا طريق له ، جاز ; لأن قسمة التراضي بيع ، وشراؤه على هذا الوجه جائز ، وقياس المسألة التي قبل هذه ، أن الطريق تبقى بحالها في نصيب الآخر ، ما لم يشترط صرفها عنه ، كمجرى الماء . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية