الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4902 5198 - حدثنا عثمان بن الهيثم، حدثنا عوف، عن أبي رجاء، عن عمران، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار، فرأيت أكثر أهلها النساء". تابعه أيوب وسلم بن زرير. [انظر: 3241 - مسلم: 2738 - فتح: 9 \ 298].

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 25 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 25 ] ثم ساق حديث ابن عباس في الخسوف. وفيه: "يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان".

                                                                                                                                                                                                                              وقد سلف في بابه ، وبعضه في الإيمان، وكلاهما من طريق مالك.

                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق حديث أبي رجاء، عن عمران، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء".

                                                                                                                                                                                                                              وهو بمعنى حديث أسامة السالف قريبا، وذكره في صفة الجنة ، والرقاق . وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي .

                                                                                                                                                                                                                              وأبو رجاء اسمه عمران بن ملحان، جاهلي أسلم يوم الفتح، وكان عالما، عاملا، معمرا، نبيلا، من القراء، وعاش مائة وعشرين سنة، وتوفي في خلافة عمر بن عبد العزيز، وقيل: في سنة ثمان ومائة، وقيل: سنة سبع عشرة ومائة .

                                                                                                                                                                                                                              وشيخ البخاري عثمان بن الهيثم هو أبو عمرو، وجده جهم بن عيسى بن حسان بن المنذر العبدي، بصري، مؤذن بجامعها، مات سنة عشرين ومائتين، روى له البخاري وحده .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 26 ] فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وسمي الزوج عشيرا; لأنه يعاشرهن، كما سمي حليلا; لأنه يحاللها في موضع واحد، وإنما استحققن النار بكفرهن العشير; من أجل أنهن يكثرن ذلك الدهر كله، ألا ترى أنه - عليه السلام - قد فسره فقال: "لو أحسنت إلى إحداهن الدهر" لجازت ذلك بالكفران الدهر كله، فغلب استيلاء الكفران على دهرها، فكأنها مصرة أبدا على الكفر، والإصرار أكبر أسباب النار.

                                                                                                                                                                                                                              وفي الحديث: تعظيم حقه عليها، ويجب عليها شكره والاعتراف بفضله; لستره لها وصيانتها وقيامه بمئونتها وبذله نفسه في ذلك; ومن أجل هذا فضل الله الرجال على النساء في غير موضع من كتابه فقال: الرجال قوامون على النساء [النساء: 34]. وقال: وللرجال عليهن درجة [البقرة: 228]. وقد أمر - عليه السلام - من أسديت إليه نعمة أن يشكرها، فكيف نعم الزوج التي لا تنفك المرأة منها دهرها كله، وشكر المنعم واجب; لقوله عليه السلام: "من أسديت إليه نعمة فليشكرها" وقال تعالى: أن اشكر لي ولوالديك [لقمان: 14]. فقرن تعالى شكره بشكر الآباء، وقد يكون شكرها في نشرها وفي أقل من ذلك، فيجري فيه الإقرار بالنعمة، والمعرفة بقدر الحاجة.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 27 ] فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: أن الكسوف والزلازل والآيات الحادثة إنما هي كما قال تعالى: وما نرسل بالآيات إلا تخويفا [الإسراء: 59] وأمره - عليه السلام - عند رؤيتها بالفزع إلى الصلاة دل على أنها تصرف النقم وتعصم من المحن; إذ هي أفضل الأعمال وأولى ما أقبل عليه في البكر والآصال.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وقوله في الحديث: (رأيناك يا رسول الله تكعكعت). أي: رجعت وراءك، وأصله من كع الرجل إذا جبن انقبض على الشيء، وكاع مثله. وقال ابن دريد: لا يقال: كاع عن الأمر، وإن كانت العامة تقوله.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية