الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              877 [ 454 ] وعن أبي سعيد الخدري ، قال : لم نعد أن فتحت خيبر ، فوقعنا - أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تلك البقلة - الثوم - ، والناس جياع ، فأكلنا منها أكلا شديدا ، ثم رحنا إلى المسجد ، فوجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الريح ، فقال : من أكل من هذه الشجرة الخبيثة شيئا فلا يقربنا في المسجد ، فقال الناس : حرمت ، حرمت . فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا أيها الناس! إنه ليس بي تحريم ما أحل الله لي ، ولكنها شجرة أكره ريحها .

                                                                                              رواه أحمد (3 \ 60 - 61)، ومسلم (565)، وأبو داود (3833) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله : من هذه الشجرة الخبيثة ، أي : المستكرهة المنتنة . ولما سمع الصحابة هذا الذم ظنوا أنها قد حرمت ، فصرحوا به ، وكأنهم فهموا هذا من إطلاق الخبيثة عليها مع ما قد سمعوا من قول الله تعالى : ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث [ الأعراف : 157 ] فيبين لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - : أن إطلاق الخبيث لا يلزم منه التحريم ; إذ قد يراد به ما لا يوافق عادة واستعمالا ، وعند هذا لا يصح للشافعي الاحتجاج بقوله تعالى : ويحرم عليهم الخبائث على تحريم ما يستخبث عادة كالحشرات وغيرها ; إذ الخبائث منقسمة إلى مستخبث عادة ، وإلى مستخبث شرعا . ومراده تعالى في الآية : المستخبثات الشرعية ; إذ قد أباح البصل والثوم مع أنها مستخبثة ، وحرم الخمر والخنزير وإن كان قد يستطاب ، والله أعلم .

                                                                                              [ ص: 169 ] وقوله : إنه ليس لي تحريم ما أحل الله لي ; يرد قول أهل الظاهر بتحريم أكل الثوم ; لأجل منعه من حضور الجماعة التي يعتقدون فرضها على الأعيان ، وكافة العلماء على خلافهم .




                                                                                              الخدمات العلمية