الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              991 [ 511 ] وعن ابن عمر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله .

                                                                                              رواه البخاري (525)، ومسلم (626) (200)، وأبو داود (414 و 415)، والترمذي (175)، والنسائي (1 \ 238)، وابن ماجه (685) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله : " كأنما وتر أهله وماله " ; رويناه : برفع أهله وماله ، ونصبهما . فالرفع على أن وتر بمعنى : نزع وأخذ ، ومحمول عليه ، فيكون " أهله " هو المفعول الذي لم يسم فاعله ، وماله معطوف عليه ، والنصب : حمل لوتر على سلب ، وهو يتعدى إلى مفعولين بنفسه ; تقول : سلب زيد ثوبه ، فتقيم الأول مقام الفاعل ، وتترك الثاني منصوبا على حاله . وقد اختلفوا في تأويل هذا الحديث ، فذهب ابن وهب إلى أن هذا [إنما هو] لمن لم يصلها في الوقت المختار ، وقاله [ ص: 252 ] الداودي . فيكون معناه على هذا : إن ما فاته من الثواب يلحقه عليه من الأسف والحزن مثل ما يلحق من أخذ ماله وأهله منه . وذهب الأصيلي : إلى أن هذا الفوات إنما هو بغروب الشمس ، فيكون معناه على هذا : ما قاله أبو عمر : إنه يكون بمنزلة الذي يصاب بأهله وماله إصابة يطلب بها وترا ، فلا يلحقه ، فيجتمع عليه غم المصاب ، وغم مقاضاة طلب الوتر . وقال الداودي : معناه : أنه يجب عليه من الأسف والاسترجاع مثل الذي يمسه عذاب من وتر أهله وماله ; لأنه أتى بكبيرة يجب عليه الندم والأسف لأجلها . وقيل : هذا الفوات هو أن يؤخرها إلى أن تصفر الشمس ، [وقد روي مفسرا من رواية الأوزاعي في الحديث ; قال فيه : وجوابها أن تدخل الشمس] صفرة . وأما تخصيص هذا بالعصر ، فقال أبو عمر : يحتمل أن جوابه فيه على سؤال سائل عن العصر ، وعلى هذا يكون حكم من فاتته صلاة من الصلوات كذلك . وقيل : خصت بذلك : لكونها مشهودة للملائكة عند تعاقبهم ، وعلى هذا يشاركها في ذلك الصبح ; إذ الملائكة يتعاقبون فيها . وقيل : خصت بذلك [تأكيدا وحضا على المثابرة عليها ; لأنها صلاة تأتي في وقت اشتغال الناس . وعلى هذا فالصبح أولى بذلك] ; لأنها تأتي وقت النوم . ويحتمل أن يقال : إنما خصت بذلك لأنها الصلاة الوسطى ، كما سيأتي . وقد جاء في البخاري : من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله . قال الداودي : ليس ذلك خاصا بالعصر ، بل ذلك حكم غيرها من الصلوات . وسيأتي الكلام على الحبط إن شاء الله تعالى .




                                                                                              الخدمات العلمية