الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              71 [ 40 ] وعن عبد الله بن مسعود ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ما من نبي بعثه الله تعالى في أمة قبلي ، إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب ; يأخذون بسنته ، ويقتدون بأمره ، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ، ويفعلون ما لا يؤمرون ; فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل

                                                                                              رواه أحمد ( 1 \ 458 ) ، ومسلم ( 50 ) .

                                                                                              .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله : " ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي ، إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب ") أي : ما من رسول من الرسل المتقدمة ، ويعني بذلك : غالب الرسل [ ص: 235 ] لا كلهم ; بدليل قوله - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الآخر الذي أخبر فيه عن مجيء الأنبياء في أممهم يوم القيامة ; فإنه قال فيه : يأتي النبي ومعه الرجل والرجلان ، ويأتي النبي وليس معه أحد ; فهذا العموم - وإن كان مؤكدا من بعد النفي ، فهو مخصص بما ذكرناه .

                                                                                              والحواريون : جمع حواري ، وهم خلصان الأنبياء ، الذين أخلصوا في حب أنبيائهم ، وخلصوا من كل عيب ، وحوارى الدقيق : الدقيق الذي نخل ; قاله الأزهري . وقال ابن الأنباري : هم المختصون المفضلون ، وسمي خبز الحوارى ; لأنه أشرف الخبز . وقيل : هم الناصرون للأنبياء ; كما قال - عليه الصلاة والسلام - : لكل نبي من أمته حواريون ، وحواري الزبير . وقيل في حواري عيسى خمسة أقوال : قيل : هم البيض الثياب ، وقيل : المبيضون لها ، وقيل : المجاهدون ، وقيل : الصيادون ، وقيل : المخلصون .

                                                                                              والأصحاب : جمع صحب ، كفرخ وأفراخ ; قاله الجوهري ، وقال غيره : [ ص: 236 ] أصحاب عند سيبويه : جمع صاحب ; كشاهد وأشهاد ، وليس جمع صحب ; لأن فعلا لا يجمع على أفعال إلا في ألفاظ معدودة ، وليس هذا منها .

                                                                                              والصحبة : الخلطة والملابسة على جهة المحبة ; يقال : صحبه يصحبه صحبة بالضم ، وصحابة بالفتح ، وقد يراد به الأصحاب ، وجمع الصاحب : صحب ; كراكب وركب ، وصحبة بضم الصاد ; كفارة وفرهة ، وصحاب بالكسر ; كجائع وجياع ، وصحبان كشاب وشبان .

                                                                                              و (قوله : " ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف ") الرواية : أنها بهاء التأنيث فقط ، وأعادها على الأمة ، أو على الطائفة التي هي معنى حواريين وأصحاب ، ويحتمل أن يكون ضمير القصة .

                                                                                              والخلوف بضم الخاء : جمع خلف ، بفتح الخاء وسكون اللام ، وهو القرن بعد القرن ، واللاحق بعد السابق ; ومنه قوله تعالى : فخلف من بعدهم خلف [ الأعراف : 169 ] ويقال فيه : خلف ، بفتح اللام ; ومنه قوله - عليه الصلاة والسلام - : يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ، وحكى الفراء الوجهين في الذم ، والفتح في المدح لا غير ، وحكى أبو زيد الوجهين فيهما جميعا .




                                                                                              الخدمات العلمية