الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإذا أخذ الخوارج الخراج وصدقة السوائم لا يثني عليهم ) [ ص: 199 ] لأن الإمام لم يحمهم والجباية بالحماية ، وأفتوا بأن يعيدوها دون الخراج لأنهم مصارف الخراج لكونهم مقاتلة ، والزكاة مصرفها الفقراء وهم لا يصرفونها إليهم . وقيل إذا نوى بالدفع التصدق عليهم سقط عنه ، وكذا الدفع إلى كل جائر لأنهم بما عليهم من التبعات فقراء ، [ ص: 200 ] والأول أحوط .

التالي السابق


( قوله لكونهم مقاتلة ) لأنهم يقاتلون أهل الحرب ( قوله ولا يصرفونها ) أي لا يصرفها الخوارج إلى الفقراء ( قوله وكذا الدفع إلى كل جائر ) قال في المبسوط وما يأخذه ظلمة زماننا من الصدقات والعشور والجزاء والخراج والجبايات والمصادرات فالأصح أن يسقط جميع ذلك عن أرباب الأموال إذا نووا عند الدفع التصدق عليهم ، لأن ما في أيديهم أموال المسلمين وما عليهم من التبعات فوق أموالهم ، فلو ردوا ما عليهم لم يبق في أيديهم شيء فكانوا فقراء انتهى .

وقال ابن مسلمة : يجوز أخذ الصدقة لعلي بن عيسى بن ماهان والي خراسان وكان أميرا ببلخ وجبت عليه كفارة يمين فسأل فأفتوه بالصيام ، فجعل يبكي ويقول لحشمه : إنهم يقولون لي ما عليك من التبعات فوق ما لك من المال فكفارتك كفارة يمين من لا يملك شيئا . وعلى هذا لو أوصى بثلث ماله للفقراء فدفع إلى السلطان الجائر سقط . ذكره قاضي خان في الجامع الصغير . وعلى هذا فإنكارهم على يحيى بن يحيى تلميذ مالك حيث أفتى بعض ملوك المغاربة في كفارة بالصوم غير لازم ، وتعليلهم بأنه اعتبار للمناسب المعلوم الإلغاء غير لازم لجواز أن يكون [ ص: 200 ] للاعتبار الذي ذكرناه من فقرهم لا لكونه أشق عليهم من الإعتاق ليكون هو المناسب المعلوم الإلغاء وكونهم لهم مال وما أخذوه خلطوه به وذلك استهلاك إذا كان لا يمكن تمييزه عنه عند أبي حنيفة فيملكه ويجب عليه الضمان حتى قالوا تجب عليهم فيه الزكاة ويورث عنهم غير ضائر لاشتغال ذمتهم بمثله ، والمديون بقدر ما في يده فقير ( قوله والأول أحوط ) أي الإفتاء بالإعادة بناء على أن علم من يأخذ لما يأخذ شرط ، وهذا يقتضي التعميم في الإعادة للأموال الباطنة والظاهرة سوى الخراج . وقد لا يبتنى على ذلك بل على أن المقصود من شرعية الزكاة سد خلة المحتاج على ما مر وذلك يفوت بالدفع إلى هؤلاء . وقال الشهيد : هذا يعني السقوط في صدقات الأموال الظاهرة ، أما إذا صادره فنوى عند الدفع أداء الزكاة إليه . فعلى قول طائفة يجوز ، والصحيح أنه لا يجوز لأنه ليس للطالب ولاية أخذ زكاة الأموال الباطنة




الخدمات العلمية