الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  208 ( تابعه يونس ، وصالح بن كيسان ، عن الزهري )

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي تابع عقيلا يونس بن يزيد ، وقوله ( يونس ) فاعل "تابع" ، والضمير يرجع إلى عقيل رضي الله تعالى عنه ; لأنه هو الذي يرويه عن محمد بن مسلم الزهري ، ووصله مسلم عن حرملة ، عن ابن وهب ، حدثنا يونس ، عن ابن شهاب به .

                                                                                                                                                                                  قوله ( وصالح بن كيسان ) أي تابع عقيلا أيضا صالح بن كيسان ، ووصله أبو العباس السراج في ( مسنده ) ، وتابعه أيضا الأوزاعي ، أخرجه البخاري في الأطعمة ، عن أبي عاصم عنه بلفظ حديث الباب . ورواه ابن ماجه من طريق الوليد بن مسلم قال : حدثنا الأوزاعي ، فذكره بصيغة الأمر : مضمضوا من اللبن . . الحديث ، وكذا رواه الطبراني من طريق أخرى ، عن الليث بالإسناد المذكور ، وأخرج ابن ماجه من حديث أم سلمة ، وسهل بن سعد مثله ، وإسناد كل منهما حسن .

                                                                                                                                                                                  وفي ( التهذيب ) لابن جرير الطبري : هذا خبر عندنا صحيح ، وإن كان عند غيرنا فيه نظر لاضطراب ناقليه في سنده ، فمن قائل :عن الزهري ، عن ابن عباس ، من غير إدخال عبيد الله بينهما ، ومن قائل :عن الزهري ، عن عبيد الله أن النبي عليه الصلاة والسلام ، من غير ذكر ابن عباس .

                                                                                                                                                                                  وبعد ، فليس في مضمضته عليه الصلاة والسلام وجوب مضمضة ، ولا وضوء على من شربه ، إذا كانت أفعاله غير لازمة العمل بها لأمته إذا لم تكن بيانا عن حكم فرض في التنزيل .

                                                                                                                                                                                  وقال صاحب ( التلويح ) : وفيه نظر من حيث إن ابن ماجه رواه عن عبد الرحمن بن إبراهيم ، حدثنا الوليد بن مسلم ، الحديث ذكرناه الآن ، وفي حديث موسى بن يعقوب عنده أيضا ، وهو بسند صحيح ، قال : حدثني أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة ، عن أبيه ، عن أم سلمة مرفوعا : إذا شربتم اللبن فمضمضوا فإن له دسما . وعنده أيضا من حديث عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد ، عن أبيه ، عن جده ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : مضمضوا من اللبن فإن له دسما . وعند ابن أبي حاتم في ( كتاب العلل ) من حديث أنس : هاتوا ماء ، فمضمض به . وفي حديث جابر رضي الله عنه من عند ابن شاهين : فمضمض من دسمه .

                                                                                                                                                                                  وقال الشيخ أبو جعفر البغدادي الذي رواه أبو داود بسند لا بأس به ، عن عثمان بن أبي شيبة ، عن زيد بن حباب ، عن مطيع بن راشد ، عن توبة العنبري ، سمع أنس بن مالك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب لبنا ، فلم يمضمض ولم يتوضأ وصلى . يدل على نسخ المضمضة .

                                                                                                                                                                                  وقال صاحب ( التلويح ) : يخدش فيه ما رواه أحمد بن منيع في ( مسنده ) بسند صحيح ، حدثنا إسماعيل ، حدثنا أيوب ، عن ابن سيرين ، عن أنس رضي الله تعالى عنه أنه كان يمضمض من اللبن ثلاثا . فلو كان منسوخا لما فعله بعد النبي عليه الصلاة والسلام .

                                                                                                                                                                                  قلت : لا يلزم من فعله هذا ، والصواب في هذا أن الأحاديث التي فيها الأمر بالمضمضة أمر استحباب لا وجوب ، والدليل على ذلك ما رواه أبو داود المذكور آنفا ، وما رواه الشافعي رحمه الله تعالى بإسناد حسن ، عن أنس : أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم شرب لبنا ، فلم يتمضمض ولم يتوضأ .

                                                                                                                                                                                  فإن قلت : ادعى ابن شاهين أن حديث أنس ناسخ لحديث ابن عباس . قلت : لم يقل به أحد ، ومن قال فيه بالوجوب حتى يحتاج إلى دعوى النسخ .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية