الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1024 [ 531 ] وعن أبي برزة ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر حين تزول الشمس ، والعصر يذهب الرجل إلى أقصى المدينة والشمس حية . قال : والمغرب لا أدري أي حين ذكر . وكان يصلي الصبح ، فينصرف الرجل فينظر إلى وجه جليسه الذي يعرف فيعرفه . وكان يقرأ فيها بالستين إلى المائة .

                                                                                              وفي رواية : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤخر العشاء إلى ثلث الليل ، ويكره النوم قبلها ، والحديث بعدها .

                                                                                              رواه البخاري (547)، ومسلم (647) (235 و 237)، وأبو داود (398)، والنسائي (1 \ 246) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله : " والشمس حية " ; أي : بيضاء لم تدخلها صفرة . وقيل : أي لم تذهب حرارتها .

                                                                                              [ ص: 271 ] وقوله : " وكان يكره النوم قبلها ، والحديث بعدها " . أما كراهة النوم قبلها ; فلما يخاف من غلبة النوم ، فيفوت وقتها ، أو أفضل وقتها المستحسن ، وقال بهذا جماعة ; منهم : ابن عمر ، وابن عباس ، وغيرهم [ وهو مذهب مالك ، ورخص فيه بعضهم ; منهم : علي ، وأبو موسى ، وغيرهم ] . وهو مذهب الكوفيين ، واشترط بعضهم : أن يجعل معه من يوقظه للصلاة ، وروي عن ابن عمر مثله ، وإليه ذهب الطحاوي . وأما كراهة الحديث بعدها ; فلما يؤدي إليه من السهر ، ومخافة غلبة النوم آخر الليل ، فينام عن قيام آخر الليل ، وربما ينام عن صلاة الصبح .

                                                                                              قلت : ويظهر لي : أن كراهة ذلك إنما هو لما أن الله جعل الليل سكنا - أي : يسكن فيه - ، فإذا تحدث الإنسان فيه فقد جعله كالنهار الذي هو متصرف المعايش ، فكأنه قصد إلى مخالفة حكمة الله تعالى التي أجرى عليها وجوده . وقيل : يكره ذلك ; لئلا نلغو في كلامنا ، أو نخطئ فيه ، فيختم عملنا بعمل سيئ ، أو بقول سيئ . والنوم أخو الموت ، أو لعله يكون فيه الموت ، والله تعالى أعلم . وقيل : كره ذلك لتراح الكتبة الكرام . وقد كان بعض السلف يقول لمن أراد أن يتحدث بعد العشاء : أريحوا الكتبة . وهذه الكراهة تختص بما لا يكون من قبيل القرب ، والأذكار ، وتعلم العلم ، ومسامرة أهل العلم ، وتعلم المصالح وما شابه ذلك . فقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وعن السلف ما يدل على جواز ذلك ، بل على ندبيته ، والله تعالى أعلم .




                                                                                              الخدمات العلمية